icon
التغطية الحية

هل يعبّر مثيرو الشغب عن رأي الشعب البريطاني بالهجرة والمهاجرين؟

2024.08.10 | 16:51 دمشق

رجال الشرطة وهم يتصدون لأعمال الشغب في المملكة المتحدة
رجال الشرطة وهم يتصدون لأعمال الشغب في المملكة المتحدة
The Economist - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

يميل البريطانيون للنظر إلى العالم من خلال عدسة واحدة، ألا وهي الطبقة الاجتماعية، لذا فإن أعمال الشغب التي اجتاحت بريطانيا بالنسبة لماثيو غودوين الخبير في اليمين المتطرف كان سببها الغضب الشعبي تجاه "الطبقة الحاكمة الجديدة" أو "الأقلية النخبوية"، التي تريد ألا تفرض أي قيود على الهجرة. في حين تحدث تومي روبنسون، وهو شخص شعبوي تعرض لكثير من الملاحقات القضائية، عن صراع بين "رجال العائلة المجتهدين" و"المؤسسة".

لا غرو أن أسوأ أعمال الشغب وقعت في أفقر القرى والمدن مثل هارتلبول وهول وليفربول وميدلزبره ورثيرهام، وعلى الرغم من أنه لم يحن الوقت بعد لنعرف هوية مثيري الشغب، فإن أحد أوائل من أدينوا بها كان جوشوا سيمبسون، وهو عامل بناء مشرد غير موظف لدى أحد عمره 25 عاماً. ولذلك وصف لي آندرسون، وهو عضو في البرلمان من حزب إصلاح المملكة المتحدة المعادي للهجرة، مثيري الشغب بأنهم: "شبان بريطانيون ينتمون للطبقة العاملة" وبأنهم يعاقرون الخمرة بشكل كبير بسبب ظروفهم.

انقسام كبير

ولكن هل في ذلك ما يشير إلى حالة انقسام طبقي تجاه الهجرة؟ لأن رفض استقبال أعداد كبيرة من المهاجرين يختلف تمام الاختلاف عن التهجم على ضباط الشرطة وعلى الأقليات العرقية، فالرغبة في تقليل أعداد المهاجرين رأي شائع ومحترم، في حين أن البلطجية يمثلون فئة قليلة مرعبة. وتظهر البيانات بأن البريطانيين البيض منقسمون حول التخصصات والمشارب المهنية، لكن ذلك الانقسام ليس مباشراً، كما أنه لا يشبه الانقسام الكبير حول المشارب الأخرى.

كشف استطلاع للرأي أجرته مؤسسة دراسات الانتخابات البريطانية خلال العام الفائت أنه من بين أفراد الدرجة الاجتماعية أ (التي تضم المديرين والموظفين المحترفين من أعلى المستويات)، هنالك 23% يرغبون في تقليل عدد المهاجرين، مقارنة بـ42% ممن ينتمون للدرجة هـ الذين يعملون في أدنى الوظائف والأعمال، أو يعيشون على المعونات. ولكن لا توجد مؤشرات كثيرة تدل على وجود آراء ليبرالية مميزة لدى النخبة، هذا إن كان مصطلح النخبة يشير للأشخاص الذين يعملون في وظائف نخبوية. أي أن جميع فئات الطبقة الوسطى والتي تضم الفئة أ وب وج1، جميعها تشترك بالتفكير نفسه (انظر الجدول):

الانقسامات

السؤال: "هل ترغب في زيادة أعداد المهاجرين أم التقليل منها في بريطانيا؟"

بحسب الدرجة الاجتماعية

بحسب الفئة العمرية

أ               22.6%

18-25    11.7%

ب             21.2%

26-35    16.2%

ج1            23.8%

36-45    22.8%

ج2            35.4%

46-55    29.7%

د               34.0%

56-65     36.8%

هـ              42.1%

+66        40.9%

 

وعليه، كان البيض من الطبقة العاملة أكثر من عارضوا الأمر، ولكن ثمة مشكلة هنا، لأن الفئة ج2 التي تضم الحرفيين المهرة عارضت فكرة الهجرة أكثر من الفئة د (التي تضم العمال من أشباه أصحاب المهارة أو العمال غير المهرة)، وفي ذلك ما يماثل استطلاع الرأي الذي أجري بعد الانتخابات العامة في الرابع من تموز على يد مؤسسة Ipsos والتي اكتشفت بأن الفئة ج2 كانت من أشد الفئات المرشحة للتصويت لحزب إصلاح المملكة المتحدة، أما الحرفيون المهرة فقد شعروا بتهديد أكبر من قبل المهاجرين، لأن لديهم أشياء أكثر قد يخسرونها بوجودهم.

انقسام آخر بحسب الفئات العمرية

وإذا كانت الطبقة الاجتماعية هي من تحدد شكل المواقف بطرق معقدة، فإن الفئة العمرية تفعل ذلك بطريقة أقوى وأشد موثوقية، إذ إن كل فئة عمرية عارضت الهجرة بشكل أشد من الفئة العمرية الأصغر منها، أي أن البون شاسع، لأن من تجاوزوا الخامسة والستين أعربوا عن رغبة كبيرة في تقليل أعداد المهاجرين بنسبة فاقت رغبة الفئة العمرية التي تتراوح ما بين 18-25 بنحو ثلاثة أضعاف. ولهذا قد يفسر العمر بعض الأنماط التي تبديها الطبقات الاجتماعية، لأن الفئة الاجتماعية هـ أكبر سناً من غيرها، ولذلك كان ناجيل فاراج، زعيم حزب إصلاح المملكة المتحدة، يتباهى قبل الانتخابات بفئة الشباب التي تهافتت على حزبه، ولكن في النهاية، لم يرجح أحد لتلك الفئة أن تصوت لحزب إصلاح المملكة المتحدة بنسبة تفوق نسب التصويت لدى غيرها من الفئات العمرية.

وإن كان رأي الشارع والتصويت يعطي مؤشرات مختلفة، فإن هذه ليست المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك، إذ بعد أن هاجم إينوك باول النائب من حزب المحافظين، مسألة الهجرة في خطابه الشهير بخطاب: "أنهار الدم" في عام 1968 خرج كثير من البريطانيين الذين ينتمون للطبقة العاملة في مسيرات تأييداً لهذا الرجل، وعلى رأسهم العاملون في قطاع الموانئ والقصابون. وبعد ظهور نتائج استطلاعات الرأي، تبين وجود نمط مختلف، إذ كشف استطلاع للرأي أجرته مؤسسة NOP بأن 67% من الذين ينتمون للفئة الاجتماعية أ وب وج1، و71% من الذين ينتمون للفئة ج2، و63% من الذين ينتمون للفئة د وهـ يتفقون في الرأي مع باول، ما يعني بأن الجميع تقريباً أعجبوا بهذا الرجل.

واليوم يختلف الشعب البريطاني بمواقفه تجاه الهجرة من دون أن يختلفوا تجاه أعمال الشغب، إذ كشفت استطلاعات الرأي التي أجرتها مؤسسة YouGov بأن 7% فقط من الشعب البريطاني يؤيد تلك الاضطرابات، وبأن 4% فقط يعتقدون بأنه يجب تخفيف الأحكام الصادرة بحق مثيري الشغب بشكل خاص، مع عدم وجود أي فروقات اجتماعية تستحق الذكر، فيما اتفق الجميع على كرههم للبلطجية!

 

المصدر: The Economist