أعلن مجلس إدارة اتحاد غرف التجارة السورية نقل صلاحيات ومهام رئيسه، محمد أبو الهدى اللحام، إلى نائبه مازن حمّاد، في خطوة مفاجئة ومخالفة للهيكل الداخلي للاتحاد.
ونقلت مواقع محلية موالية للنظام السوري أن مجلس إدارة اتحاد غرف التجارة توافق بإجماع غرف التجارة بجميع المحافظات على نقل مهام وصلاحيات رئيس الاتحاد رجل الأعمال الدمشقي، محمد أبو الهدى اللحام، إلى نائبه الثاني، مازن حماد، الذي يشغل منصب رئيس غرفة تجارة وصناعة طرطوس.
ويعتبر اختيار الحماد رئيساً لاتحاد غرف التجارة السورية مخالفاً لهيكل الاتحاد، حيث ينص الهيكل الداخلي على أن يكون رئيس غرفة تجارة دمشق رئيساً للاتحاد، ويكون نائباه رئيسي غرفتي تجارة حلب وحمص، ينوب أحدهما عن الرئيس في حال كان المنصب شاغراً.
ويشكل وجود رئيس غرفة تجارة وصناعة طرطوس، مازن الحماد، مخالفة للهيكل الداخلي المعلن، سواء بتنصيبه نائباً للرئيس في وقت سابق، أو اختياره في رئاسة اتحاد غرف التجارة السورية.
ما علاقة إيران؟
في سياق ذلك، كشف موقع "اقتصاد" أن أجهزة المخابرات التابعة للنظام السوري أوعزت لجميع رؤساء غرف التجارة في المحافظات لعقد اجتماع يعزلون بموجبه محمد أبو الهدى اللحام، ونقل صلاحياته ومهامه إلى مازن حماد.
ونقل "اقتصاد" عن مصادر خاصة دون أن يسمها قولها إن من أبرز أسباب اتخاذ هذا الإجراء اتهام محمد أبو الهدى اللحام "بعرقلة التعاون الاقتصادي مع إيران".
وأضافت المصادر أن اللحام ألقى كلمة في مجلس الشعب خلال الجلسة الاستثنائية، الأسبوع الماضي، طالب خلالها بإلغاء العديد من المراسيم الصادرة عن رئيس النظام السوري، فضلاً عن موقفه من الواقع الاقتصادي المتردي، والذي يرى أن سببه هو التضييق على التجار ودفعهم للهجرة من البلاد".
إعلام النظام: إعادة هيكلة الاتحاد وتعزيز حضوره
وقال موقع "سيرياستبس" المحلي والموالي للنظام السوري إن تغير رئيس الاتحاد "يأتي في إطار إعادة هيكلة عمل الاتحاد، وتعزيز حضوره في المشهد الاقتصادي، وخدمة الاقتصاد السوري والفعاليات التجارية والعلاقات الخارجية الاقتصادية والتجارة البينية بين سوريا ومختلف الدول في العالم".
وذكر الموقع أن مازن حماد "يتمتع بقدرات إدارية عالية المستوى، حيث أثبت جدارة من خلال عمله في غرفة تجارة وصناعة طرطوس، التي باتت غرفة مميزة لها حضورها النوعي في مجمل الحياة الاقتصادية وحتى الاجتماعية، وخدمت التجار ومجتمع رجال الاعمال بشكل ممتاز، مما أسهم في تحريك العجلة الاقتصادية، كما كان لها دور مهم في إرساء مفهوم المسؤولية الاجتماعية في المحافظة".
وأشار "سيرياستبس" إلى أن مازن حماد "كان له دور توافقي فعال خلال عمله كنائب لرئيس الاتحاد"، مضيفاً أن "هناك تفاؤلاً بأن تشهد المرحلة المقبلة حضوراً جيداً للاتحاد، وعودة الألق إليه، لا سيما أنه يعتبر أحد الهيئات الاقتصادية المهمة في سوريا والمنطقة، نظراً لعراقته ومكانة التاجر السوري في العالم".
وسبق أن شن الموقع ذاته هجوماً شرساً على رئيس اتحاد غرف التجارة السورية، محمد أبو الهدى اللحام، متهماً إياه بـ "إعلاء مصلحة التجار على مصلحة الوطن والمواطنين"، بالإضافة إلى مقارنته بالرئيس السابق محمد غسان القلاع، الذي كان "أكثر مرونة في التعامل مع هذا الأمر"، وفق "الاقتصادي".
