icon
التغطية الحية

علماء بريطانيون: لا تقتل نفسك ببطء عبر الجلوس لساعات طويلة على مدار اليوم

2024.06.29 | 05:52 دمشق

آخر تحديث: 29.06.2024 | 05:52 دمشق

صورة تعبيرية لأضرار الجلوس لساعات طويلة - المصدر: الإنترنت
صورة تعبيرية لأضرار الجلوس لساعات طويلة - المصدر: الإنترنت
The Telegraph- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

سواء أكنت تطالع الأخبار عبر هاتفك في الصباح، أو ترد على البريد الإلكتروني، أو تشاهد التلفاز، فإن كمّاً كبيراً من أنشطتنا اليومية أصبحت تعتمد على الجلوس لفترات طويلة.

إن كنت تجلس لتسع ساعات، أي لمدة تزيد على نصف فترة صَحوك، فإن المتوسط الذي حددته المملكة المتحدة لصحوِ البشر ينطبق عليك، بيد أن موظفي المكاتب يبقون صاحين لفترات أطول، بما أنهم يبقون يعملون وراء مكاتبهم لمدة تعادل سبع ساعات يومياً بشكل وسطي، وذلك قبل احتساب فترة جلوسهم في وسائط النقل أو على الأريكة في بيوتهم.

غير أن عادة الجلوس تدمر الصحة، إذ حذر بحث من الأبحاث العلمية من خطر الجلوس لفترات طويلة في اليوم وذلك لأن ذلك يزيد من خطر زيادة الوزن، والإصابة بمرض السكري من الدرجة الثانية، ناهيك عن الإصابة بالسرطان والموت المبكر. أي أن الجلوس لفترات طويلة مضر بالصحة ولهذا يفضل أخذ قيلولة للاستراحة من الجلوس.

في دراسة نشرت مؤخراً أجراها علماء بجامعة كوينزلاند تبين بأن إمضاء الإنسان لثلاث ساعات وهو يلعب ألعاب الفيديو، وتلك الألعاب تنطوي على حالة جلوس مع الانحناء فوق جهاز التحكم، تكفي لمضاعفة خطر الإصابة بمشكلات تؤذي العضلات مثل الآلام التي تصيب الرقبة والظهر.

وفي الوقت الذي ركزت فيه الدراسة على من اعتادوا تلك الألعاب، أشارت كبيرة الباحثين جيني ليوند إلى أن الطلاب الذين يلعبون لبضع ساعات يومياً يمضون وقتاً أقل على الحاسوب مقارنة بالموظفين في المكاتب.

تتطابق النتائج التي خلصت إليها تلك الباحثة مع نتائج بحث أجري سابقاً عن مخاطر إمضاء وقت طويل جداً بوضعية الجلوس، وقد تم تسليط الضوء على هذه المشكلة في ورقة بحثية نشرت عام 1953 أجراها باحثون بمجلس الأبحاث الطبي في المملكة المتحدة.

درس فريق الباحثين في تلك الورقة البحثية وضع سائقي الحافلات، الذين يجلسون طوال فترة عملهم، وزملائهم الذين يعملون في قطع التذاكر والذين يصعدون مئات الدرجات خلال فترة دوامهم في العمل، فكشفت النتائج أن السائقين أكثر عرضة للوفاة بمرض قلبي بنسبة الضعفين مقارنة بالعاملين في مجال قطع التذاكر.

ومنذ ذلك الحين، أصبحت الأبحاث الاستقصائية تكشف عن مخاطر الجلوس لفترات طويلة.

إذ في عام 2017، كشفت دراسة نشرتها جامعة وورويك أن الأشخاص الذين يمارسون أعمالاً مكتبية يعانون من تضخم في المعصم، وهم أكثر عرضة للإصابة بمرض قلبي مقارنة بالموظفين الذين يشتمل عملهم على الحركة والتنقل.

