ملخص:
- أزمة البطاطا تعود مجدداً إلى الأسواق السورية مع ارتفاع الأسعار إلى أكثر من 15 ألف ليرة للكيلوغرام.
- تبادل الاتهامات بين الفلاحين والتجار و"الحكومة" حول المسؤولية عن الأزمة التي أثقلت كاهل المواطن السوري.
- ارتفاع كلفة إنتاج البطاطا بسبب ارتفاع أسعار البذار في السوق السوداء وزيادة تكاليف المحروقات وأجور العمال.
- الطلب الكبير على البطاطا في سوريا يتجاوز 50 ألف طن شهرياً، مما يزيد من الضغط على الأسواق في ظل قلة العرض.
- "الحكومة" وجهت لاستيراد بذار البطاطا من القطاع الخاص بعد تعثر مؤسسة إكثار البذار في توفير الكميات المطلوبة.
عادت أزمة البطاطا مجدداً إلى الأسواق في مناطق سيطرة النظام السوري، مع ارتفاع أسعارها إلى مستويات غير مسبوقة تجاوزت الـ15 ألف ليرة للكيلوغرام الواحد.
في ظل هذا الارتفاع الكبير، تبادلت الأطراف المعنية (الفلاحون، التجار، "الحكومة" ممثلة بمؤسسة إكثار البذار) الاتهامات حول المسؤولية عن هذه الأزمة التي تثقل كاهل المواطن السوري.
حمل رئيس مكتب التسويق في الاتحاد العام للفلاحين، أحمد هلال الخلف، في تصريح لصحيفة "الوطن" المقربة من النظام، مسؤولية ارتفاع أسعار البطاطا إلى احتكار التجار للمادة. وأوضح أن هؤلاء التجار يقومون بتخزين البطاطا في البرادات وطرح كميات محدودة لا تكفي لتلبية حاجة السوق المحلية، ما يؤدي إلى زيادة الأسعار بشكل كبير.
وأشار الخلف إلى أن تصدير البطاطا متوقف بناءً على توجيهات "الحكومة"، على عكس بقية أنواع الخضر المسموح بتصديرها، مما يعني أن المشكلة داخلية وليست نتيجة لعوامل خارجية.
تقصير من "إكثار البذار" وارتفاع تكاليف المحروقات
من جانب آخر، لفت الخلف إلى أن كلفة إنتاج البطاطا ارتفعت بشكل ملحوظ، حيث تصل حالياً إلى نحو 6 آلاف ليرة سورية للكيلوغرام من الحقول. وأرجع ذلك إلى اضطرار معظم الفلاحين لشراء بذار البطاطا من السوق السوداء بأسعار مرتفعة جداً، نظراً لعدم كفاية الكميات التي وزعتها "مؤسسة إكثار البذار". بالإضافة إلى ذلك، ساهمت تكاليف المحروقات وأجور اليد العاملة في زيادة الأعباء على الفلاحين، ما انعكس على أسعار المنتج النهائي.
وأكد الخلف أن أكثر من نصف الفلاحين الذين اكتتبوا على بذار البطاطا لم يحصلوا عليها من مؤسسة إكثار البذار خلال الموسم الماضي، ما أجبرهم على التوجه إلى السوق السوداء وشراء البذار بأسعار مرتفعة. ورغم ذلك، كان إنتاج البطاطا وفيراً خلال الموسم الماضي، إذ اعتمد بعض الفلاحين على الكميات المتوفرة في السوق السوداء دون انتظار الكميات التي توزعها المؤسسة.
وأشار إلى أن المساحات المزروعة بالبطاطا حالياً كبيرة، خاصة بعد دخول محافظة درعا بقوة في خط الإنتاج، بعد أن كان إنتاجها أقل خلال الموسم الماضي. بالإضافة إلى ذلك، تمت زراعة مساحات واسعة في ريف حمص وريف حلب، مع استمرار المناطق الرئيسية في إنتاج البطاطا في سوريا مثل الغاب ومحردة وخطاب بريف حماة. وتوقع الخلف أن يكون إنتاج العروة الخريفية القادمة وفيراً، نظراً لتوجه نسبة كبيرة من الفلاحين نحو زراعة البطاطا بسبب قصر موسم إنتاجها، ما قد يساهم في انخفاض أسعارها في الأسواق مستقبلاً.
وفيما يتعلق بالاستهلاك المحلي، أوضح الخلف أن الطلب على البطاطا كبير جداً، حيث تستهلك سوريا شهرياً ما بين 40 و50 ألف طن، وقد يصل الاستهلاك إلى 60 ألف طن. هذا الطلب المرتفع يزيد من الضغط على الأسواق، خاصة مع قلة العرض المتوفر حالياً.
الفلاح يرفع سعر البذار
أما عن دور الفلاح وعلاقته بمؤسسة إكثار البذار، فأشار الخلف إلى أن الأخيرة تعاقدت خلال العام الحالي مع العديد من الفلاحين وأقامت بيوتاً بلاستيكية لهم بهدف تأمين البذار محلياً. إلا أن المؤسسة فوجئت بأن سعر كيلو البذار الذي سيبيعه الفلاح للمؤسسة هو 7500 ليرة سورية، وهو ما لم يكن مرضياً لها، ما أدى إلى تعثر الاتفاق بين الطرفين.
وأضاف الخلف أن حكومة النظام استوردت خلال العام الماضي، في الفترة بين منتصف آذار ومنتصف نيسان، كميات من البطاطا من مصر نظراً لنقص الإنتاج خلال تلك الفترة مع انتهاء العروة الربيعية. لكنه أشار إلى أن البطاطا المستوردة أغلى من المنتجة محلياً، لذا لا يوجد داعٍ لاستيرادها حالياً، خاصة أنها لن تساهم في خفض الأسعار.
وأوضح أن "الحكومة" وجهت هذا العام بأن يتم استيراد بذار البطاطا من قبل القطاع الخاص والتجار، لأن مؤسسة إكثار البذار قد لا تتمكن من توفير كامل احتياجات الفلاحين.
وختم الخلف حديثه بالتأكيد على أنه رغم ارتفاع أسعار البطاطا في السوق المحلية، تبقى أقل مقارنة بدول الجوار، ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في ضعف القدرة الشرائية للمواطن السوري.