icon
التغطية الحية

من سوريا إلى ألمانيا.. رحلة علاء ماسو إلى القمة الرياضية

2024.07.24 | 20:39 دمشق

آخر تحديث: 24.07.2024 | 20:39 دمشق

السباح السوري علاء ماسو أثناء مشاركته في أولمبياد طوكيو
السباح السوري علاء ماسو في أثناء مشاركته في أولمبياد طوكيو
Info Migrants- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

لم يخطط السباح السوري الأولمبي اللاجئ علاء ماسو للقدوم إلى ألمانيا، ولكن بعد مرور ثماني سنوات على وصوله إلى هناك، أصبح يفخر اليوم بهذا البلد الذي تحول إلى وطن له.

يحدثنا ماسو عن ألمانيا فيقول: "لا أعتقد بأن الوطن هو المكان الذي ترعرعتَ أو ولدت فيه"، وفي المقابلة نفسها التي أجريت معه من معسكر التدريب الذي يخضع له في هانوفر يتابع بالقول: "أعتقد بأن الوطن هو المكان الذي تحس بأنه وطنك، وهذا الإحساس يمنحك إياه من يحيط بك من الناس".

بالعودة للحديث إلى وطنه سوريا وكل ما تكبدته من جراح وآلام بسبب الحرب، لم يكن أمام ماسو وقتئذ أي خيار سوى الرحيل إن أراد أن يحترف السباحة.

ينحدر ماسو من مدينة حلب التي تحولت إلى ساحة معركة حقيقية وقت الحرب، ولهذا أمضى شهوراً متعاقبة من دون تدريب، وعن تلك المرحلة يحدثنا فيقول: "كان أمر التدريب يعتمد دوماً على عامل الأمان وعلى أهم الأولويات".

 

ولهذا قرر في نهاية المطاف قطع تلك الرحلة الطويلة والشاقة بصحبة شقيقه الأكبر محمد إلى أوروبا عبر تركيا.

تأخر الاحتراف بسبب الحرب

في بداية الأمر، قرر الشقيقان الاستقرار في هولندا بصحبة بعض أقاربهم، ولكن بما أنهم بصموا في أثناء انتقالهم عبر ألمانيا، لذا فإن قوانين الاتحاد الأوروبي أجبرتهما على أن تجري معالجة طلبي لجوئهما في ألمانيا.

ومنذ ذلك الحين، أصبحا يحاولان تعويض ما فاتهما من وقت ضائع، على الرغم من أن ماسو الذي لم يتجاوز عمره وقتئذ 24 عاماً قرر ألا يعيش في الماضي، ولكن لا مفر من الاعتراف بأن الحرب في سوريا قد حرمته من احتراف الرياضة التي يحبها، وعن ذلك يقول: "من المستحيل تعويض الضرر الذي أصابني، لأن السنوات الأربع التي أمضيتها بلا تدريب كانت أهم السنوات في حياتي كسباح، لأن السباح خلال تلك السنوات يحدد أساسياته في هذا المجال، أي أنه يؤسس لكل ما سيأتي مستقبلاً".

بوسع المهاجرين أن يحققوا أهدافهم

كان ماسو في الرابعة من عمره عندما علمه والده السباحة، وفي مرحلة لاحقة أصبح السباح مايكل فيليبس مصدر إلهام له بعد أن حاز ثماني ميداليات ذهبية في أولمبياد بكين عام 2008، ولذلك قرر ماسو أن يشارك في الألعاب الأولمبية في يوم من الأيام، وعن ذلك يقول: "منذ ذلك اليوم وأنا أرغب في الوصول إلى هنا، لكوني أعرف بأن كل سباح يحلم بالوصول إلى هذه المرحلة".

تحققت أمنية ماسو في عام 2021 عندما وقع الاختيار عليه ليمثل فريق اللاجئين الأولمبي في أولمبياد طوكيو، إذ ظهر أول فريق للاجئين في أولمبياد ريو عام 2016 بعد أن قررت اللجنة الدولية للألعاب الأولمبية أن تعطي النازحين فرصة خوض المنافسة نظراً لعدم قدرتهم على خوضها بسبب وضعهم.

وفي لحظة انتشرت انتشار النار في الهشيم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، عانق ماسو شقيقه في حفل افتتاح أولمبياد طوكيو، إذ على الرغم من الرحلة التي قطعاها معاً حتى يصلا إلى ألمانيا، شارك محمد في السباق الثلاثي ليمثل سوريا، وعن ذلك يقول ماسو: "حدث ذلك لأن شقيقي تربطه علاقات أحسن من علاقاتي مع الاتحاد الرياضي بسوريا، ولا أرى في ذلك أي موقف سياسي أو تأييداً لأي طرف في البلد".

