عناوين إيرانية وسورية للحرب الإسرائيلية الوشيكة على لبنان

2024.06.29 | 05:49 دمشق

آخر تحديث: 29.06.2024 | 05:49 دمشق

5466666666663
+A
حجم الخط
-A

يخوض الانتخابات الرئاسية الإيرانية في الـ28 من شهر حزيران الجاري –بعد صدور قرار مجلس صيانة الدستور- ستة مرشحين بينهم خمسة محافظين في مقابل إصلاحي واحد. عملية إعادة ترتيب أركان الحكم تجري على قدم وساق بعد الحادث الغامض الواضح الذي أطاح بالرئيس السابق ووزير خارجيته.

تجري هذه الانتخابات في وقت ترفع فيه إيران وتيرة التصعيد في كل مناطق النفوذ التي تمتلك سطوة عليها، لأنها باتت على يقين أن شبكة الاتفاقات التي تجري في المنطقة لا تصب في المجمل لصالحها. معادلات النفوذ تتغير وقد تخرجها من دائرة التأثير الفاعل وتقلص مشروعها الخارجي أو تدخله في سياقات يتحول بموجبها من امتياز إلى أزمة.

بناء على ذلك تلجأ إلى لعبتها الأثيرة القائمة على فتح سلسلة واسعة من الأزمات والتفاوض تحت ظلال التصعيد والنار.

تحولات كبرى تراكمت في الفترة الأخيرة وباتت الاستراتيجية الإيرانية في تحريك الأمور باهتة، كما أن تقديرات الضرر عند الدول التي تعاني من مشاكل معها خرجت بخلاصات تفيد أن كلفة المواجهة تبقى أقل من تركها تنفذ مشاريعها.

العنوان السوري الأبرز يتجلى في النفوذ الإيراني في مناطق الجنوب السوري في محافظات درعا والقنيطرة والسويداء المحاذية للحدود الأردنية. تقلبت فيها معادلات النفوذ والسطوة منذ العام 2018 حيث حقق النظام السوري حضورا ولكنه لا يزال هشا كما تحرص روسيا على ضبط الأمن وتسيير دوريات ولكن ظروف المنطقة وتعدد شبكات القوى المتصارعة والخصوصيات المذهبية دفعت بها إلى التفاهم مع قوى محلية ومراعاة مصالحها.

استفادت إيران من مشاكل النظام السوري مع العقوبات وتردي الأوضاع الاقتصادية والاحتجاجات المباشرة ضده في محافظة السويداء وغياب شبكات الخدمات العامة وانشغال روسيا في الميدان الأوكراني وحرصت على الدفع بثقلها إلى تلك المنطقة الاستراتيجية لاستغلالها كعنوان تفاوض.

أثار هذا الزخم الإيراني مخاوف أردنية كبرى خصوصا أنه بعد انفجار العدوان الإسرائيلي على غزة حاولت إيران فتح جبهات عديدة انطلاقا من دول المنطقة فصنعت مشاهد احتشاد ميليشيات عراقية على الحدود الأردنية كما فعّلت احتجاجات داخلية تحت عنوان نصرة غزة ورفعت وتيرة تهريب السلاح والمخدرات بشكل كبير واخترقت الأجواء الأردنية بالمسيرات.

ويضاف إلى ذلك وردود تقارير تتحدث عن مساع لتجنيد آلاف الأردنيين تحت عنوان دعم فلسطين بينما لا يخرج الأمر فعلا عن محاولة صناعة ذراع ميليشوية تدين لها بالولاء.

وكذلك تعتبر إسرائيل النفوذ الإيراني في تلك المنطقة بمثابة تهديد أمني استراتيجي لأنه يؤمن لها حرية تصنيع ونقل السلاح الثقيل وتدريب الميليشيات، كما أن موقع مناطق الجنوب السوري الاستراتيجي يمنح إيران قوة تفاوضية كبيرة يمكن توظيفها لانتزاع مكاسب قد لا تتناسب مع شروط الأمن الاستراتيجي الإسرائيلي التي تضع الخطوط الحمر حول أي منطقة يمكن فيها تخزين سلاح بعيد المدى.

