يصل وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد مساء اليوم إلى القاهرة، لحضور أول اجتماع لـ "لجنة الاتصال العربية"، في ظل تعثر المبادرة العربية وتصريحات رئيس النظام بشار الأسد الأخيرة عن عودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية.
وقالت صحيفة الوطن المقربة من النظام السوري، إن المقداد يصل اليوم إلى القاهرة، للمشاركة في أعمال اجتماع لجنة الاتصال العربية التي أقرتها الجامعة العربية بخصوص تنفيذ مخرجات اجتماع عمان التشاوري، حيث سيلتقي بكل من وزراء خارجية السعودية والعراق، ومصر، والأردن، ولبنان.
وزار أيمن سوسان، معاون المقداد، الأردن يوم أمس تحضيراً لهذا الاجتماع، بحسب الصحيفة من دون ذكر أي تفاصيل إضافية.
وقالت مصادر للصحيفة إن اجتماع القاهرة سيبحث في "الآليات التي يمكن اعتمادها عربياً لمساعدة سوريا في تجاوز أزمتها".
وأوضح مصدر دبلوماسي عربي، بوجود جو إيجابي قبيل الاجتماع، "حيث تريد البلدان العربية المشاركة، أن يكون تحركها جماعياً وليس فردياً"، في سبيل الإسراع بحل "الأزمة السورية".
وأكد ذات المصدر إيجابية العلاقات بين كل من النظام والسعودية، نافياً ما يشاع حول وجود عوائق تشوب العلاقات بينهما، مشيرا إلى رغبة السعودية " بأن تكون عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية فعلية وليست شكلية".
هل تعثرت المبادرة العربية؟
يأتي هذا الاجتماع وسط معطيات تفيد بتعثر المبادرة العربية، عقب مهاجمة رئيس النظام السوري بشار الأسد جامعة الدول العربية منذ أيام في لقاء بثته قناة سكاي نيوز، أوضح فيه أنه غير معني بالتعامل بإيجابية مع مبادرة عربية لحل القضية السورية.
ووصف الأسد العلاقات العربية - العربية بأنها "شكلية منذ عقود"، مبرراً ذلك لأن العرب لا يطرحون أفكاراً عملية ويحبون الخطابات والعلاقات الشكلية.
كما رهن عودة سوريا إلى الجامعة العربية بشكل فعلي بتغير طبيعة العلاقات العربية – العربية في العمق، مشيراً إلى وجود "بداية وعي لحجم المخاطر التي تؤثر على الدول عربية، لكنها لم تصل إلى مرحلة وضع الحلول، طالما أنه لا توجد حلول للمشكلات فإذاً العلاقة ستبقى شكلية".
وأضاف في لقائه "عندما عدنا إلى الجامعة العربية، لم أقم بلوم أي طرف ولم أسأل أي طرف لماذا فعلتم ذلك؟ بالعكس نحن نقول ما مضى مضى، نحن دائماً ننظر للمستقبل".
وبعد إعادة النظام السوري إلى الجامعة العربية، اتفق وزراء الخارجية العرب في أيار الماضي على تشكيل لجنة وزارية مهمتها "مواصلة الحوار المباشر مع الحكومة السورية للتوصل لحل شامل للأزمة السورية".
وزارة وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي العاصمة دمشق في الثالث من تموز الفائت، وقال عقب لقاء رئيس النظام السوري بشار الأسد إن "حل الأمور في سوريا لن يكون بين يوم وليلة"، وتابع "بدأنا مسارا عربيا جادا لحل الأزمة وفق مبدأ خطوة مقابل خطوة وينسجم مع القرار الأممي 2254".
وأوضح الصفدي أنه ناقش في اللقاء جهود التوصل لحل سياسي في سوريا، وملف محاربة الإرهاب وتهيئة الظروف للعودة الطوعية للاجئين السوريين.
وتابع "نريد الإعداد من أجل اجتماع لجنة الاتصال العربية التي كانت أقرتها الجامعة العربية بحيث يكون هناك مخرجات عملية تسهم في معالجة تبعات الأزمة السورية ونأمل انعقادها في الشهر القادم".
العلاقات مع العرب في لقاء بشار الأسد الأخير
في كلمته أمام القمة العربية بجدة، في 19 أيار الماضي، أشار رئيس النظام السوري، بشار الأسد، إلى "مرحلة جديدة للعمل العربي"، و"التضامن" بين الدول العربية، في حين اعتبر، في لقائه الأخير مع قناة "سكاي نيوز" الإماراتية، العلاقات العربية - العربية بأنها "شكلية"
كانت مشاركة بشار الأسد في قمة جدة إعلاناً من جانب الدول العربية بإنهاء القطيعة مع النظام السوري وتمهيداً للانفتاح عليه، انطلاقاً من مبادئ عدة، أبرزها القضايا الأمنية وتهريب المخدرات وإيران، في حين شكّلت المشاركة للأسد نفسه "نشوة انتصار" و"فرصة تاريخية لإعادة ترتيب الشؤون"، وفق تعبيره في كلمته التي ألقاها في القمة.
وبعد أقل من ثلاثة أشهر على الترحيب والغزل المتبادل بين الجانبين، تراجعت الحماسة العربية للتطبيع مع النظام السوري، مع تأجيل متعمد لتعيين سفير سعودي جديد وإعادة افتتاح سفارة الرياض في دمشق، في حين تؤكد مصادر عدة أن المملكة لن تعين سفيراً لها طالما أن النظام لم يلتزم بما تعهّد به في القمة العربية والاجتماعات التشاورية، إضافة إلى الواقع المتأزم الذي ترسخه سياسات النظام.
وسبق أن كشف مصدر دبلوماسي عربي لموقع "تلفزيون سوريا" أن الدول العربية التي اندفعت باتجاه تطبيع علاقتها مع نظام الأسد أوقفت هذه الاندفاعة بشكل تدريجي على المستويات السياسية والاقتصادية، في حين أبقت على خطوط التواصل الأمني والاستخباري.
وأوضح المصدر أن عدة أسباب دفعت الدول العربية على رأسها السعودية لوقف سياسة الانفتاح على النظام، أهمها أن الولايات المتحدة الأميركية قد دخلت على الخط بقوة، للحد من هذا التحرك "المجاني" على النظام السوري، وتحفّظت على تقديم أي مساعدات مالية له.