هبّ عدد من اللاجئين السوريين "القدامى" في هولندا لمساعدة نظرائهم من القادمين الجدد، في مراكز الإيواء التي أقامتها الحكومة الهولندية لاستقبال طالبي اللجوء، الذين يشكّل السوريون معظمهم وسط معاناة من ظروف "غير إنسانية".
مركز للصليب الأحمر
وفي تقرير لموقع تلفزيون "آر تي في نورد" الهولندية، تحدث عن اللاجئ السوري خلف الخلف الذي يعيش في هولندا منذ سبع سنوات، وبدأ قبل أيام بالعمل في مركز المساعدة التابع للصليب الأحمر، بجوار مركز تقديم الطلبات المكتظ في تير آبل.
يقول خلف بحسب الموقع الهولندي: "أريد مساعدة الآخرين (...)، لقد تلقيت المساعدة في السنوات الماضية".
ويشهد مركز تقديم طلبات اللجوء في تير آبل ازدحاماً كبيراً، وصل إلى حد نوم بعض طالبي اللجوء على الكراسي وفي حديقة المركز، حتى يحين دورهم في عملية تقديم الطلبات أو الذهاب إلى ملجأ آخر.
ويخبر خلف باللغة العربية أحد طالبي اللجوء أن "السيد إريك" (طبيب) سوف يفحص جروحه عن كثب، ويرد إريك: "هذه أكزيما السباحين، لكن هذه الحالة ليست بحاجة للتدخل الفوري"، إذا كان بحاجة ذلك، فسوف يحيل طالبي اللجوء إلى مكتب الطبيب في مركز "COA"، أي مؤسسة إيواء اللاجئين، وفق الموقع الهولندي.
وبحسب الصحيفة يعرف خلف مدى أهمية وجود نقطة اتصال لطالبي اللجوء الجدد، قبل سبع سنوات، وقف هو نفسه أمام بوابة تير آبل بعد فراره من سوريا، أما الآن فلديه تصريح إقامة.
ويقول خلف "يرغب الكثير من الأشخاص في معرفة متى وما هي الخطوات التالية في عملية تقديم الطلب (..) إنه السؤال الأكثر شيوعاً"، مضيفاً "يصل الناس إلى هنا في تير آبل ولا يعرفون ماذا يفعلون.. لذلك فهم سعداء جداً معنا".
ويرى باستيان فان بلوكلاند من الصليب الأحمر أيضاً أن هناك ضرورة لنقطة الخدمة: "يبدو أن هناك حاجة إلى وجود نقطة خدمة إنسانية هنا"، كما يشير إلى أن الصليب الأحمر لديه مثل هذه النقاط في جميع الأماكن التي يمر بها اللاجئون.
"النقطة في تير آبل هي إضافة لما هو متاح هناك ونريد أيضاً أن نكون حاضرين هنا باسم الصليب الأحمر.. بهذه الطريقة يمكننا أن نقدم مساعدة إضافية بالإضافة إلى نقطة الإسعافات الأولية"، كما يقول بلوكلاند.
ويضيف خلف الذي هرب أيضاً من سوريا قبل سنوات: "الناس لديهم مثل قصتي وأنا أعلم أنهم مروا أحياناً برحلة صعبة للغاية.. في بعض الأحيان كان عليهم المشي لأيام للوصول إلى هنا".
ووفقاً للصحيفة الهولندية فإن خلف يساعد الناس كما حصل هو نفسه في ذلك الوقت، ويقول "لهذا السبب أشعر أنني بحالة جيدة في نهاية اليوم.. لقد ساعدت الكثير من الناس وهم يشكروننا على ذلك".
زوجان يحضران الطعام لطالبي اللجوء
من جانبه هبّ الفلسطيني جواد دابابسي (51 عاماً) وزوجته السورية فاطمة نوح (43 عاماً)، لمساعدة اللاجئين أيضاً، وقاما بإعداد الطعام لهم: "هؤلاء الناس يستحقون على الأقل الضروريات الأساسية وهذا يشمل الطعام الجيد".
ينظر الزوجان بقلق إلى الوضع السيئ في مركز تسجيل طالبي اللجوء في تير آبل، "عندما وصلنا إلى هولندا قبل سبع سنوات، تم إيواؤنا في قاعات رياضية. قد لا يكون ذلك مثالياً، لكن حصلنا على كل ما نحتاجه: سرير وحمام وطعام جيد.. ما زلنا ممتنين جداً لذلك"، بحسب ما ذكرت شبكة "إن أو إس" الهولندية.