من هنا فإن الحرب الإسرائيلية على لبنان التي يكثر الحديث عن قرب انفجارها تتخذ طابع تفكيك حضور إيران في المنطقة. والمؤشرات التي تؤكد أن كل الأطراف تستعد لها كثيرة وأبرزها حرص السلطة الإيرانية على الإمساك الكامل بمفاصل السلطة في الداخل ووضعها في قبضة المتشددين وذلك التصعيد الذي تقوده في كل اتجاه.

يبحث نتنياهو عن حربه وكذلك تفعل إيران، وإذا كان الميدان المباشر فسيكون لبنان إلا أن المنطلقات والأهداف والعناوين لا بد أن تشمل كذلك ضرب نفوذ إيران في سوريا.

وكذلك فإن الأزمات الإسرائيلية السياسية الداخلية والصراعات التي تنفجر داخل تركيبة الجهاز السلطوي السياسي والعسكري ستجعل من الهروب إلى الحرب مخرجا لا بديل عنه.

الحرب على غزة واجتياح رفح والعمليات التي تجري في الضفة لم تسمح لنتنياهو بإعلان انتصار يمكن توظيفه في خلق مخارج لمآزقه، بينما تجتمع عناوين عديدة لتجعل من مواجهة إيران وحزب الله عنوانا مغريا قد يدفع بأميركا والغرب إلى موالاته بعد أن بات عدد كبير من الدول يعتبر ما يجري في غزة إبادة ومجزرة وليس حربا، وبعد أن انتشرت تقديرات إسرائيلية تتوقع قرب صدور حكم قضائي دولي ضده.

يبحث نتنياهو عن حربه وكذلك تفعل إيران، وإذا كان الميدان المباشر فسيكون لبنان إلا أن المنطلقات والأهداف والعناوين لا بد أن تشمل كذلك ضرب نفوذ إيران في سوريا، وهو ما بات هدفا استراتيجيا للعديد من دول المنطقة التي يعول القرار الإسرائيلي بالحرب على التفاهم معها بشأن تلك الحرب التي تستجيب لمصالحها الأمنية والاستراتيجية.

ينتظر النظام السوري القرار الروسي الذي قد يذهب إلى دعم إيران في المعركة بقدر ما تنعكس سلبا على نفوذها في سوريا عموما وفي مناطق الجنوب خصوصا.

القرار الأميركي لا يزال حتى هذه اللحظة يعارض الحرب ولكن ما يصدر من تصريحات في هذا الصدد يشير إلى تفهم وقبول وإن كان لم يصل بعد إلى التغطية ومنح الضوء الأخضر. يعني ذلك أن أميركا لا تقف ضد الحرب بشكل حاسم ولكنها تفضل تجنبها لأسباب مباشرة تتعلق بالانتخابات الرئاسية.

ومن ناحية أخرى فإن اللقاءات التي أجراها المبعوث الأميركي إلى لبنان آموس هوكشتاين قد فشلت وخرج رئيس المجلس النيابي نبيه بري بتصريحات متشائمة يعلن فيها استعداد ميليشيا حركة أمل التي يترأسها بالوقوف إلى جانب حزب الله في المعركة إذا وسعت إسرائيل الحرب.

وتطلق إسرائيل رسائل على أكثر من صعيد تعلن فيها على غرار منظومتها الدعائية في غزة-التي جعلت من كل المنشآت والمؤسسات سواء أكانت دور عبادة أو مستشفيات مراكز حربية تمثل أهدافا مشروعة- أن الأمر نفسه ينطبق على لبنان.

تقرير "التلغراف" الذي يجعل المطار مخزن سلاح تابع لحزب الله يأتي إليه السلاح من سوريا وإيران عنوان واضح في هذا الاتجاه.

وعليه تتراكم العناوين السورية والإيرانية للحرب القادمة على لبنان، وإذ تتعامل إسرائيل معه على أنه بكل مناطقه ليس سوى مستودع سلاح فإن إيران تنظر إليه كساحة صراع حاسمة على النفوذ، بينما ينتظر النظام السوري القرار الروسي الذي قد يذهب إلى دعم إيران في المعركة بقدر ما تنعكس سلبا على نفوذها في سوريا عموما وفي مناطق الجنوب خصوصا.