كشفت سجلات إنترنت، فحصتها وكالة "رويترز"، أن فريقاً من القراصنة الروس، يُعرف باسم "كولد ريفر"، استهدف ثلاثة مختبرات للأبحاث النووية في الولايات المتحدة الأميركية، الصيف الماضي.
وأظهرت السجلات، التي شارك بفحصها 5 من خبراء الأمن الإلكتروني، أن القراصنة الروس استهدفوا، بين آب وأيلول الماضيين، مختبرات بروكهافن وأرغون ولورانس ليفرمور الوطنية الأميركية، وذلك بالتزامن مع حديث الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عن استعداد بلاده استخدام ترسانتها النووية للدفاع عن أراضيها.
ووفق السجلات، فإن القراصنة الروس أنشؤوا صفحات تسجيل دخول زائفة لكل مؤسسة، وأرسلوا رسائل بالبريد الإلكتروني إلى العلماء النوويين في محاولة لجعلهم يكشفون عن كلمات المرور الخاصة بهم.
ولم تتمكن "رويترز" من تحديد سبب استهداف المختبرات أو مدى نجاح أي من محاولات الاختراق، في حين رفضت المختبرات الثلاثة التعليق.
قراصنة "كولد ريفر"
ووفقاً لمقابلات مع تسع من شركات الأمن الإلكتروني، ظهر فريق قراصنة "كولد ريفر" لأول مرة تحت مجهر خبراء الاستخبارات بعد استهدافه لوزارة الخارجية البريطانية في العام 2016، وتورطه في عشرات من حوادث القرصنة البارزة الأخرى في السنوات القليلة الماضية.
وتتبعت "رويترز" حسابات البريد الإلكتروني المستخدمة في عمليات القرصنة بين عامي 2015 و2020 لشخص يعمل في مجال تكنولوجيا المعلومات في مدينة سيكتيفكار الروسية.
وقال باحثون في مجال الأمن الإلكتروني ومسؤولون حكوميون غربيون إن فريق قراصنة "كولد ريفر" كثف حملة القرصنة ضد حلفاء أوكرانيا منذ الهجوم الروسي.
وحدث الهجوم الرقمي على المختبرات الأميركية في الوقت الذي دخل فيه خبراء الأمم المتحدة الأراضي الأوكرانية التي تسيطر عليها روسيا لتفقد أكبر محطة للطاقة الذرية في أوروبا "محطة زابوريجيا"، وتقييم احتمالات حدوث كارثة إشعاعية مدمرة في ظل قصف شديد على مواقع قريبة من المحطة.
دعم عمليات المعلومات في الكرملين
ونقلت "رويترز" عن النائب البارز لرئيس الاستخبارات في شركة الأمن الوطني الأميركي "كراودسترايك"، آدم ماير، قوله إن "هذه واحدة من أهم مجموعات القرصنة التي لم تكن معروفة من قبل"، مضيفاً أنهم "ضالعون بشكل مباشر في دعم عمليات المعلومات في الكرملين".
وقال مسؤولون غربيون إن الحكومة الروسية تتصدر العالم في القرصنة الرقمية، وتستخدم التجسس الإلكتروني لسرقة معلومات عن الحكومات والصناعات الأجنبية للحصول على ميزة تنافسية، إلا أن موسكو نفت تورطها في أنشطة القرصنة.
وأكدت "رويترز"، وفق النتائج التي توصلت إليها مع خبراء الأمن الإلكتروني، ضلوع فريق قراصنة "كولد ريفر" في محاولات اختراق المختبرات النووية، بناء على آثار رقمية مشتركة ربطها الباحثون تاريخياً بالفريق.
يشار إلى أن هجمات إلكترونية عدة هزّت الولايات المتحدة خلال الأشهر الأخيرة، بينها اختراق هائل لشركة "سولار ويندز"، التي تعنى بنشر برامج إدارة تكنولوجيا المعلومات، وأثر ذلك على آلاف شبكات الكمبيوتر التابعة للحكومة الأميركية، في حين حملت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن روسيا مسؤولية الهجمات، وفرضت عقوبات مالية على موسكو وطردت دبلوماسيين.
كما استهدف قراصنة روس، منتصف أيار من العام 2021، مجموعة "كولونيال بايبلاين"، التي تعد من أكبر مشغلي خطوط أنابيب النفط في الولايات المتحدة، مما تسبب بتوقف كل عملياتها وأدى إلى أزمة وقود في عدة ولايات بالساحل الشرقي.
حينئذ، اتهم الرئيس الأميركي مجموعة قراصنة إجرامية مقرها روسيا بتنفيذ الهجوم، لكنه أشار إلى أنه "ليس لدى أجهزة مخابراتنا أي دليل على تورط روسي رسمي".