أرسلت قبل أيام مديريات التربية في كل من حماة وحلب وإدلب قوائم اسمية لمئات المعلمين مرفقة بقرارات تتضمن إنهاء خدمات أولئك المعلمين بسبب بلوغهم السن القانوني لانتهاء الخدمة
وشملت القوائم:
174 معلماً يتبعون لمديرية التربية في إدلب، و99 معلماً يتبعون لمديرية التربية في حلب، و7 معلمين يتبعون لمديرية التربية في حماة.
كما أرسلت المديريات رسائل للمجمعات التربوية التابعة لها تقضي بإلزام مديري المدارس بطلب صور عن الوثائق الشخصية التابعة للمعلمين والمستخدمين بهدف تحديد تاريخ ميلادهم باليوم والشهر، ورفع كتاب إنهاء خدمة في يوم بلوغ المعلم السن القانوني لانتهاء الخدمة ، ذلك تحت طائلة المساءلة في حال التخلف عن رفع كتاب إنهاء الخدمة في موعده.
وقد حددت وزارة التربية السن القانوني لانتهاء الخدمة بـ 60 سنة للمعلمين من خريجي المعاهد، و65 سنة للمعلمين من خريجي الجامعات.
لكن الصدمة الكبرى التي تلقاها المعلمون كانت بإنهاء الخدمة القسري من دون دفع تعويضات أو راتب تقاعدي كما هو معمول به حول العالم وحتى لدى نظام الأسد.
لا تعليق على القرار
حاول موقع تلفزيون سوريا التواصل مع وزارة التربية في حكومة الإنقاذ، للوقوف على حيثيات القرار وسبب إصداره في الوقت الحالي الذي يعاني منه المعلمون من تدني الأجور وعمل الآلاف منهم بشكل طوعي، وعن سبب عدم دفع الرواتب التقاعدية للمعلمين الصادر بحقهم القرار، لكن الوزارة رفضت الإدلاء بأي تصريح بذريعة عدم وجود قرار رسمي رغم وجود قرارات رسمية صادرة عن المديريات التابعة للوزارة ذاتها.
ووفق مراقبين، فإن المفارقة الكبيرة في القرار الذي شدد على إنهاء خدمة المعلم في اليوم الذي يبلغ فيه السن القانوني هو أنه لم يطبق على وزير التربية الذي تجاوز السن القانوني بأربع سنوات.
المعلمون الذين خصهم القرار عبروا عن صدمتهم الكبيرة بالتخلي عن خدماتهم في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشونها خاصة مع تقدمهم في السن وعدم قدرتهم على الانطلاق بمهنة جديدة أو سبيل جديد للعيش.
"خرجت من وظيفتي صفر اليدين بلا أي تعويض"
عبد الفتاح السليمان، موجه تربوي في ثانوية "المتنبي" في إدلب، شمله قرار إنهاء الخدمة، قال لموقع تلفزيون سوريا "منذ 43 عاما وأنا أمسك بالقلم وأقف على السبورة، واليوم خرجت من وظيفتي صفر اليدين بلا أي تعويض".
وأضاف السليمان بأنه اختار مهنة التعليم لكونها من المهن التي تحفظ حق المعلم بعد تقدمه في السن عبر منحه راتباً تقاعدياً بعد سنوات الخدمة الطويلة، لكن ذلك لم يحدث.
واعتبر السليمان أن القرار جائر عبر إنهاء خدمة المعلمين بشكل إلزامي وهو ما يخالف ما كان معمولاً به لدى وزارات التربية السورية سابقاً والتي تبقي على المعلم في الخدمة عندما يطلب هو ذلك ولا يكون التقاعد إلزامياً
أيضاً اشتكى المعلمون من الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشونها وخاصة مع تقدمهم في السن وعجزهم عن شق طريق جديدة خارج السلك التعليمي الذي أمضوا فيه عشرات السنوات.
من جانب آخر، اعتبر البعض أن قرار إنهاء خدمة المعلمين صحيحاً بعد بلوغهم هذا السن، لكن المعلمين كان لهم رأي آخر يتمثل بإحالتهم إلى الوظائف الإدارية ضمن المدارس، كالتوجيه، وأمانة السر، وأمانة المكتبة، والمستودع وغيرها، وإعادة المعلمين من الشباب إلى الفصول الدراسية لما يمتلكوه من طاقة وحيوية تمكنهم من تقديم التعليم للطلاب بالصيغة المثلى.
رواتب المعلمين
هذا وتشهد رواتب المعلمين في مناطق سيطرة المعارضة تدنياً كبيرة، حيث يعمل الآلاف منهم في إدلب بشكل طوعي بلا أجر، بينما يتقاضى المدعومون من قبل المنظمات رواتب لا تتجاوز 150 دولارا أميركياً تعطى خلال العام الدراسي فقط أي لمدة 7 أشهر سنوياً، بينما في مناطق شمال وشرق حلب يتقاضى المعلمون رواتب لا تتجاوز الـ 1100 ليرة تركية في حدها الأعلى، تضررت مع سعر صرف الليرة التركية أمام الدولار وهبطت من ما يقارب الـ 120 إلى 70 دولاراً أميركياً.
كل تلك الأسباب دفعت بمئات المعلمين لترك مهنة التعليم والبحث عن مهنة أخرى تساعدهم على تأمين متطلبات الحياة، ويذكر أن مهنة التعليم كانت من أبرز المهن في سوريا سابقاً حيث كان يقدر راتب المعلم بأكثر من 400 دولار قبل اندلاع الثورة السورية وانهيار العملة المحلية.