حاول أحد الوكلاء الرياضيين العرب المقيمين في قطر تأمين عقد احتراف للاعب السوري المنشق عن نظام الأسد "جميل العبد الله"، لكن الوكيل فشل في استخراج فيزا لتجريب اللاعب، وبالمقابل حصل لاعب منتخب النظام "أسامة أومري" على فيزا للدولة نفسها.
هذه المشكلة ليست فردية بل يواجهها عدد كبير من لاعبي كرة القدم الذين أعلنوا انشقاقهم عن منتخب النظام وانحيازهم للثورة السورية، ولكنهم لم يوفقوا في تأمين تفرغ أو فرصة لاحتراف كرة القدم كمهنة، فيما بات يُعرف بـ"الاحتراف الرياضي"، وتمكّن عدد قليل من اللاعبين السوريين المنشقين من الاحتراف في الدوري التركي هذا العام كـ"ـمحمود كرزون" (لاعب منتخب الناشئين) و"محمد إبراهيم" القادم من الدوري العماني، اللذين احترفا بولاية "هاتاي" والحارس "علي هنداوي"، واللاعب "محمد ناصر" اللذين احترفا بنادي ولاية "كلس".
ورغم موهبة اللاعب "جميل العبد الله" وخوضه عدة تجارب مع أندية "غلطة سراي" و"بيشكتاش" و"سيفاس سبور"، لكنه لم يتوصل لتوقيع عقود احتراف في تركيا على غرار ما حصل في قطر ورشح اللاعب "عبد الرحمن أبو زيد" للاحتراف مع أحد الأندية في "بورصة" التركية أيضا، ولكنه لم يوقع بسبب كلفة الرسوم بتركيا وعدم وجود قرارات مساعدة، كما وقفت هذه الرسوم عائقاً في وجه غيره من اللاعبين، مما اضطر عددا كبيرا منهم للهجرة إلى أوروبا والبحث عن فرص احتراف لائقة بهم هناك.
"فراس العلي" الذي لعب سابقاً ضمن أكبر الأندية في سوريا تم اختياره ضمن 20 لاعباً مهماً في سوريا اختار الانشقاق عن منتخب النظام والخروج من سوريا إلى تركيا، ويعيش "العلي" اليوم في خيمة بمخيم "قرقميش" (جنوب تركيا) مع أطفاله الثلاثة منذ 3 سنوات في ظروف معيشية صعبة ولكنه لم يتمكن من الاستفادة من خبرته الرياضية.
عقبة الفيزا جواز السفر
وروى العلي أنه احترف اللعب خارج سوريا لموسم واحد عامي 2013/2014 مع نادي "الشيخ حسين" الأردني في الدوري الممتاز، ووقع -كما يقول- عقداً لمدة 3 مواسم إضافية مع النادي المذكور وذهب إلى تركيا لاصطحاب عائلته، وفي أثناء تلك الفترة التي لم تتجاوز أياماً قليلة أصدرت المملكة الأردنية الهاشمية قراراً بعدم دخول السوريين إلى أراضيها إلا بوجود فيزا خليجية أو أوروبية في جوازات السفر.
وأكد اللاعب الثلاثيني أنه لم يتمكن من الاحتراف في الدوري التركي لأن جواز سفره منتهي الصلاحية منذ 3 سنوات، ولا يملك إقامة وهو بحاجة لإخراج ورقة تُسمى (ليستانس) وكل ذلك ليس بمقدوره حالياً بسبب كلفتها الباهظة، مشيراً إلى أن أحد نوادي العاصمة أنقرة دعاه في الموسم الماضي للعب في دوري الدرجة الثالثة، ولكن بأجور رمزية ورغم موافقته لم يتمكن بسبب العوائق المذكورة.
وبدوره أكد الناقد والصحفي الرياضي "أنس عمو" أن الحكومة التركية لا تقدم أي تسهيلات للاعب السوري رغم التسهيلات المقدمة للسوريين في كافة النواحي.