يريد جواد أن يحصل اللاجئون الذين ينامون الآن بالخارج على الدعم نفسه من الحكومة كما حصل هو وزوجته في ذلك الوقت، ويقول "هذا يجعلنا حزينين.. يجب أن يكون من الممكن ترتيب ملاجئ في كل بلدية، أليس كذلك؟".
يقول دابابسي، إنه وزوجته كانا على اتصال جيد بالهولنديين بعد وصولهما، "لقد دعونا إلى منزلهم ومارسنا الرياضة معاً.. وهذا جعلنا نشعر بالترحيب"، ويساعد الزوجان اللاجئين لأنهم يشعرون بالارتباط بهم وتقول فاطمة نوح إنهم يعرفون "معنى عدم امتلاك منزل".
كما يحاول دابابسي وزوجته طمأنة اللاجئين، يقول: "أقول لهم أن يتحلوا بالصبر، ومن المحتمل أن يكون هناك حل قريباً".
ويضيف أنه غالباً ما يكون الأشخاص الذين يتحدث إليهم حزينين ويائسين، "عندما يتحدثون إلينا، ألاحظ أنهم يهدؤون قليلاً.. من الجيد أن نتمكن من القيام بشيء من أجلهم".
كثير من اللاجئين يساعدون "القادمين الجدد"
تقول روز يكيما من منظمة "MiGreat": إنه "في تير آبل كثير من الأشخاص ذوي الخلفية اللاجئة يقدمون المساعدة للاجئين الجدد، إنهم يعرفون أكثر من غيرهم ما يعنيه أن تكون تحت رحمة الحكومة والمنظمات".
بالإضافة إلى ذلك، فهم يساعدون في الترجمة ويعطون الأمل للأشخاص الذين ينتظرون بحسب يكيما، التي أضافت: "الأشخاص الذين ليس لديهم وضع قانوني يرون مواطناً أصبح هولندياً.. وهذا غالباً ما يكون مطمئناً".
وبالتعاون مع فريق، تقوم يكيما بإعداد الطعام للأشخاص في تير آبل منذ أسبوع، "يجب حل هذه المشكلة في أسرع وقت ممكن.. يجب أن يكون هناك استقبال على نطاق صغير في أماكن مختلفة من البلاد، لأن هذا أمر مهين".
"العطاء يمنحني أكثر من الأخذ"
في بلدة كوليمبورخ في مقاطعة خيلدرلاند، شارك السوري فراس (48 عاماً) في تحضير ملجأ الطوارئ في البلدة لاستقبال طالبي اللجوء.
يعمل فراس، الذي كان لاجئاً قبل بضع سنوات، "مترجماً متطوعاً" في مركز الإيواء المؤقت، وقد جاء فراس إلى هولندا قادماً مع أسرته من لبنان في عام 2016، عبر برنامج إعادة التوطين التابع لمفوضية الأمم المتحدة، ويتكلم العربية ويعمل بجد لإتقان اللغة الهولندية.
يقول فراس: "أكون كوسيط مثلاً في التواصل بين اللاجئين ومدير مركز الإيواء وموظفي الكوا.. غالباً ما أدعم الممرضين الذين يأتون إلى هنا.. ومن المفيد أنني كنت أيضاً ممرضاً في سوريا".
فراس موجود في ملجأ الطوارئ خمسة أيام في الأسبوع لمدة خمس ساعات في اليوم، ويقول: "أشعر بأنني منغمس للغاية في مشكلات هؤلاء الأشخاص (..) بصفتي لاجئاً، أدرك كثيراً مما يمرون به".
يتحدث فراس كثيراً مع طالبي اللجوء في مركز الإيواء، ويقول "كلهم يعرفونني وأنا أعرفهم.. إنهم يشعرون بالكثير من التوتر وأنا أرى ذلك عن قرب. ليس لديهم ما يفعلونه، قلقون كثيراً.. بالإضافة إلى العديد من المخاوف بشأن عائلاتهم".
بحسب ما ذكرت صحيفة "culemborgsecourant" فإن فراس دائماً على استعداد للمساعدة في ملجأ الطوارئ بالإضافة إلى ذلك، يقوم أيضاً بإرشاد اللاجئين الذين يستقرون في كوليمبورخ للتعرف إلى بيئتهم الجديدة، ويقول: "هذا ما أنا موجود من أجله.. التواصل مع الناس (..) هذا هو إكسير حياتي.. شعاري هو: "العطاء يمنحني أكثر من الأخذ".