تداولت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي منشورات بلغات أجنبية يونانية وإنكليزية وإسبانية وبرتغالية وكورية، تضمنت تسجيلاً مصوراً يظهر طفلة متوفية، ادّعوا أنها توفيت بعد تلقيها اللقاح المضاد لفيروس كورونا، إلا أن التسجيل المصور في الحقيقة يعود لمجزرة ارتكبتها قوات النظام السوري في مدينة أريحا جنوبي إدلب أواخر تشرين الأول من العام الماضي.
ويأتي استخدام الفيديو بهذه الطريقة المضللة لدفع المجتمعات لرفض تلقي لقاحات كوفيد 19 بحجج واهية وإظهار اللقاحات على أنها مميتة، ويتم ذلك في معظم دول العالم عبر نشر الشائعات المغلوطة حول الفيروس ولقاحاته، حتى بات انتشار الشائعات والأخبار الكاذبة يسبق الحقيقة، ويصدقه الكثير من الأشخاص الذين يعتقدون أن فيروس كوفيد 19 هو صناعة حكومات دول معينة وتستخدمه لأغراض اقتصادية في الدرجة الأولى.
منشورات مضللة
وجاء في المنشورات المضللة المرفقة مع الفيديو:
"طفل يبلغ من العمر 11 عامًا يموت بعد تلقي التطعيم. الأب اليائس لا يعرف ماذا يفعل. يتم قتل الأطفال على أيدي شركات الأدوية والسياسيين الفاسدين والصحافة والأطباء، وكل ذلك من الإبادة الجماعية. كل شيء انتهى.."
Po otrzymaniu szczepionki umiera jedenastoletnie dziecko. Zdesperowany ojciec nie wie, co robić. Dzieci są mordowane przez firmy farmaceutyczne, skorumpowanych polityków, prasę i lekarzy, wszyscy ludobójczy. Wszystko sko.. https://t.co/CP7I9IJhOl
— Tomasz Łopaciuk (@orttontl) January 2, 2022
"الأدوية والسياسيون الفاسدون والصحافة والأطباء، وكلها أعمال إبادة جماعية. كلهم فاسدون من قبل النخبة السيكوباتية. ضحايا أبرياء للقاحات... أطفال ضعفاء وعاجزون، يتم تسليمهم حتى الموت من قبل آبائهم. لا تقم بتطعيم طفلك!!!"
"أب يائس بعد 5 دقائق من تلقيح ابنته البالغة من العمر 11 عاماً"
Pai desesperado após 5 minutos q aguardava sua filha de 11 anos ser vacinada. pic.twitter.com/mMD5bhL1Wb
— nalva damsc-🇧🇷🇧🇷🇧🇷 (@nalvvaa) January 3, 2022
"طفل يبلغ من العمر 11 عاماً يموت بعد تلقي التطعيم. الأب اليائس لا يعرف ماذا يفعل. يتم قتل الأطفال كل شيء فاسد من قبل النخبة السيكوباتية. ضحايا أبرياء إذا كان موت الطفل لا يحركك ولا يوقظ روح العدالة والانتقام ، فأنت لست إنسانًا ، بل عدواً جباناً للخالق.
الجحيم في....انتظاركم"
يموت طفل يبلغ من العمر 11 عامًا بعد تلقي حقنة الجلطة الشريرة.. ضحايا أبرياء للقاحات، أطفال ضعفاء وعاجزون، يتم تسليمهم حتى الموت على أيدي آبائهم الذين تعرضوا لغسيل دماغ.
"طفل يبلغ من العمر 11 عاماً يموت بعد تطعيمه"
Nuremberg 2.0
— 🇺🇸Robert.N🇺🇸 (@Rob_Noorollah) January 4, 2022
An 11-year-old child dies after being vaccinated. pic.twitter.com/lUfR6QxbkK
"الموت المأساوي لطفل يبلغ من العمر 11 عاما بعد الحقن، أصيب الأب بالجنون.. من فضلك لا يمكننا السماح للأطفال بفعل ذلك"
مُصور الفيديو يوضح
علي حاج سليمان، المصور السوري الموجود في إدلب، والذي التقطت كاميرته التسجيل المتداول، قال لموقع تلفزيون سوريا إن الفيديو يظهر أحد أقارب الطفلة وهو في حالة انهيار بسبب مقتلها، وأكد حاج سليمان أن من يظهر في الفيديو هو قريب الطفلة، وليس والدها لأن والدها فقد حياته في الاستهداف ذاته.
وأضاف حاج سليمان أن الطفلة ريماس قضت بتاريخ 20 من تشرين الأول من العام الماضي، في مجزرة ارتكبتها قوات النظام السوري وروسيا بقصف مدفعي على مدينة أريحا راح ضحيتها 12 مدنياً بينهم 4 أطفال، وأنه نشر الفيديو بعد يومين بتاريخ 22 من تشرين الأول مرفقاً بتغريدة قال فيها: "مجزرة مروعة في مدينة أريحا جنوب مدينة إدلب شمال غربي سوريا راح ضحيتها 12 قتيلاً بينهم 4 أطفال وسيدة"
A horrific massacre in the city of Ariha, south of the city of Idlib, northwest Syria, which killed 12 people, including four children, a woman,
— Ali Haj Suleiman (@AliHajSuleiman) October 22, 2021
Ariha 20-10-2021 pic.twitter.com/NG6w1iO37c
وأعرب حاج سليمان عن استيائه من استخدام فيديوهات من المأساة السورية والمعاناة التي يعيشها الشعب السوري في دول أخرى ولأغرض ذات نوايا سيئة، كدفع الناس لرفض تلقي لقاح كوفيد 19، الأمر الذي يمكن أن يتسبب بمزيد من الوفيات في تلك البلدان بسبب المعلومات المزيفة والكاذبة.
