وقعت مجموعة من قوات الأسد، اليوم الثلاثاء، في "كمين مسلح" نفذه عناصر يتبعون للمدعو محمد قاسم الصبيحي (أبو طارق)، في محيط بلدة المزيريب غربي درعا.
الكمين أسفر عن مقتل 21 عنصراً، وجرح 5 آخرين، بعضهم من عناصر التسويات التابعين للكتيبة 645، وآخرون من الفرقة الرابعة.
وقال مصدر خاص لموقع تلفزيون سوريا إن قوات الأسد تعرّضت للكمين أثناء توجههم إلى مقر الصبيحي، الذي لا يبعد سوى كيلومتر واحد عن حاجز "الري"، بغية اعتقاله، وذلك بعد أن حصلوا على معلومات تفيد بوجوده داخله.
محاولة اعتقال "الصبيحي" اليوم ليست الأولى، فهو أحد أبرز المطلوبين لقوات الأسد في درعا، كما أنه سبق أن تعرّض لمحاولة اغتيال من خلال عبوة ناسفة، نجا منها بعد أن أصيب بجروح طفيفة.
من هو "الصبيحي"، وما علاقته بمقتل 9 عناصر شرطة في بلدة المزيريب، ولماذا تلاحقه قوات الأسد واشترطت خروجه من درعا مقابل إتمام تسوية مع "اللجنة المركزية"؟ هذا ما سنحاول توضيحه في سياق هذا التقرير.
كيف بدأت الحكاية؟
في السادس من شهر تموز عام 2018، وقّع "الصبيحي" مع مئات العناصر والقادة العسكريين في درعا، على اتفاق تسوية مع قوات النظام، حملت وعوداً بتخفيف القبضة الأمنية والإفراج عن المعتقلين -لم يُنفذ أي منها- مقابل فرض سيطرتها على المحافظة.
ولقرابة عامين، غاب "الصبيحي"، الذي كان قائداً لمجموعة ضمن فصيل يُسمى "لواء الكرامة"، عن المشهد العسكري والمدني في المحافظة، حتى الخامس من أيار 2020، حين عُثر على جثتي ابنه "شجاع" ونسيبه "محمد الصبيحي"، على طريق جعيله _ إبطع في ريف درعا الأوسط، بعد اختطافهما لعدة أيام من قبل مجهولين.
ومباشرة، اتهم "الصبيحي" قوات الأسد بالوقوف خلف اختطاف وقتل ابنه ونسيبه، وعلى إثر ذلك، وفي عملية وُصفت بـ "الانتقامية"، هاجم ومجموعة من عناصره، في اليوم ذاته -5 أيار- مخفر بلدة المزيريب، حيث قتل 9 عناصر من الشرطة "رمياً بالرصاص".
"الصبيحي" لم يكتف بإعدام العناصر الـ 9، بل رمى جثثهم عند "دوار الغبشة" في المزيريب، ليتوارى بعدها عن الأنظار.
بيان "حاد اللهجة"
عقب مقتل عناصر الشرطة مباشرة، أصدرت فعاليات حوران المدنية واللجنة المركزية، بياناً "استنكرت" فيه الهجوم على عناصر الشرطة المدنية، و"تبرأت" من المسؤولين عن الفعل، كما دعا إلى ملاحقة "الصبيحي" والتابعين له "حتى ينال جزاءه".
وجاء في البيان حينئذٍ: "بعيداً عن الدين الحنيف وبعيداً عن عادات وتقاليد أهالي حوران وشيمهم وأعرافهم الذين اتصفوا بالمروءة والنخوة والرجولة، وبطريقة الغدر أقدم المدعو (قاسم الصبيحي أبو طارق) على اقتياد عناصر من الشرطة المدنية التابعين لناحية (المزيريب) إلى منزله بعد إعطائهم الأمان ثم قام بتصفيتهم بدم بارد".
واعتبر البيان أن "هؤلاء العناصر وجدوا لخدمة المواطنين والسهر على تلبية احتياجاتهم من إصدار أوراق ثبوتية وغيرها ولم يعرف عنهم غير كل تصرف وسلوك حميد حسن".
حشود للنظام وتهديد باقتحام المزيريب
في اليوم التالي -6 أيار- حشد نظام الأسد مجموعات كبيرة من قواته في ناحية اليادودة غربي درعا، بهدف توجيهها لاقتحام المزيريب، في حال لم يُسلم "الصبيحي" ومجموعته أنفسهم.
وبعث النظام بوفدٍ عقد اجتماعاً مع اللجنة المركزية، وأعطاهم مهلة لتسليم "الصبيحي"، وإلّا سيتم اقتحام البلدة.
وفي أثناء ذلك، هاجم عدد من عناصر التسويات في المزيريب، منزل "الصبيحي"، في محاولة لإلقاء القبض عليه، وعندما لم يجدوه، أشعلوا النيران في أجزاء من بيته، في محاولة لـ"درء ردود أفعال النظام، وتجنيب المنطقة أي تصعيد عسكري".
وعاشت بلدة المزيريب بعدها شهوراً من التوتر والخوف من اقتحام النظام للبلدة، واعتقال العشرات بحجة البحث عن "الصبيحي" والمتعاونين معه.
وفي مطلع العام الجاري، تعرّض "الصبيحي" لمحاولة اغتيال عبر استهداف سيارته بعبوة ناسفة، على الطريق المؤدي لبلدة المزيريب غربي درعا، ليُصاب على إثرها إصابة طفيفة.
إخراج الصبيحي من درعا "أولوية"
في السادس والعشرين من شهر كانون الثاني الماضي، رفعت روسيا من سقف تهديداتها، إذ وضعت مسلحي فصائل التسوية واللجنة المركزية في درعا أمام خيارين، إما إخراج "المسلحين" أو قصف المنطقة بالطيران الحربي.
وعرضت روسيا حينئذٍ، خلال جولة مفاوضات جرت في ضاحية درعا، بين اللجنة المركزية والوفد الروسي، بحضور ضباط من الفرقة الرابعة، إخراج "الصبيحي" مع 7 آخرين نحو الشمال السوري، ليتم الاتفاق بعدها على إخراجهم إلى المنطقة الشرقية من درعا، بشرط تسليم سلاحهم المتوسط.