وكشف تحليل لوضع أكثر من 100 عامل في مجال البريد أن الموظفين الذين يعملون في المكاتب يعانون من تضخم في المعصم، وهم عرضة بنسبة أكبر للإصابة بمرض قلبي وارتفاع الكولسترول مقارنة بالعاملين الذين يقومون بتوزيع البريد.

بعد ذلك نبهت دراسة نشرتها جامعة كلية لندن في تشرين الثاني الماضي إلى أن أي نوع من الأنشطة حتى ولو كان مجرد قيلولة مفيد للصحة أكثر من وضعية الجلوس.

ما الذي يحدث لجسمك عندما تجلس لفترة طويلة؟

  1. الضغط على منطقة البطن مما يبطئ عملية الهضم ويتسبب بالإمساك.
  2. عدم تدفق الدم بشكل جيد إلى جميع أرجاء الجسم، ما يسمح للحموض الدهنية بالتراكم وبالتالي يزيد من خطر الإصابة بمرض قلبي.
  3. عدم ممارسة التمارين الرياضية يقلل من حالة التحفيز ويزيد من الكورتيزول ويسبب القلق والاكتئاب
  4. يضعف العظام بسبب غياب المحفز، ما يزيد من خطر الإصابة بكسور.

أمراض الجلوس

تبين للعلماء الذين راقبوا أكثر من 15 ألف إنسان ارتدوا أجهزة لتعقب حركاتهم، بأن النوم لنصف ساعة بدلاً من الجلوس يخفض مؤشر كتلة الجسم بمعدل نقطة واحدة، ويصغر قياس محيط الخصر بنسبة الثلثين. بل إنهم لاحظوا ظهور تحسن أكبر لدى الأشخاص الذين صاروا يمشون أو يجرون أو يصعدون الأدراج لمدة نصف ساعة.

في حين حذر تحليل منفصل أجرته جامعة الملكة ببلفاست في عام 2019 من أن جائحة الجلوس كما سمّتها تتسبب بوفاة 70 ألف شخصٍ في المملكة المتحدة كل عام، وتكلف النظام الصحي في بريطانيا نحو 800 مليون جنيه إسترليني.

في حين ربطت دراسات أخرى الجلوس المفرط بمرض السرطان وهشاشة العظام وتراجع جودة الحياة والاكتئاب والقلق والتوتر بل حتى الخرف.

وعن ذلك يقول الأستاذ لي سميث وهو خبير بالنشاط الفيزيائي وسلوكيات الجلوس لدى جامعة أنغليا روسكين: "ثمة أدلة كثيرة تشير إلى ارتباط الجلوس لفترات طويلة بعدد من مشكلات الصحة الجسدية والنفسية".

وأهم سبب يؤثر سلباً على الصحة هو أن الجلوس لفترات طويلة يخفض عملية الاستقلاب، أي حرق الجسم للسعرات الحرارية، حيث تنخفض تلك العملية بصورة يومية.

وتتداخل هذه المشكلة مع مشكلة ضبط سكر الدم وضغطه وتكسير الدهون، مما يؤدي إلى زيادة في الوزن وحدوث التهابات.

كما أن الجلوس لفترات طويلة يعتبر مؤشراً لسلوكيات أخرى غير صحية، مثل الإفراط في تناول الوجبات الخفيفة، وممارسة قدر ضئيل من التمارين الرياضية، وهذا ما يؤدي إلى توسع محيط الخصر، ويضعف الصحة عموماً برأي الدكتور سميث.

أما الدكتور جيمس بيتس وهو أستاذ في فيزيولوجيا الاستقلاب بجامعة باث، فقد حذر من الجلوس لفترات طويلة لأن ذلك قد يتسبب بإضعاف العضلات وتراجع مرونتها، وعن ذلك يقول: "إن استخدامك لعضلاتك وتحميلك لثقل على عظامك سيقويها بكل تأكيد، والعكس صحيح، أي أن عدم استخدامها لا بد أن يضعفها بسرعة".

