icon
التغطية الحية

احتيال تحت راية الأمم المتحدة: موظفون مزيفون يحتالون على لاجئين سوريين في لبنان

2024.07.09 | 12:11 دمشق

54254
UNHCR تقدم إمكانية إعادة التوطين في بلد ثالث للاجئين الذين لا يمكنهم الاندماج محليًا أو العودة إلى بلدهم الأصلي
 تلفزيون سوريا - إسطنبول
+A
حجم الخط
-A

يتعرض اللاجئون السوريون في دول الجوار لمخاطر متزايدة من عمليات احتيال مرتبطة بإعادة التوطين، حيث يستغل بعض الأفراد اليائسين والباحثين عن المساعدة الشروط الصعبة للجوء للتربح على حسابهم. 

في أواخر أيار 2024، تصاعدت حالات العنصرية ضد اللاجئين السوريين في لبنان، حيث باتت بعض القطاعات تنظر إليهم على أنهم عبء ثقيل يجب التخلص منه.

هذا التوتر جعل حياة السوريين المقيمين هناك معاناة يومية، يواجهون فيها التمييز والعنصرية بشكل متزايد، مما يضعهم في موقف صعب بين البقاء في بلدٍ يرفضهم أو المخاطر التي تنتظرهم في حال عودتهم إلى سوريا، بما في ذلك الاعتقال أو الموت.

في هذا الوقت كان محمد اللاجئ السوري الذي يعيش في ألمانيا، يبحث عن طرق لمساعدة شقيقه وعائلته الذين يقيمون في لبنان على مغادرة البلاد. توصل إلى شخص يزعم أنه يعمل بالأمم المتحدة، وقدم له رقمًا تركيًا يمكن أن يساعد العائلة في القدوم إلى ألمانيا. بعد التواصل معه، أكد المزيد من المعلومات حول خدماته وتمكنه من مساعدة أسرة أخيه على الوصول إلى أوروبا.

محمد يروي لموقع "مهاجر نيوز" ما حدث معه قائلاً: في 11 حزيران/يونيو، كنت أبحث عن شخص يساعدني في إخراج أخي وعائلته من لبنان. بحثت عن منظمات وجهات موثوقة، وتم توجيهي إلى شخص يُزعم أنه يعمل في الأمم المتحدة وقدم المساعدة لعائلة ما، مما سمح لهم بالوصول إلى أوروبا. لم يكن لدي خيار آخر سوى التواصل معه.

محمد يتابع: "رد الرجل بسرعة ورحب بي، وأخبرني أنه يعمل في الأمم المتحدة ويمكنه تسريع طلب التوطين لأخي وعائلته لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان. عرض علي دفع 7 آلاف دولار مقابل الخدمة، يتم تقسيمها إلى ثلاث دفعات. طلبت ضمانات واقترحت تسليم المبلغ لطرف ثالث بعد سفر أخي. لكن الرجل اختفى، وتبين لي أنني تعرضت لمحاولة احتيال غير مكتملة."

بعد ذلك، استمر محمد في متابعة صفحة الرجل على خاصية القصص "Story"، حيث كان ينشر صورًا وملفات لأشخاص تمكن من مساعدتهم في الوصول إلى أوروبا، في محاولة منه للترويج لنفسه.

UNHCR تقدم إمكانية إعادة التوطين في بلد ثالث للاجئين الذين لا يمكنهم الاندماج محليًا أو العودة إلى بلدهم الأصلي، والذين يواجهون خطرًا على حياتهم، حريتهم، سلامتهم، صحتهم، أو حقوقهم الإنسانية الأساسية في البلد الذي يعيشون فيه. يؤكد UNHCR أن فرص إعادة التوطين محدودة للغاية وتتوفر فقط للحالات التي تستوجب الحماية المستمرة خارج بلدهم الأصلي.

إعادة التوطين بـ5 آلاف دولار؟

ربا (اسم مستعار) وزوجها، سوريان يعيشان في لبنان، وقد تواصلا مع شخص يدعي أنه موظف في مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR). وعلى الرغم من رفضه تزويدهم برقمه، أخبرهما بأنه قادر على تسريع طلبهما لإعادة التوطين. بعد أن باعت ربا كل ما تملك واستدانت مبلغًا كبيرًا، طلب الموظف المزعوم منها 5000 دولار لكل شخص، وسلمت له الدفعة الأولى، ولا تزال تنتظر التطورات.

