عبّر وزير الاقتصاد اللبناني، أمين سلام، عن رفضه لحملة الاتهامات التي طالت العمال السوريين في لبنان مؤخراً، حول هيمنتهم على سوق العمل، والاستحواذ على "رزقة" اللبناني.
وقال سلام لـ "موقع تلفزيون سوريا" إن العامل السوري يعمل في لبنان منذ أكثر من أربعين عاماً، ولا يجوز أن نحمّله مسؤولية الانهيار الاقتصادي الذي حلّ بلبنان في السنوات القليلة الماضية. مشيراً إلى أن قطاعات العمل التي يعمل بها السوري في لبنان تختلف تماماً عن تلك التي يعمل بها اللبناني.
وأضاف: "إذا ما قارنّا ساعات العمل وأجر العامل السوري في لبنان بساعات عمل المواطن اللبناني وأجره، نرى أن العامل السوري يعمل ساعات أكثر مقابل أجر أقل، وهذان العاملان يجعلان رب العمل اللبناني يرغب بتوظيف العامل السوري أكثر من غيره".
مقارنات بالأرقام
يعمل اللاجئ السوري وليد وهو أب لثلاثة أطفال، في إحدى ملحمات البقاع، لمدة تتجاوز تسع ساعات يومياً، ويتقاضى 150 ألف ليرة يومياً، ما يعادل 5 دولارات، علماً أن سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية بلغ 40 ألف ليرة لبنانية.
يقول وليد لـ "موقع تلفزيون سوريا" إن العامل اللبناني لا يقبل بأقل من 500 ألف ليرة لبنانية في اليوم الواحد ضمن العمل نفسه، إلا أن الحاجة للعمل وتأمين قوت أولاده دفعاه لقبول هذا الأجر الزهيد.
أما أبو محمد، وهو لاجئ خمسيني، فيعمل في النجارة، ويتقاضى مقابل كل ورشة نجارة يستلمها 200 ألف ليرة لبنانية، في حين يتقاضى النجار اللبناني عن الورشة نفسها ما لا يقل عن 700 ألف ليرة لبنانية.
الدهان سوري السوري سامر، يتقاضى مليون ليرة عن كل ورشة، في حين لا يقبل العامل اللبناني بأقل من مئة دولار، ما يعادل 3 ملايين و700 ألف ليرة لبنانية، وفقاً لسعر الصرف.
مهن محظورة على الأجانب
وفي نهاية العام الماضي، أصدر وزير العمل اللبناني مصطفى بيرم، قراراً يقضي بمنع غير اللبنانيين من العمل في "جميع الأعمال أيا كانت طبيعتها لدى الإدارات والمؤسسات العامة، والبلديات، والمهن المنظمة بقانون، والتي يحصر حق ممارستها للمنتسبين لنقابة المهنة وبعد الاستحصال على إجازة من السلطة المختصة عند توجبها، مثل المحاماة، والهندسة، والطب، والصيدلة، والطوبوغراف".
وشمل القرار "جميع الأعمال التجارية، والاستيراد، والتصدير، والبيع بالجملة أو المفرق لكل أنواع السلع والبضائع، والأعمال المتصلة بالمهن السياحية بكل أنواعها، إضافة إلى جميع الأعمال أياً كانت طبيعتها في القطاع المصرفي، والمالي، والمحاسبي، وقطاع التأمين".
وتضمنت قائمة المهن المحظورة قطاعات الصحة، والتجارة، والبناء، والخدمات في محطات البنزين، والتعليم، والإعلام، والصحافة، انتهاء بالحلاقة، وصالونات التجميل، أو بيع الخضر واللحوم، وغيرها من المهن في 12 قطاعاً، وبشكل أوسع "جميع الأعمال والمهن التي يتوفر عمال لبنانيون لإشغالها".
واستثنى قرار المنع بعض الفئات من الفلسطينيين المولودين في لبنان، والمسجلين بشكل رسمي في سجلات وزارة الداخلية والبلديات اللبنانية، والأجنبي الذي تكون والدته لبنانية، أو متزوجاً من لبنانية، والمولودين في لبنان من حملة بطاقة مكتومي القيد، مع التقيد بالشروط الخاصة بالمهن المنظمة بقانون، ما يعني إقصاء السوريين من اللاجئين والمقيمين وغيرهم من العمل في البلاد.
ماذا تقول وزارة العمل؟
وأفاد مصدر في وزارة العمل اللبنانية لـ "موقع تلفزيون سوريا"، فضل عدم الكشف عن اسمه، أن قرارات الوزير تهدف لحماية العامل اللبناني بالدرجة الأولى، وحفظ حقوقه، وتأمين أعمال للاجئ الأجنبي في الوقت عينه، على ألا تتضارب أعمال المواطنين مع عمل الأجانب.
وبحسب المصدر، فإنه من الصعب الحصول على أرقام دقيقة حول عدد العمال السوريين في لبنان إلا أن عدد العمال السوريين الحاصلين على إجازات من وزارة العمل يبلغ نحو ثلاثة آلاف، ويضيف المصدر أن ما يقارب 700 ألف عامل سوري يعملون في وظائف متدنية المهارات في السوق غير المنظم.
وتجدر الإشارة إلى أن معظم العمال السوريين الذين يعملون بشكل غير شرعي، لا يحصلون على كامل حقوقهم من أرباب العمل، مثل التأمين، وتعويض نهاية الخدمة، والمخصصات والمكافآت، وفي معظم الأحيان، لا تتخطى رواتبهم الحد الأدنى للأجور، ولا تبلغه.
ويشهد لبنان منذ عدة أعوام مظاهرات مناهضة لوجود اللاجئين السوريين على أراضيه، بالإضافة إلى مظاهرات طالبت بإيقاف العمال السوريين عن العمل، بذريعة أن هؤلاء يسهمون في انتشار البطالة في البلاد، ويحرمون المواطن اللبناني من العمل، علماً أن معظم الأعمال التي يمتهنها اللاجئون في لبنان عموماً، والسوريون خصوصاً، تنحصر في مجالات البناء، والزراعة، والتنظيف، وهي مهن يمتنع عدد كبير من اللبنانيين عن مزاولتها.