منذ وصول أحزاب اليمين المتطرف إلى السلطة في العديد من الدول الأوروبية كإيطاليا وهولندا، زاد الحديث عن اللاجئين في ألمانيا، وكثرت الدعوات إلى تشديد سياسة الهجرة واللجوء واتخاذ خطوات جدية لتسريع عمليات ترحيل طالبي اللجوء المرفوضة طلباتهم.
وفي كانون الثاني الفائت، وافق البرلمان الألماني "البوندستاغ" على تشريع أقره مجلس الوزراء الاتحادي نهاية 2023، يهدف إلى تسهيل وتسريع عمليات ترحيل طالبي اللجوء المرفوضة طلباتهم إلى بلدانهم. وقالت وزيرة الداخلية الألمانية، نانسي فيزر، إن الحكومة الألمانية "ستحرص على أن يرغم الأشخاص الذين لا يحق لهم البقاء في بلادنا على مغادرتها بسرعة أكبر".
وتُظهر الأرقام الحالية في ولاية (سكسونيا أنهالت) شرقي ألمانيا مدى صعوبة تنفيذ إجراءات الترحيل التي تخطط لها الحكومة الألمانية. وفقاً لوزيرة الداخلية في الولاية تمارا تسيشانغ النائبة عن حزب "الاتحاد الديمقراطي المسيحي" في ردها على استفسار عضو حزب "اليسار" في برلمان الولاية هينريتا كواده.
ترحيل 29 في المئة من اللاجئين المرفوضة طلباتهم
وقالت الوزيرة إن "ولاية (ساكسونيا أنهالت) خططت لترحيل 1848 لاجئاً إلى بلدانهم الأصلية في العام الماضي، ولكن لم يُنفذ سوى 535 إجراءً فقط، أي بنسبة 29 في المئة فقط من طالبي اللجوء الذين كان من المخطط ترحيلهم". وفق ما نقلت صحيفة (بيلد) الألمانية.
وأضافت أن "الجهد الذي بذلته السلطات كان كبيراً جداً، فقد شارك 2596 من رجال الشرطة في عمليات الترحيل، وهذا يعني، من الناحية الحسابية البحتة، أن كل عملية ترحيل للاجئ واحد، شارك فيها خمسة عناصر من الشرطة".
وأوضحت أنه "لضمان ترحيل 535 لاجئاً على الأقل، نظمت ولاية (ساكسونيا أنهالت) تدبيرين من تدابير الميثاق الخاص بها (إلى النيجر وصربيا)، وشاركت في 65 عملية ترحيل جماعي من ولايات اتحادية أخرى". لافتة إلى أن "السلطات اضطرت إلى ترحيل 70 لاجئاً بالإكراه".
لماذا تفشل معظم عمليات الترحيل إلى هذه البلدان؟
وأكدت وزيرة الداخلية أنه "في عام 2023 فشلت عمليات ترحيل 295 طالب لجوء إلى سوريا، و157 شخصاً إلى الهند، و152 إلى أفغانستان، و136 إلى جورجيا و102 إلى تركيا".
وفي ردها على أسباب فشل عمليات الترحيل، أفادت الوزيرة أن "565 حالة كان اللاجئون غائبين أو غير موجودين، كما فشلت عمليات ترحيل 354 لاجئاً إلى وطنهم بسبب فقدان وثائق استبدال جوازات السفر".
وأشارت إلى "فشل 205 عمليات ترحيل طالبي لجوء، بسبب رفض استقبالهم من قبل دولهم التي كان من المفترض أن يغادروا إليها، بالإضافة إلى أن 46 لاجئاً تجنبوا الترحيل إلى بلدهم من خلال اللجوء الكنسي، في حين شملت الأسباب الأخرى المرض أو إجازة الحمل/الأمومة (37)، أو الطلبات العاجلة إلى المحكمة (17) أو الإجراءات الجنائية الجارية (9)".
ماذا عن ترحيل المجرمين إلى سوريا وأفغانستان؟
ووفقاً لكريس شولنبورغ، المتحدث باسم المجموعة البرلمانية لحزب "الاتحاد الديمقراطي المسيحي" للشؤون الداخلية، فإن "ولاية سكسونيا أنهالت قد استنفدت خياراتها إلى حد كبير". وبالنسبة له فإن "اتفاقيات الإعادة إلى الوطن التي أبرمتها الحكومة الاتحادية، هي مجرد حيلة علاقات عامة سيئة، وحتى الآن لم تحقق أي تحسن ملموس".
وطالب شولنبورغ بأن تتعاون البلدان الأصلية للاجئين المرفوضة طلباتهم في تقديم وثائق بديلة. مضيفاً "نحتاج إلى أدوات صارمة في مجال التأشيرات لممارسة المزيد من الضغط، وبالإضافة إلى ذلك، يجب أن تتخلى الأحزاب في حكومة ائتلاف (إشارة المرور) عن رفضها في توسيع قائمة بلدان المنشأ الآمنة".
ويرى شولنبورغ أن "عدم ترحيل المجرمين إلى سوريا أو أفغانستان حرصاً على سلامتهم مرفوض تماماً". ويقول إن "من غير الممكن أن تكون سلامة المجرمين لها أولوية أكبر من حماية سكاننا".