كما أن المصور علي حاج سليمان هو أول من اكتشف ذلك التزييف في الفيديو عندما لاحظ إشارات لحسابه على تويتر في عدة منشورات، الأمر الذي دفعه لترجمتها، وصدم بعد معرفته بطريقة استخدام الفيديو الخاص به، الأمر الذي دفعه للتغريد باللغة الإنجليزية.
وجاء في ترجمة تغريدته، التي أرفق معها صوراً للأخبار المزيفة: "هذا الفيديو المرفق أدناه ، الذي صورته في أريحا – إدلب ، تم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي في البرازيل عندما مات طفل بعد تلقيه لقاح CV19 في مناطق مختلفة حول العالم. كانت لطفلة استشهدت في 20/10/2021 نتيجة القصف الذي تسببت فيه حرب النظام السوري".
This video attached below, I filmed in Ariha-Idlib,is circulated on social media in Brazil as a child died after receiving CV19 vaccine in different areas around world. It was of a girl who was killed on20/10/2021 as a result of the bombing caused by the Syrian regime war. https://t.co/gBoaFTkUiy pic.twitter.com/oQ6kzjHV3Y
— Ali Haj Suleiman (@AliHajSuleiman) January 6, 2022
وبحسب حاج سليمان فإن الفيديو نشر لأول مرة بطريقة مضللة في البرازيل، ثم انتقل إلى عدة دول أبرزها بولندا وكوريا، وأضاف حاج سليمان بأن الكثيرين ممن نشروا الفيديو بشكل مضلل أجبروا على حذفه بعد أن قام مستخدمون آخرون بوضع توضيحه في التعليقات والردود على المنشورات المضللة.
ويأمل المصور علي حاج سليمان أن تتم إزالة جميع القصص المزيفة ، لكنه لا يتوقع أن تقوم المواقع بذلك من تلقاء نفسها، لكون الكثير من المستخدمين ردوا بتوضيحه على تلك الأخبار المضللة دون جدوى. ويقول إن إزالة المنشورات والمقالات غير الصحيحة، أو محاسبة مروجيها يعتبر الطريقة الأنجح.
تويتر يتدخل
دفع الانتشار الواسع للتغريدات التي استخدنت الفيديو بشكل مضلل، موقع تويتر للتدخل وبات يظهر لكل من يشاهد التغريدات المضللة علامة تحذيرية برتقالية مرفقة بعبارة "المادة المعروضة خارجة عن السياق.. اكتشف المزيد".
وفي اكتشاف المزيد، يستهل تويتر شرحه القضية بعرض تغريدة في البولندية لشخص يدعو الناس لرفض التطعيم، وذلك لأن شركات الأدوية تقتل الأطفال بحسب زعم المغرد
وبعدها يوضح تويتر بأنه لا علاقة لموت الطفل بلقاح كوفيد 19 ويوضح بأن مصدر الفيديو هو سوريا وأن الطفلة قتلت بسبب القصف
كما يشرح تويتر عن مراكز متخصصة بأن الآثار الجانبية للقاح كوفيد 19 للأطفال نادرة جداً، وأن نتائج الإصابة بكوفيد 19 أكبر بكثير من نتائج وأعراض تلقي جرعات اللقاح ضده.
ويرفق تويتر تغريدات حاج سليمان مصور الفيديو عندما نشره لأول مرة، وعندما نشر توضيحاً عن استغلال الفيديو بشكل مضلل.
حالات مشابهة لاستغلال مأساة السوريين
ولم تكن هذه الحادثة الأولى لاستغلال مأساة السوريين في بلدان ومناطق أخرى لأهداف مختلفة، ففي فلسطين وظف مستخدمون لوسائل التواصل الاجتماعي صورة لطفل مصاب نتيجة القصف الذي مارسه نظام الأسد على المدن السورية على أنه طفل فلسطيني أصيب جراء القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، وقد رصدت منصة "تأكد" المعنية بالتحقق من الأخبار الكاذبة هذا الاستخدام المزيف الصورة.
أيضا في اليمن استخدم رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورة تظهر طفلاً يحضن شقيقه بعد تعرضه لغارة جوية، وقال مزيفو الشرح إنّ هذه الصور في اليمن نتيجة قصف التحالف العربي الذي تقوده السعودية للمدنيين في اليمن، وفي الحقيقة كانت الصورة مأخوذة من مدينة حلب السورية التي كانت تتعرض لقصف جوي روسي وسوري.
وفي سوريا نفسها أقحم تلفزيون ZDF الألماني قصة طفلين نازحين من إدلب ضمن تقرير له يتحدث عن آثار العملية العسكرية التركية على مناطق شمال شرقي سوريا، وأظهر التقرير أطفالاً نزحوا بفعل هجمات النظام السوري وحلفائه على جنوبي إدلب مقتطعاً المقابلات مع الأطفال، وقام بنشرها دون أن يوضح موقع تصويرها أو مكان نزوح الأطفال، علماً أن التلفزيون الألماني استخدم المقابلات من تقرير لمنظمة اليونيسيف يتحدث عن موجات النزوح في إدلب والتي سببها نظام الأسد لا العملية التركية.