أكد المبعوث الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرنتيف في أعقاب انتهاء الجولة الـ20 من أستانا أن كلاً من تركيا وإيران والنظام السوري توافقوا على خارطة الطريق التي أعدتها روسيا لتطبيع العلاقات بين أنقرة والنظام السوري.
وأشار لافرنتيف في الوقت ذاته إلى أن العملية ستستغرق وقتاً، وأضاف: المهم أن عملية التطبيع تمضي قدماً، والآن يجب التنسيق لتطبيق خارطة التطبيع التي وافقت عليها الأطراف بشكل عام.
وعلم موقع تلفزيون سوريا من مصادر خاصة مطلعة على مجريات جولة أستانا 20، أن تركيا وروسيا وإيران والنظام السوري، عقدوا على هامش أستانا لقاء تقني جديد ضمن المسار الرباعي لتطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، وجرى التوافق على العناوين العريضة التي يجب العمل عليها من أجل الوصول إلى تطبيع العلاقات، وأشار المصدر إلى وجود خلافات واسعة في التفاصيل ما دون الخطوط العامة التي لا خلاف حول أهمية تناولها ضمن مباحثات التطبيع.
مكافحة الإرهاب
أكدت مصادر موقع تلفزيون سوريا أن العنوان الأول لخريطة تطبيع العلاقات هو مكافحة الإرهاب، لكن يوجد رؤى مختلفة بين تركيا والنظام السوري حول آليات التنفيذ، حيث ترى أنقرة ضرورة التركيز على تقويض المشاريع الانفصالية والحفاظ على وحدة سوريا الجغرافية والسياسية دون أن تؤدي عملية مكافحة الإرهاب لتقويض العملية السياسية وتستهدف المعارضة السورية، أما النظام السوري يطالب أنقرة بمساعدته على استعادة كامل الأراضي السورية وانسحاب القوات بعد ذلك والتعامل مع النظام بوصفه سلطة شريعة قادرة على القيام بأعباء إدارة البلاد.
بالمقابل، تعتقد تركيا أن مجرد انتشار قوات النظام السوري على خطوط التماس في مناطق شمال سوريا خطوة غير كافية، ولا بد العمل على تفكيك مشروع قسد وليس احتواءه.
وكانت وحدات تابعة للحرس الجمهوري في النظام السوري اتجهت من دمشق إلى ريف حلب الشرقي قبيل جولة أستانة 20 تمهيداً للانتشار على المحور الممتدة من العريمة إلى منبج، وتبدو أنها محاولة لإظهار جدية وقدرة على الاستجابة لمتطلبات مكافحة الإرهاب على أمل دفع مسار التطبيع مع تركيا إلى الأمام.
الشق العسكري
خريطة الطريق المطروحة من قبل روسيا تتضمن تأسيس لجنة تنسيق عسكرية رباعية تشمل ممثلين عن وزارة الدفاع لكل من تركيا وروسيا وإيران والنظام السوري، ومهمة هذه اللجنة تنسيق التحركات على الأرض بالإضافة إلى متابعة عمليات مكافحة الإرهاب ومواجهة التهديدات العابرة للحدود.
ويعارض النظام السوري أي دور لفصائل المعارضة السورية المدعومة من أنقرة ضمن هذه اللجنة، في حين تتمسك تركيا بضرورة الإقرار بدور وجهود فصائل المعارضة المعتدلة بوصفها جهة موثوقة في مكافحة الإرهاب.
مسار التعافي من الحرب
تنص خارطة الطريق على مواجهة تداعيات الحرب في سوريا، وتتضمن ضرورة فتح المعابر التجارية، وتسهيل عمليات إعادة التعافي المبكر، لكن الخلاف الأساسي بأن تركيا تطالب بأن تتم هذه الإجراءات تحت إشراف أممي، وتتزامن مع تسهيل إعادة اللاجئين، لكن النظام السوري لا يقدم أي التزامات بخصوص العمل على تسهيل عودة اللاجئين.
وسبق أن تعثرت محاولات فتح المعابر التجارية بين مناطق المعارضة السورية والنظام السوري، بسبب قناعة تركيا أن هذه الخطوة غير متسقة مع الجهود الدولية الخاصة بالملف السوري، ومن جهته يتمسك النظام بتسريع فتح المعابر لإنعاش الاقتصاد ويعتبره أرضية للبناء عليها في إعادة استيعاب اللاجئين.
وتشمل الخلافات أيضا المتعلق بهذا العنوان، آليات فتح الطرقات الدولية، حيث تتمسك تركيا بمشاركتها في تحديد الإدارة التي ستشرف على عمل الطرقات الدولية بعد فتحها خاصة طريق m5 الذي أصبح في شمال غرب سوريا تحت سيطرة النظام السوري وحلفاءه بشكل كامل، في حين يرى النظام السوري أنه هو من يجب أن يشرف على فتح الطرقات خاصة التي "طهرها من الإرهاب" حسب وصفه.
المسار السياسي
لا يوجد حتى اللحظة توافق حول المسار السياسي وآلية عمله، فمن جهتها تشترط تركيا حصول تقدم في المسار السياسي للوصول إلى حل دائم، وترى أنه يجب إنهاء تعطيل التفاوض بين المعارضة والنظام السوري ضمن اللجنة الدستورية، لكن النظام السوري يطالب بنقل اجتماعات اللجنة الدستورية إلى دولة أخرى غير منخرطة في الصراعات الدولية ولم تتورط بـ "إراقة الدم السوري" حسب وصفه، ولذلك يطرح سلطنة عمان كدولة موثوقة بالنسبة له، ويربط موافقته على إنهاء تعليق المشاركة باجتماعات اللجنة الدستورية بتحقيق هذا المطلب.
وكان أيمن سوسان نائب وزير خارجية النظام السوري ورئيس الوفد التقني المكلف بمتابعة المفاوضات مع تركيا حول تطبيع العلاقات، أكد بعد انتهاء جولة أستانا الأخيرة وانعقاد الاجتماع الرباعي أن الانسحاب التركي الكامل غير المشروط من سوريا هو المدخل الأساس للتطبيع مع تركيا.وغير ذلك أوهام، مضيفا: اجتماعات أستانا حققت إنجازات على صعيد تقليص الإرهاب في مناطق خفض التصعيد الثلاث،في المنطقة الرابعة ( إدلب) كان من الممكن النجاح لولا مواقف تركيا.
وعكست تصريحات سوسان بشكل واضح الخلافات حول التفاصيل المتعلقة بخارطة تطبيع الطريق، والتي من غير المرجح الوصول لحل لها على المستوى القريب خاصة في ظل تمسك النظام السوري بانسحاب القوات التركية كمدخل لتطوير العلاقات، إذ أن انسحاب القوات التركية لا يصب في صالح الأمن القومي لأنقرة، التي توغلت في شمال سوريا لفرض الاستقرار ومنع تدفق اللاجئين الفارين من هجمات روسيا والنظام السوري، ولمكافحة نشوء إقليم انفصالي على حدودها تحت أنظار النظام السوري ودون تدخل منه لمنعه.