البث المباشر
منذ 20 كانون الأول الماضي اجتاح الحشيش شواطئ مدينة فاماغوستا القبرصية بعدما أن تم العثور على أكثر من 100 كيلو من القنب الهندي ضمن عبوات شحنت إلى هناك، وذلك على يد رجال الشرطة في قبرص، إلا أن الأمر لم يعد بمستغرب، وذلك لأنه منذ عام 2016، تحولت الطرق البحرية الواقعة شرقي البحر المتوسط، وخاصة سواحل سوريا ولبنان إلى طرقات بديلة أمام عمليات الإتجار بالمخدرات وتهريبها، وعلى رأسها الحشيش، والكبتاغون.
تقع قبرص جغرافياً وسط الطرقات الجديدة للمخدرات التي تمر بالشرق الأوسط، إلا أنها لم تسجل أي عملية لتهريب الكبتاغون من دولة عربية منذ عام 2016، بيد أن هذه القضية باتت تقض مضجع حكومة قبرص بسبب تداعياتها الجيوسياسية بعدما اهتمت الولايات المتحدة بالموضوع نظراً لتورط الأسد فيه.
ملك الكبتاغون
ذكرت مصادر بأن عائلة الأسد تورطت بصفتها الشخصية في تجارة المخدرات خلال السنوات القليلة الماضية، بعدما تم العثور على كميات من الكبتاغون في المناطق التي يسيطر عليها نظام بشار الأسد، والذي صار يلقب باسم ملك الكبتاغون في التقارير الأميركية التي نشرت حول انتشار المخدرات في الشرق الأوسط. إذ إن الوضع الاقتصادي الصعب الذي باتت سوريا تعيشه بعد مرور أكثر من عشر سنوات على بداية الحرب فيها، إلى جانب الانهيار السياسي والاقتصادي الذي تعيشه الجارة لبنان،المشهورة بإنتاج الحشيش في سهل البقاع منذ عقود طويلة، في ظل دولة الأمر الواقع الخارجة عن كل القوانين. كل ذلك جعل من هاتين الدولتين محوراً لإنتاج المخدرات المصنعة وتخزينها والاتجار بها، وحوّل جميع دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى جانب أسواق الخليج في السعودية والإمارات، إلى جهات مستوردة رئيسية.
وقدرت هيئات دولية أرباح تجارة الكبتاغون والحشيش بما يعادل 3.46 مليار دولار خلال عام 2020، كما توقعت ارتفاع تلك الأرباح لتصل إلى 5.7 مليار دولار في عام 2021، ولذلك ترى مراكز الأبحاث الأميركية بأن القيمة الصافية لصادرات سوريا من المخدرات يمكن أن تصل إلى 30 مليار دولار.
مع وصول شحنات المخدرات بكميات كبيرة إلى شواطئ قبرص، صادرت كل من الكويت والسعودية منذ مدة كميات هائلة من الكبتاغون والحشيش وصلتها عبر البر والبحر بكثير من الطرق الملتوية، قادمة من الساحل السوري، مروراً بالبحر الأحمر فخليج عدن ثم الخليج العربي.
في الوقت الذي تبدو فيه تجارة المخدرات عبر الحدود بين سوريا والأردن عنصراً من العناصر التي أدت إلى زعزعة الاستقرار في الأراضي الأردنية، عبرت الولايات المتحدة عن رغبتها الصريحة بمساعدة سلطات تلك الدولة على محافحة طريق المخدرات الجديد الذي يمر عبر حدود هاتين الدولتين المتجاورتين.
خريطة تظهر أهم مناطق إنتاج المخدرات في سوريا.
تحول ميناءا اللاذقية وطرطوس الواقعان قبالة قبرص مباشرة إلى قطبين لإنتاج الكبتاغون والحشيش والاتجار بهما حرفياً. إذ قبل الكبتاغون، كان الحشيش الهندي يستخدم لدعم الكثير من الميليشيات الموالية لسوريا وعناصر من أفراد جيش النظام السوري، وكذلك من حزب الله اللبناني، الذي يتمتع بوجود قوي في سوريا منذ عام 2011، حيث أصبحت الأراضي التابعة له تمتد عبر الحدود بين سوريا ولبنان.
أما المناطق التي تسيطر عليها تركيا وقوات المعارضة التابعة لها فتمثل أيضاً محوراً لتصدير المخدرات عبر الحدود، حيث تحولت السوق التركية إلى سوق مستوردة أساسية لتلك الشحنات، وهذا ما يقلق قبرص لأن احتمال تصدير المخدرات بشكل ممنهج عبر البحر من سوريا ولبنان إلى قبرص بات أمراً وارداً في المستقبل القريب.
الموقف الهجومي للولايات المتحدة
إن ارتباط عائلة الأسد بالكبتاغون لم يقلق الولايات المتحدة وحدها، بل دفعها لتمرير قانون الكبتاغون ضمن قانون الدفاع الوطني الذي وقعه الرئيس الأميركي جو بايدن قبل عطلة عيد الميلاد. إذ عبر سن قانون للكبتاغون تم اعتماد أحرف أولى فيه لتشير لاسم بشار الأسد، أعربت الولايات المتحدة، على المستويين المحلي والدولي، لا عن ربطها بين النظام السوري والمخدرات في المنطقة فحسب، بل أيضاً عن تبنيها لسياسة عالمية تعمل على خنق عملية إنتاج المخدرات والاتجار بها، مع التركيز على منطقة شرق المتوسط. وذلك لأن فوائد هذا النشاط التجاري في مجال المخدرات لعبت دوراً مهماً في بقاء الأسد وأمثاله على المستوى السياسي، كما لعبت دوراً في تمويل الإرهاب الدولي والميليشيات العاملة في سوريا.
من المتوقع لهذا القانون الأميركي أن يصبح أكثر ضراوة في عام 2023، بما أنه يقدم فرصاً متميزة للقيام بعمليات مشتركة في مجال التعاون الأمني والأمن الدولي مع تقديم الخبرات في مجال التحقيق ومكافحة الاتجار بالمخدرات للدول المجاورة لسوريا.
المصدر: KNEWS