كما يزيد الجلوس لفترات طويلة من خطر الإصابة بجلطات في الدم خاصة في عروق الساق، ويعلق على ذلك الدكتور بيتس بالقول: "كثيرون باتوا على دراية بخطر الجلوس لفترات طويلة لأننا كثيراً ما نحدثهم عن ذلك قبل الرحلات الجوية الطويلة بالطائرة، بما أن الدم يتجمع في الساقين خلال تلك الرحلات في حال عدم القيام بنشاط عضلي يساعد على ضخ الدم نحو القلب".

الحلول

إلا أن الجلوس لفترات طويلة يعتبر مشكلة يمكن تجاوزها بسهولة بالنسبة لكثيرين، إذ يقول الدكتور بيتس: "تظهر الاستقصاءات التي أجريت على سكان المملكة المتحدة بأن الشخص البالغ يمضي وسطياً تسع ساعات أو أكثر جالساً كل يوم، وتعتبر هذه الفترة طويلة بحق، ولهذا أنصح الجميع بالحد من إجمالي وقت الجلوس، وحتى لو تعيّن على المرء الجلوس لمدة تسع ساعات مثلاً نظراً لطبيعة عملهم فيفضل قطع فترات الجلوس عبر أخذ استراحات تمارس فيها أنشطة حركية".

ينصح الدكتور سميث بأخذ استراحة لمدة دقيقتين عقب كل عشرين دقيقة جلوس وذلك عبر الوقوف أو القيام بأي حركة من شأنها تجنب تلك الأضرار.

أما بالنسبة للأشخاص الذين يبقون في المنزل فإن ذلك يتمثل بالقيام عن الكرسي مع كل فاصل إعلاني يظهر على التلفاز أو بعد قراءة ست صفحات من الكتاب، وثمة عادات أخرى تشمل الوقوف في أثناء إجراء المكالمات الهاتفية أو المشي بعد تناول وجبة العشاء.

يتعين على العاملين في المكاتب أخذ استراحة دورية بعيداً عن مكاتبهم، وذلك عبر جلب كأس من الماء أو التحدث إلى الزملاء بطريقة شخصية بدلاً من استخدام البريد الإلكتروني، وثمة خيارات تتمثل بعقد اجتماعات يطلب من الموظفين فيها السير في أثناء الاجتماع، أو استخدام مكتب يقف الجميع حوله.

بيد أن الدكتور بيتس يطمئن الأشخاص الذين لا يقدرون على الوقوف أو من لديهم فرص محدودة للقيام بذلك، ويطلب منهم ألا يجزعوا بسبب هذا الأمر، وهذا بالطبع لا يتلخص بشعار: "أسلوب التدخين الجديد" على الرغم من تكرار هذا الشعار على لسان بعض الباحثين.

وتعقيباً على ذلك يضيف الدكتور بيتس: "بالنسبة لمن ينهضون من على مقاعدهم، من الأفضل لهم الاستفادة من هذه الفرصة حتى يتحركوا في أرجاء المكان بدلاً من الوقوف في مكان واحد، ثم إن بعض الناس يستفيد من برامج التذكير الدورية التي تدفعهم لأخذ استراحة يمارسون خلالها نشاطاً معيناً".

كما أشارت الدراسات إلى أن تخصيص بضع دقائق في اليوم لممارسة تمارين رياضية قصيرة يبعد المرء عن أضرار الجلوس إلى أبعد الحدود.

وكشفت دراسة أجراها باحثون في جامعة نيرويجية بأنه في الوقت الذي يزيد فيه الجلوس لأكثر من 12 ساعة في اليوم من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 38%، فإن المشي السريع لمدة 22 دقيقة، أو ركوب الدراجة أو غير ذلك من أشكال التمارين الرياضية التي تتراوح شدتها ما بين المتوسطة والقوية كلها تخفض تلك النسبة بشكل كبير.

المصدر: The Telegraph