من هو مازن حماد؟
لم يكن لرجل الأعمال مازن أنيس حماد، الذي ينحدر من محافظة طرطوس، أي ذكر قبل عام 2016، وعُرف كمالك ومدير "مجموعة مازن أنيس حماد التجارية"، وصاحب شركة "هيا التجارية للاستيراد والتصدير والتجارة العامة وتعهدات البناء"، ولاحقاً امتلك "صوامع ومستودعات الحمزة للحبوب"، واسمه غير مدرج على قوائم العقوبات الغربية.
أواخر العام 2018، دعم مازن حماد أحد المرشحين في انتخابات مجلس الإدارة المحلية في طرطوس، وهو عاطف حسن، لكنه لم ينجح، ودفعه للطعن بنتيجة الانتخابات وإعادتها في 18، لينجح من جديد، ويحصل على منصب عضو مجلس محافظة طرطوس.
وزعم عاطف حسن حينها أن دعم مازن حماد له كان بسبب "شهامة الأصدقاء، والقناعة بالدولة وسيادة القانون"، وأشاد به كرجل أعمال يسعى إلى "تنمية القطاع الخاص"، في حين يؤكد كثيرون أن الدعم الذي حظي به حسن من حماد كان لتسهيل حصول الأخير على الصفقات والمناقصات من مجلس المحافظة.
في تشرين الثاني من العام 2019، منحت وزارة الكهرباء في حكومة النظام السوري تراخيص لخمسة مستثمرين لتوليد 2308 كيلو واط من الكهرباء، مرتبطة بشبكة التوزيع اعتماداً على المصادر المتجددة، كان من بينهم مازن حماد، الذي حصل على الترخيص في محافظة طرطوس، بقيمة 10 ملايين دولار، وبطاقة 5 ميغا واط على ثلاث مراحل، وكان مشروعه الأكبر بين المشاريع الخمسة.
بعد حصوله على الترخيص، ظهر اسم مازن حماد بعد تسببه باعتقال الصحفي كنان وقاف، في أيلول 2020، من قبل قسم "فرع مكافحة جرائم المعلوماتية" في طرطوس، وذلك بعد يوم واحد من نشر تحقيق في صحيفة "الوحدة" التابعة للنظام، حول فساد وهدر للمال العام في مؤسسة الكهرباء، وعقود مشبوهة وقعتها الشركة مع شركة حماد.
وتحدث الصحفي كنان وقاف، في تحقيقه المنشور بعنوان "كهرباء طرطوس محطات كهروضوئية.. فساد موصوف واختراع اسمه الكهرباء"، عن المحسوبية التي تمارس لصالح بعض المستثمرين، والهدر المالي الضخم في بيانات الصرف الصادرة عن المؤسسة، وعقود مشبوهة مع شركة حماد لتوريد الطاقة الشمسية.
في تموز من العام 2021، تعرض مازن حماد لمحاولة اغتيال فاشلة أمام منزله في شارع الحمرات بمدينة طرطوس، حيث تعرضت سيارته لإطلاق نار من قبل مجهولين لاذوا بالفرار، وبقيت الحادثة مجهولة التفاصيل حتى الآن.
في تشرين الأول من العام 2021، أعلن مازن حماد عن "قائمة الأمل"، التي ضمت إلى جانب اسمه سبعة آخرين، للمنافسة في انتخابات غرفة تجارة طرطوس، لتفوز اللائحة بالانتخابات، ويصبح مازن حماد رسمياً رئيس غرفة تجارة طرطوس.
وذكرت مصادر محلية حينها أنه بعد فوز حماد برئاسة غرفة تجارة طرطوس، دارت معركة انتخابية على منصب "أمانة السر" في اتحاد غرف التجارة السورية، بين تيارين، الأول مدعوم من قبل متنفذين ومقربين من النظام السوري، يمثله مازن حماد، وتيار آخر محسوب على إيران ويدعمه عدد من كبار التجار، يمثله رجل الأعمال وسيم قطان.
وكان اتحاد غرف التجارة السورية اختار محمد أبو الهدى اللحام رئيساً له عن الدورة 2020 – 2024، على أن يكون محمد عامر الحموي، رئيس غرفة تجارة حلب، نائبه الأول، وإياد دراق السباعي نائباً ثانياً، قبل أن يصبح السباعي لاحقاً خازناً للاتحاد، ويحل محله مازن حماد كنائب ثانٍ، ليتولى أمس منصب رئيس الاتحاد بدلاً من النائب الأول، كما ينص الهيكل الداخلي.