icon
التغطية الحية

أكياس قماشية بدل الحقائب.. أعباء الموسم الدراسي يخيم على العائلات السورية

2024.09.13 | 11:23 دمشق

744444444442
اللوازم المدرسية في دمشق
دمشق - سارة هاشم
+A
حجم الخط
-A

يعد بدء موسم المدارس في سوريا من أكثر المواسم صعوبة على السوريين المقيمين في مناطق سيطرة النظام السوري، لما تحمله من أعباء مادية وتوتر نفسي على العائلات التي تريد أن تحقق كل المتطلبات لأبنائها من لوازم مدرسية وألبسة وقرطاسية وغير ذلك، في ظل تردي الوضع الاقتصادي.

ورغم مرور أقل من أسبوع على بدء العام الدراسي إلا أن الحديث اليومي للسوريين هو عن ارتفاع أسعار اللوازم المدرسية والقرطاسية لمبالغ ضخمة جداً مقارنة مع دخل السكان في مناطق سيطرة النظام.

كما أن العديد من العائلات لم تؤمن جميع متطلبات أولادها حتى الآن، على أمل أن تنخفض الأسعار ولو قليلاً، فيكون هناك تخفيضات على أسعار الملابس المدرسية وأدوات القرطاسية.

أكياس قماشية بدلاً عن الحقائب

وقال عمار الجليلاتي أحد أصحاب محال القرطاسية في دمشق، إن سعر الحقائب المدرسية اليوم للمرحلة الابتدائية (من الصف الأول حتى السادس) ما بين 500 ألف إلى 700 ألف ليرة بالحد الأدنى، وقد تصل للمليون ليرة للنوعية الممتازة.

وأضاف في حديث لموقع "تلفزيون سوريا" أن سعر الحقائب المدرسية بالنسبة للمرحلة الإعدادية (من الصف السابع حتى التاسع) تبدأ من 800 ألف ليرة وتصل لـ 1.4 مليون ليرة، فيما تصل الحقائب المدرسية للمرحلة الثانوية (من الصف العاشر حتى البكالوريا) لقرابة المليون ونصف ليرة سورية، وهذه الأسعار قد يوجد أرخص منها في الأسواق الشعبية ولكن الجودة متدنية ومصنوعة من قماش رديء لا يتحمل وزن الكتب والدفاتر.

ومع تراجع الأوضاع المعيشية يلجأ الكثير من الناس في سوريا اليوم، لشراء الأكياش القماشية السميكة التي تحمل طبعات ملونة يستطيع الطالب أن يضع بها 4 إلى 6 كتب ودفاتر مع مقلمته ولكنها متعبة للطلبة الصغار وغير نافعة في حال هطول الأمطار؛ الأمر الذي قد يؤدي لتلف الكتب والدفاتر.

ويصل سعر الحقائب أو الأكياس القماشية هذه ما بين 35 ألف ليرة و50 ألف ليرة بحسب النوعية ونقاط البيع بين دمشق وريفها.

الأرخص والأقل جودة

بخصوص الصداري والبدلات المدرسية تختلف الأسعار أيضاً بحسب جودة القماش واسم الشركة المصنعة وغير ذلك، ولكن الصدرية يبدأ سعرها من 300 ألف ليرة وتصل إلى 500 ألف ليرة، والفولار والطاقية تبدأ من 50 ألف ليرة على الأقل، بحسب سوسن الحمصي التي تعمل في أحد محال الملابس المدرسية بدمشق.

وقالت الحمصي لموقع "تلفزيون سوريا"، إن البدلات المدرسية أسعارها أكثر ارتفاعاً، فالناس يقتصر شرائها على قميص وبنطال فقط دون شراء الجاكيت بالنسبة للطلاب الذكور، ويبدأ السعر من نصف مليون ليرة إلى مليون ليرة على الأقل، ولكن قد يشترون البدلة كاملة للبنات وحينها يبدأ السعر من 700 ألف ليرة ويصل إلى مليون و200 ألف ليرة.

وبالنسبة لأسعار الدفاتر والأقلام، شهدت أسعارها أيضاً ارتفاعاً كبيراً مقارنة مع العام الماضي، وعن ذلك قال الجليلاتي إن سعر دفتر الـ 50 ورقة بلغ سعره 16 ألف ليرة، ودفتر الـ 100 ورقة بـ 22 ألف ليرة، ودفتر الـ 200 ورقة بـ 35 ألف ليرة، أما دفاتر السلك فتبدأ من 22 ألف وتصل لـ 100 ألف ليرة بحسب النوعية وعدد الأوراق.

وبيّن أن أسعار الأقلام تختلف بحسب النوعية والجودة والماركة، لكن لا يقل سعر قلم الرصاص العادي اليوم عن 5 آلاف ليرة، والقلم الأزرق الناشف عن 10 آلاف ليرة ثم ترتفع لتصل حتى الـ 18 ألف ليرة للقلم الواحد، والوضع نفسه بالنسبة للممحاة والمبراة، والمقلمة بين 20 ألف و35 ألف ليرة للواحدة.