وأردف "عمو" أن اللاعب السوري يعامل في تركيا معاملة اللاعب الأجنبي فعليه -كما يقول- أن يدفع رسوماً تتراوح بين 8-10 آلاف ليرة تركية (أقل من ألفي دولار) كرسوم تسجيل في الاتحاد التركي، مع العلم -كما يقول- أن معظم اللاعبين اللاجئين يعيشون في تركيا من دون أي مورد مالي، ومن يملك هذا المبلغ هاجر به إلى أوروبا وأصبح يلعب مع الأندية الألمانية مثلاً كأي لاعب ألماني محلي إضافة إلى حصوله على ميزات السكن والراتب الشهري والإقامة وجواز السفر من الحكومة الألمانية، بينما في تركيا عليه أن يدفع حتى يلعب.
وثائق الإقامة
ولفت محدثنا إلى أن على اللاعب السوري أن يستخرج إقامة بدل إقامة لاجئ ليسمح له باللعب في الدوري التركي وتكاليف الإقامة على اللاعب، وتبدو مشكلات الاحتراف بالنسبة للاعبين السوريين الذي انشقوا عن النظام في البلدان العربية أصعب وأعقد من تركيا، ففي العراق ولبنان مثلاً يبدو هذا الاحتراف شبه مستحيل بسبب هيمنة الأحزاب الداعمة للأسد على مفاصل كرة القدم والأندية وبخاصة أندية الدرجة الأولى، أما الأندية الأخرى فهي تخشى التعاقد مع لاعب معارض تفادياً من الإشكال مع حزب الله في لبنان، أما في العراق فأغلبية الأندية تتبع لوزارات أو مؤسسات حكومية تدعم الأسد.
ولا يبدو الوضع في دول الخليج –حسب عمو- أفضل حالاً، فبعض هذه الدول تختلف فيها قرارات منح الفيز للسوري فيها بين الوقت والآخر فالكويت مثلاً كانت تمنع منح الفيز للسوريين، ولكن قبل عام اختلف الوضع وبات هناك منح للفيز للاعبين السوريين، ورغم ذلك لم يتعاقد أي نادي كويتي مع أي من اللاعبين المعارضين سواء كانوا في دول الجوار أو في أوروبا، وكذلك أوقفت سلطنة عمان والسعودية وقطر منح الفيز للسوريين رغم أن الدولتين الأخيرتين داعمتان للثورة، ولكنهما لا يدعمان رياضة الثورة للأسف.
مصر.. تسهيلات قانونية وتضييق سياسي
وأكد محدثنا أن مصر هي البلد العربي الوحيد الذي أصدر قراراً بتشجيع الأندية للتعاقد مع اللاعبين السوريين، فمن حق كل نادٍ مصري -كما يؤكد- أن يتعاقد مع لاعبين اثنين سوريين ويتم معاملتهم معاملة اللاعب المحلي، ورغم ذلك لم تتعاقد الأندية المصرية مع أي من اللاعبين السوريين المعارضين، بسبب سياسة مصر القريبة إلى النظام.
وأشار عضو اتحاد كرة القدم الحر ومدير منتخبات سوريا سابقاً "وليد مهيدي" إلى أن جميع اللاعبين الذين انشقوا عن النظام لا يملكون أي وثائق تثبت أنهم كانوا لاعبين محترفين في الدوري السوري، لأن اتحاد الكرة لا يمنحهم أي إثباتات أو حتى صورة الكشف في الاتحاد ومعظم اللاعبين السوريين بمن فيهم الموجودون في سوريا لا يملكون أي إثبات من الاتحاد السوري أو الآسيوي، وكشف محدثنا أن رئيس اتحاد الكرة موفق جمعة "رأس الفساد"- حسب وصفه- أمر بعدم منح أي لاعب خارج سوريا أي وثيقة تثبت انتماء اللاعب أو المدرب للاتحاد السوري. وروى "مهيدي" الذي كان عضوا في الاتحاد الرياضي العام خلال الفترة ما بين 2005 -2012 أنه طلب من الاتحاد وثيقة تثبت ذلك فرفضوا بل إنهم –كما قال- سحبوا سجلاته من الاتحاد الآسيوي وكذلك ابنه "الحارث المهيدي" الذي اتبع دورة "C" الآسيوية ونجح فيها بتفوق ورغم ذلك رفض رئيس الاتحاد إرسال الشهادة الموجودة في الاتحاد إليه.