تحدثت وسائل إعلام تركية من بينها صحيفة "أيندليك" المقربة من حزب الوطن اليساري التركي عن عودة اللقاءات الأمنية بين الجانب التركي والنظام السوري، مشيرة إلى انعقاد لقاء أمني جديد في قاعدة حميميم الروسية بوساطة روسية.
وأتت هذه التقارير بعيد تأكيدات رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني عن قيادته وساطة لتقريب وجهات النظر بين أنقرة والنظام السوري.
لا جديد بين تركيا والنظام السوري
علم موقع "تلفزيون سوريا" من مصادر مطلعة على مجريات الحوار بين تركيا والنظام السوري أنه لا جديد بين تركيا والنظام السوري، والأمر مقتصر في الوقت الراهن على رسائل غير مباشرة يجري تبادلها عن طريق الجانب العراقي.
وبحسب المصادر، فإن النظام السوري يرغب بعقد اتفاق متكامل يلتزم من خلاله الجانب التركي بتحديد موعد للانسحاب من الأراضي السورية، وعدم التدخل بالشأن الداخلي السوري، والتعامل مع النظام فقط، الأمر الذي أخر فيما يبدو حدوث تطورات بين الجانبين، حيث تضع تركيا ثلاثة شروط لانسحابها من سوريا، أولها استكمال المفاوضات السياسية لكتابة دستور جديد وإجراء انتخابات، ثم إعادة الاستقرار إلى سوريا.
ولم تحسم إيران حتى الآن موقفها تجاه الوساطة العراقية واستضافة بغداد للمباحثات، حيث تمر طهران بفترة انتقالية وتنتظر إجراء الانتخابات الرئاسية، وما ستسفر عنه من تعيين وزير خارجية جديد سيتولى إدارة الملفات السياسية في المنطقة، بعد مقتل وزير الخارجية السابق حسين أمير عبد اللهيان.
ويدرك النظام السوري أن الهدف الرئيسي لأنقرة من أي تقارب معه هو التزامه بالعمل على تقويض "الإدارة الذاتية" والتصدي لمحاولات تأسيس إدارات مستقلة في سوريا، لكنه سيصطدم في هذه الحالة مع القوات الأميركية التي ترعى مشروع "الإدارة الذاتية"، في وقت يحاول فيه التعاطي بإيجابية مع الرسائل التي تأتيه من الغرب، والزيارات المتكررة لمسؤولين سياسيين وأمنيين أوروبيين إلى دمشق.
عودة اللقاءات غير مستبعدة
من غير المستبعد أن تعود اللقاءات الأمنية بين أنقرة والنظام السوري، خاصة في ظل عدم توصل أنقرة وواشنطن إلى تصور واضح بخصوص حل العقدة الأساسية التي أدت خلال السنوات الماضية إلى تدهور العلاقات الأميركية التركية، والمتمثلة بالدعم الأميركي لـ"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، وتنامي المخاوف التركية من جهود "قسد" الرامية إلى فرض أمر واقع عن طريق إجراء انتخابات محلية لتأسيس حكم محلي منفصل عن المركز.
وكان وزير الخارجية التركي حقان فيدان عقد، في 11 حزيران الجاري، مباحثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على هامش قمة دول بريكس، وناقشا الملف السوري مجدداً.
ويبدو أن أنقرة تظهر امتلاكها الخيارات للتعامل مع احتمالية عدم استجابة واشنطن لمطالبها المتمثلة بمنع "قسد" من إجراء الانتخابات المحلية، بالإضافة إلى تراجع واشنطن عن الدعم الواسع لـ"قسد"، خاصة مع إظهار روسيا رغبتها على تأكيد نفوذها في المنطقة بمواجهة واشنطن عن طريق التقارب مع السودان والعمل على بناء قاعدة في البحر الأحمر، وتعزيز حضورها شرق ليبيا، مما يوحي بأنها احتوت آثار الحرب مع أوكرانيا المدعومة غربياً.
ومن المحتمل أن تزداد فرص عودة الحوار بين أنقرة والنظام السوري، إذا ما دعمت واشنطن بشكل جدي التقارب بين "قسد" والنظام السوري والوصول إلى تفاهمات بين الطرفين تمهيداً لإعادة انتشار القوات الأميركية في المنطقة بحال تصاعدت الهجمات المدعومة إيرانياً مجدداً ضد القواعد الأميركية شمال شرقي سوريا، وعندها قد تفكر أنقرة بالعمل على التأثير في ظروف أي اتفاق محتمل بين "قسد" والنظام من خلال الاقتراب أكثر من طاولة المفاوضات.
عموماً، إن التقارب بين أنقرة والنظام السوري مرتبط بعوامل عديدة، أهمها مستقبل البقاء الأميركي في المنطقة، وهل ستقرر واشنطن بعد الانتخابات الرئاسية الحفاظ على وجودها شمال شرقي سوريا أم ستعيد الانتشار، وهل ستكون إعادة الانتشار منسقة مع أنقرة أم لا، بالإضافة إلى مدى استعداد النظام السوري للعمل المشترك مع أنقرة، وتقبله لدور أنقرة الوسيط في الملف السوري.