وتعاني العائلات من صعوبة تأمين المستلزمات المدرسية لأبنائها لأنهم غير قادرين على تأمينها بشكل كامل أو أن تكون ذات جودة ليتمكن الطلبة من استخدامها على مدار العام، خصوصاً بالنسبة للحقيبة والألبسة المدرسية.

الراتب لا يكفي

ورصد موقع تلفزيون سوريا العديد من الآراء بخصوص الأسعار والتأثير النفسي الذي يعود على العائلات وحتى الطلبة مع الوضع المعيشي المتردي وعدم وجود أي تحسن رغم الوعود المستمرة بزيادة المعاشات.

ويبلغ متوسط راتب الموظف في القطاع العام بين 375 و400 ألف ليرة (بين 25 و30 دولاراً)، في حين سيبلغ الحد الأدنى للأجور في القطاعين العام والخاص 280 ألف ليرة (قرابة 20 دولاراً).

وهذا الراتب لا يكفي لشراء صدرية مدرسية فكيف إن كانت الطالب يحتاج لوازم مدرسية كاملة بما في ذلك أسعار الكتب المدرسية، حيث قالت ثناء مبيض، إن "أسعار نسخة الكتب ندفع سعرها بدءاً من الصف السابع ونسخة الكتب للطالب قرابة 120 ألف ليرة، يعني إن عندك ولدين بدك 380 ألف ليرة".

وأضافت مبيض لموقع "تلفزيون سوريا"، أن الناس في سوريا تعبت جداً من حالة الوضع الاقتصادي ولم يعد بالإمكان التحمل، فلولا المساعدة التي تأتينا من الخارج من حين إلى آخر لما تمكنا من تأمين الطعام والدواء شهرياً.

وأردفت مبيض التي تعمل مستخدمة في إحدى المدارس بريف دمشق، أن الراتب لا يتجاوز الـ 290 ألف ليرة سورية، وهو لا يكفي شراء دفاتر وأقلام لولد واحد، فكيف وأنا لدي 3 أولاد وكلهم يحتاجون المستلزمات المدرسية كاملة.

وأشارت إلى أن المدرسة اليوم هي عبأ على كل عائلة في سوريا، طبعاً نتحدث عن التلميذ الذي يدرس في مدرسة حكومية ويصل للمدرسة سيراً على الأقدام، حيث يبدأ سعر التوصيلة ضمن حي المزة بدمشق من 30 ألف ليرة باليوم الواحد في حال كانوا مجموعة طلاب، وقرابة 60 ألف ليرة باليوم إن كان الطفل لوحده.

من جانبه قال محمد عبد الهادي، مهندس في القطاع الخاص، وهو أب لأربعة أبناء، إن تكاليف تأمين مستلزمات الطالب اليوم في سوريا هو عبأ كبير على العائلة، وذات تأثير نفسي سلبي للغاية لأن معظم الناس لا يملكون المال لتأمين الحاجيات الأساسية فكيف بتكاليف التعليم والدروس الخصوصية وغير ذلك.

وأوضح عبد الهادي لموقع تلفزيون سوريا، أن التعليم العام في سوريا تراجع جداً لصالح التعليم الخاص، وأخشى أن يتخذ النظام السوري قرار إغلاق المدارس العامة أو تحويلها لنظام خاص لأنه لا يستطيع الاستمرار بدعم التعليم المجاني.

الدروس الخصوصية

ولفت إلى أن السوريين يعانون من عدم التزام المدرسين بإعطاء المواد بشكل جيد ليجبروا الطلبة على أخذ دروس خصوصية بعد انتهاء الدوام المدرسي، وهذا غير مقبول، لكنه في المقابل الراتب الذي يعطونه للمدرس لا يكفي ثمن غداء ليوم أو يومين بأحسن الأحوال.

وحمل عبد الهادي النظام السوري مسؤولية تراجع التعليم في سوريا، مبيناً أن هناك فشل اقتصادي وخدماتي واضح على جميع المستويات في سوريا وتتحمل حكومة النظام السوري ذلك ولكن من يسمعنا بالتأكيد لا أحد.

وأشار إلى أن أقل ساعة درس خصوص لا تقل عن 25 ألف ليرة سورية وقد تصل لـ 90 ألف ليرة سورية بحسب الصف والاختصاص، فالأسعار الأعلى تكون لدروس الرياضيات والفيزياء والكيمياء واللغات العربية والإنكليزية والفرنسية.

ويسلط هذا الواقع الصعب الضوء على الصورة الكاملة لما يجري في سوريا، حيث أن تأمين تكاليف المدارس والقرطاسية هو مثال عن المعاناة الاقتصادية الشاملة في سوريا ومدى العبء الثقيل الذي يواجهه أولياء الأمور مع بداية العام الدراسي.

وتتصاعد هذه الأزمة في ظل الوعود المتكررة من النظام السوري بتحسين الأوضاع الاقتصادية، لكنها تظل وعودًا فارغة لا تتجسد على أرض الواقع، مما يزيد من الإحباط والتوتر بين العائلات السورية التي تبحث يومياً عن مخرج لأزمتها المعيشية فلا تجد.