أجبر الوضع المعيشي المتردي الذي يعيشه الأهالي في مناطق سيطرة النظام السوري معظم الموظفين إلى البحث عن مصادر دخل ثان غير وظائفهم الاعتيادية، وبات البحث في النفايات وتقاضي "الإكراميات" من أهم مصادر الدخل لعاملي النظافة، على اعتبار أن الراتب الذي يتقاضوه لا يكفي مصاريف الأسرة ليومين.
وقال موقع "أثر برس" المقرب من النظام السوري، إن عمال النظافة أصبحوا يتنقلون بين السيارات ليلاً ليلقوا التحية على أصحابها منتظرين ردها بـ"إكرامية".
ويرفض عمال النظافة تسمية ما يفعلونه بـ"التسول"، كونهم لا يطلبون المال بشكل مباشر ولا يلحون بطلبها كما يفعل المتسولون عادة، ويقول أحد العاملين إن رواتب عمال النظافة يجب ألا تكون هزيلة وأن تكون مجزية بشكل فاعل، لكن ما نحصل عليه كراتب شهري لا يكفي لمصروف يومين لأسرة متوسطة العدد.
وأضاف أن "هناك من يتوقف أحياناً بشكل مفاجئ لينادي على عامل النظافة ويمنحه مبلغاً مالياً كنوع من الشكر، لأننا نعمل في ساعات متأخرة من الليل".
"لولا الإكراميات ونبش القمامة لما استطعنا العيش"
ويزيد عامل آخر على كلام زميله قائلاً: "لولا الإكراميات لما استطعنا وعوائلنا تأمين أبسط مقومات العيش، وإن كان المسؤولون يريدون من عمال النظافة الحفاظ على شوارع المدن نظيفة وخاوية من القمامة، فعليهم أن يجعلوا من راتب عامل النظافة 5 أضعاف على الأقل، وأن يحصل على مكافآت وحوافز ودعم بالمواد الغذائية ما يجعل من راتبه مجزياً ويقيه من حرّ السؤال، حينها قد لا ننتظر إكرامية من هذا أو بقشيشاً من ذاك".
وأشار إلى أن وظيفته كعامل نظافة غير كافية، لذا يقوم بنبش القمامة قبل إفراغها في الحاوية ليبحث عما يمكن إعادة تدويره بهدف بيعه، ويعمل أيضاً على جمع الخبز اليابس في أكياس خاصة لبيعها لتجار الأعلاف.
عمال النظافة بين لقمة العيش ونظرة المجتمع
ولا تقتصر معاناة عمال النظافة في انخفاض الأجور أو التلميح للأهالي لتحصيل "الإكراميات" إنما تصل للتنمر على أولادهم في المدارس.
وأكد عامل نظافة ثالث أن أطفاله في المدرسة يتشاجرون كل يوم تقريباً مع أحدهم زملائهم بسبب مهنته، حيث ينادون أولاده بـ"أبناء الزبال"، ولأن رد الفعل يكون عنيفاً أحياناً من أطفاله، يضطر لمراجعة المدرسة ومقابلة المدير، الذي يطالبه دائماً بضبط أبنائه.
وطالب العامل الأهالي وإدارة المدارس بتوعية الأطفال بأهمية عمل عمال النظافة، وأن يفعلوا ما يلزم لحماية أطفال العاملين من السخرية التي قد تتسبب بكرههم للمدرسة لاحقاً.
أوضاع معيشية متردية
وفي نهاية شهر آذار الماضي، بات متوسط تكاليف معيشة الأسرة السورية المكونة من 5 أفراد، نحو 5.6 ملايين ليرة، حيث ارتفعت تكاليف المعيشة منذ كانون الثاني الماضي بنسبة 41 في المئة، في حين لا يتجاوز الحد الأدنى للرواتب 92 ألف ليرة سورية (نحو 14 دولاراً أميركياً)، ويبلغ وسطيّ المعاشات 150 ألف ليرة.