السحلب هو شراب شعبي مشهور عربياً، وخاصةً في بلاد الشام وفي مصر والحجاز، فأين يوجد؟ وما فوائده؟
قد يعتبر كثير منا السَّحلَب من مشروباته الشتوية المفضلة، لكن الحقيقة أن معظمنا لم يعرف السحلب الحقيقي، ولم يذقه قط، فإذا انتبهت إلى الوصف المكتوب على مساحيق السحلب التي تباع في الأسواق، سترى عبارات مثل: "بطعم السحلب" أو "نكهة السحلب"، فكل تلك المنتجات لا تحتوي إلا على خليط من النشا والفانيلا وجوز الهند ومكسبات طعم السحلب، فلماذا لا تحتوي مشروبات السحلب على السحلب؟ وأين ذهب السحلب الحقيقي؟!
ما هو السحلب؟
السحلب هو نبات بري مُزهر، وزهوره بنفسجية جميلة، ولا عجب فهو يمت بالقرابة لزهور الأوركيد، ضمن العائلة النباتية التي تعرف بالسحلبيات، والسحلب (Salep) هي التسمية التركية التي يُعتقد أنها جاءت من "ثعلب" العربية.
بالرغم من جمال زهور السحلب الأخاذة، إلا أن الجزء الذي تركَّز عليه اهتمام البشر بالسحلب هو الدرَنات (tubers) لا الأزهار، وهي تلك الأعضاء المنتفخة التي تنمو في بعض أنواع النبات، كالبطاطس مثلًا تحت الأرض مباشرة، ويستخدمها النبات عادةً في تخزين الغذاء، وتلك الدرَنات هي التي تُجمع وتجفف وتُطحن لتصنع مسحوق السحلب، الذي يُصنع منه مشروب السحلب الحقيقي، والذي كان من أكثر مشروبات الشتاء شعبية على امتداد تاريخ وجغرافيا الخلافة العثمانية، ولا يزال إلى اليوم يحظى بشعبية في تركيا والشام ومصر.
فوائد السحلب
ترتبط شعبية السحلب، بالإضافة إلى كونه مشروبا ممتازا للتدفئة في برد الشتاء، بالسمعة الطبية والصحية للنبات، والتي أثبتت الدراسات الحديثة صدقها في نواحٍ عديدة، ومنها على سبيل المثال:
- 1- السحلب يعالج أمراض الكبد
فقد أثبتت دراسة أجريت عام 2015 أن مستخلص السحلب له تأثير خافض لأنزيمات الكبد، مما يؤهله للانضمام إلى التركيبات الدوائية المستخدمة لحماية الكبد.
- 2- السحلب مادة مضادة للأكسدة
في دراسة حديثة عام 2017، ظهر أن السحلب له خواص مضادة للأكسَدة، والتأكسد في الكيمياء الحيوية هو تفاعل يقوم بتحويل مادة معينة إلى عوامل مؤكسِدة متلفة لخلايا الجسم، ومن المعروف أن مضادات الأكسدة تحمي بشكل عام من السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية.
- 3- السحلب يقلل من الانتفاخ وعسر الهضم
يحسّن السحلب من وظائف الجهاز الهضمي بشكل عام لما يحتويه من مواد مخاطية، وله تأثير ملطف ممتد من المريء (حيث يُستخدم في تلطيف آلام الارتجاع المريئي) إلى الأمعاء.
- 4- السحلب يخفّف ويساعد في علاج الإسهال
فالسحلب يعمل على تنظيم حركة القناة الهضمية.
- 5- السحلب يقلل من نوبات السعال
للسحلب خواص طاردة للبلغم، مما يجعله مفيداً بشكل خاص في علاج السعال، وتلطيف أعراض البرد.
- 6- السحلب يقلل من مشكلات البشرة
فخواص السحلب القابضة تحافظ على نضارة الجلد، وتحمي من ظهور الطفح والبثور.
- 7- السحلب يقلل من التوتر
السحلب مشروب مهدئ للجسم وللنفس بشكل عام، ولهذا فقد استُعمل كمقوٍ للجهاز العصبي ومهدئ للتوتر والضغط النفسي.
أين ذهب السحلب الحقيقي؟
لكن تلك الشعبية الجارفة –والتي انتقلت عدواها حتى إنكلترا وفرنسا في القرن السابع عشر– لم تكن في صالح السحلب، وإن كانت في مصلحة تجّاره؛ فقد أدى التزايد الجنوني في الطلب على هذا النبات البري (الذي لا يزرعه البشر وإنما ينمو طبيعيًا دون تدخلهم) إلى اختفائه المتزايد من البرية، حتى صار من الأنواع المهددة بالانقراض، ويكفي أن تعلم أن إنتاج كيلوغرام واحد من مسحوق السحلب يحتاج إلى ألف نبتة تقريباً.
وهذا هو ما دفع الحكومة التركية في محاولة أخيرة لإنقاذ السحلب إلى اتخاذ قرار بمنع تصديره إلى الخارج مطلقاً، لكنه ما زال يباع إلى اليوم في الأسواق المحلية التركية، كمسحوق جاهز أو حتى كدرَنات كاملة مجففة ومنظومة في خيوط كالعقود، بل ستجد هناك المحال التي تبيع الآيس كريم بالسحلب الذي يحظى بدوره بشعبية متزايدة، لكن السحلب يُباع هناك بأثمان باهظة بالطبع، تبررها الندرة الشديدة مع الطلب الشديد، فإذا ذهبت يومًا لزيارة تركيا، ففكِّر في ادخار بعض المال، لتجرب طعم السحلب الحقيقي.
المصدر: 7 فوائد علاجية للسحلب يهمك التعرف عليها (صحتك)