ربا، التي لم تكشف عن اسمها الحقيقي خوفًا من فقدان مساعدة المهرب، قالت إنها تلقت منه أوراقًا تتعلق بملف التوطين، على الرغم من أنها لم تقدم طلبًا سابقًا. وأفادت "مهاجر نيوز" بأن العملية كانت سريعة، حيث طلب المهرب صورة للبطاقة الشخصية، وصورة عن جواز السفر إذا كان متوفرًا، بالإضافة إلى عنوان السكن الحالي، وصور شخصية ومعلومات الاتصال. وأكد لها أنه يساعدها شرط أن تكون مسجلة كلاجئة عبر UNHCR في لبنان، حتى لو لم تقدم طلب إعادة توطين سابقًا.

رغم انتظارها موعد المقابلة لتحديد موعد السفر النهائي واستكمال المبلغ للمهرب، لا تزال ربا تعبر عن قلقها بشأن مدى ثقتها في المهرب. وأجابت على سؤال حول ذلك قائلة: "أدرك أن هذه العملية محفوفة بالمخاطر، ولكن لا يوجد لدي حل آخر. الرجل كان صادقًا حتى الآن، ولكن لا أعرف ما إذا كان سيعود أو لا، وربما سأخسر المال، ولكنني في حالة يأس تام. أنا لا أستطيع البقاء في لبنان، وزوجي سيموت إذا عدنا إلى سوريا، فلا خيار آخر أمامي".

تقوم UNHCR بتحديد اللاجئين المستحقين لإعادة التوطين بعد إجراء المقابلة الأولية معهم، حيث يُعد ملفًا يستند إلى البيانات الموجودة على موقعها الرسمي. من الطبيعي أن يتم قبول طلب إعادة التوطين بعد هذه المرحلة، وعادةً ما لا يتحدث أو يعد "الموظفون المزعومون" عن أي مقابلة.

وتواصل موقع "مهاجر نيوز"، مع أحد هؤلاء الأفراد للاستفسار عن الأسعار والإجراءات، وتم التوجه إلى شخص يستخدم رقمًا تركيًا لخدمات في لبنان. رحب الشخص بالتواصل مباشرةً وأكد أنه موظف بالأمم المتحدة، دون تحديد المنظمة، زاعما أنه قادر على فتح ملف لجوء أو إعادة توطين، مع تسريع السفر إلى الدولة المطلوبة خلال 3 أشهر بكلفة 5000 دولار للشخص الواحد.

ويتم التواصل مع "الموظف المزعوم" عادةً عبر تطبيقات مثل WhatsApp، Facebook، وحتى TikTok، حيث يتم ترويج خدماتهم بشكل مباشر عبر مقاطع الفيديو على TikTok أحيانًا، مع الاهتمام بعدم إظهار وجوههم واستخدام أرقام جديدة للاتصال. يتم تقديم خدمات كفتح ملفات لجوء أو إعادة توطين إلى بلدان مثل كندا، بريطانيا، ألمانيا، النمسا، النرويج، وهولندا، وتحديد ثلاث دفعات للمبلغ المطلوب دون تقديم ضمانات.

بالنسبة لطرق الدفع، يتم تقديم الخدمة عبر التحويل البنكي إلى تركيا أو لبنان، بالإضافة إلى الحوالات البنكية الأخرى التي يتم التعامل بها.

كيف تتعامل الأمم المتحدة مع هذه الحالات؟

يبدو أن هؤلاء المحتالين لا يعملون فقط في لبنان، بل أيضًا في الأردن وتركيا، حيث تم اعتقال ثلاثة متورطين في مثل هذه العمليات بالأردن بالفعل. تتعامل الأمم المتحدة مع هذه الظاهرة بجدية، وتبذل جهوداً لمكافحة هذا النوع من الاحتيال، خاصة بعد تلقيها شكاوى متكررة حول هذا الموضوع. هذا ما أوضحته ليزا أبو خالد، مسؤولة الاتصالات المساعدة في مفوضية اللاجئين في لبنان لـ"مهاجر نيوز".

مسؤولة الاتصالات أوضحت في تصريحات لموقع مهاجر نيوز أن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تدرك وجود مخططات استغلال تتعلق بإعادة التوطين. تهدف هذه المخططات إلى استهداف اللاجئين باستخدام وسائل مختلفة منها وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال عروض بالخدمات أو المساعدة أو إعادة التوطين مقابل المال أو أنشطة أخرى غير مشروعة. تقوم المفوضية بالإبلاغ عن مثل هذه الممارسات إلى السلطات المختصة وتطبق إجراءات وقائية وتوعوية لحماية مجتمع اللاجئين.

وأشارت المسؤولة إلى أن المفوضية تعمل على التنسيق مع السلطات اللبنانية وتبادل المعلومات حول هذه الممارسات الاحتيالية المحتملة. كما نصحت اللاجئين بالتقدم بشكاوى رسمية إلى السلطات اللبنانية المختصة في حال تعرضوا للاحتيال، وتقدم لهم المفوضية الدعم اللازم بشأن الإجراءات القانونية والآثار ذات الصلة.