وفي الوقت الذي ابتعد محمد عن الرياضة منذ ذلك الحين، انضم شقيقه علاء ماسو إلى فريق اللاجئين الذي سيشارك في أولمبياد باريس، وعلى الرغم من أنه ذكر بأنه سيتعامل مع الأولمبياد وكأنه أول أولمبياد يشارك فيه، يخبرنا بأنه أصبح سباحاً أكثر تمرساً الآن، أي أنه لم يعد ذلك السباح المبتدئ الذي شارك في أولمبياد طوكيو، وهذا ما يثير حماسته الكبيرة تجاه المشاركة.

يدرك ماسو الذي سيشارك في سباق الخمسين متراً للسباحة الحرة في أولمبياد باريس مسؤولياته بوصفه عضواً ضمن فريق اللاجئين المؤلف من 37 عضواً، فهو يعرف بأنه سيمثل أكثر من 100 مليون نازح قسرياً في مختلف بقاع العالم وهذا ما دفعه للقول: "نحاول أن نمثل اللاجئين بأفضل صورة ممكنة كما نحاول أن نبين بأن من أتوا من بيئة مهاجرة بوسعهم تحقيق أهدافهم والاندماج مع مجتمعهم الجديد".

تنامي المشاعر المعادية للمهاجرين

يفكر ماسو كثيراً بموضوع الاندماج في وقت زادت فيه المشاعر المعادية للمهاجرين في ألمانيا والتي أججها حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف، والذي حقق المرتبة الثانية في ألمانيا في انتخابات البرلمان الأوروبي خلال شهر حزيران الماضي.

في بداية الأمر، كان ماسو يتردد في الخوض في الجدل السياسي، وذلك قبل أن يصوغ بشكل فصيح وبليغ ما يجب أن يحدث باعتقاده، وهذا ما دفعه للقول: "تجب إقامة ورشات حتى تزرع في عقول اللاجئين الجدد الثقافة الجديدة التي يحاولون أن يدخلوا إليها، وهذا لا يعني أن أطلب من الناس التخلي عن ثقافتهم أو البيئة التي أتوا منها، ولكن يجب علينا في الوقت نفسه الاندماج في المجتمع الجديد الذي نحاول أن نعيش فيه، وهذه الطريقة برأيي غاية في الأهمية لمساعدة الناس القادمين من بيئات مختلفة عن البيئة الألمانية والبيئة الأوروبية على التكيف والاطلاع على ما يمكن أن يحدث خلال السنوات العشر المقبلة، لأنه لا أحد هنا أتى ليعيش لمدة سنة أو سنتين، بل إننا نحاول أن نبني حياة جديدة لنا، وهذه الرحلة رحلة طويلة جداً".

 

خلال شهر كانون الثاني الماضي، زعم تقرير نشر على موقع كوريكتف الإلكتروني للصحافة الاستقصائية بأن شخصيات من اليمين المتطرف بينهم أعضاء في حزب البديل من أجل ألمانيا، قد اجتمعوا لمناقشة خطة إعادة الهجرة التي تسعى لترحيل ملايين الأشخاص الذين لم يندمجوا في ألمانيا، ولو كتب لهذه الخطة النجاح، فسيضطر ماسو للخروج من هذا البلد، ولكنه يؤكد لنا بأن ذلك لا يخيفه، ولهذا يقول: "أعرف أنه مهما كان الحزب كبيراً وكانت لديه مقاعد كثيرة في البرلمان، فإنهم لن يتمكنوا من تقرير الأمر وحدهم، وهذا هو الشيء الجميل في أوروبا وديمقراطيتها، إذ مجرد كونك في الحزب الحاكم لا يعني أنك قادر على فعل كل ما يحلو لك".

أعلنت أحزاب ألمانية كبرى بأنها لن تشارك في ائتلاف الحكومة مع حزب البديل من أجل ألمانيا، ومع ذلك حقق هذا الحزب اليوم المركز الثاني في التصويت قبل الانتخابات البرلمانية في ألمانيا التي ستجري في شهر أيلول من عام 2025.

وعلى الرغم من صعوبة المناخ السياسي، يعبر ماسو عن تفاؤله بالمستقبل، فهو يخطط للتقدم بطلب للحصول على الجنسية الألمانية حتى يندمج تماماً مع المجتمع الألماني، بعد ذلك هل سيشارك في المباريات باسم البلد الذي تبناه، أي ألمانيا، يرد ماسو على هذا السؤال بقوله: "سأقبل ذلك بكل تأكيد".

يذكر أن دورة الألعاب الأولمبية التي ستقام في باريس ستبدأ في 26 من تموز الحالي وستستمر حتى 11 آب.

 

المصدر: Info Migrants