ملخص:
-
نتنياهو يجدد تمسكه بالسيطرة على محور فيلادلفيا وممر نتساريم في قطاع غزة، مما يعرقل المفاوضات.
-
بايدن يتصل بنتنياهو بهدف دفع المفاوضات نحو اتفاق لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، وعقد قمة منتظرة في القاهرة.
-
نتنياهو يواجه انتقادات داخل إسرائيل لتعطيله المفاوضات وعدم التوصل إلى اتفاق لاستعادة الأسرى.
-
حماس تعتبر التصريحات الأميركية انقلاباً على ما تم الاتفاق عليه في السابق.
جدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الخميس، تمسكه بالسيطرة على محور فيلادلفيا (محور صلاح الدين) على الحدود بين قطاع غزة ومصر، وذلك عشية جولة مفاوضات جديدة من المتوقع أن تعقد غداً في القاهرة، وتبذل من أجلها واشنطن جهوداً كثيفة لإنقاذ المفاوضات من الانهيار.
جاء ذلك في اتصال هاتفي أجراه الرئيس الأميركي مع نتنياهو للدفع نحو اتفاق لتبادل أسرى ووقف إطلاق ناز في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس.
ويشترط نتنياهو عدم انسحاب الجيش الإسرائيلي في محور فيلادلفيا، الذي يفصل بين القطاع ومصر، وممر نتساريم الذي يقسم القطاع إلى قسمين شمالي وجنوبي، ويعتبرهما "من الأصول الاستراتيجية لإسرائيل"، على حد تعبيره.
والثلاثاء الماضي، كرر نتنياهو شروطه بعدم الانسحاب من فيلادلفيا ونتساريم، خلال لقائه بممثلي عائلات المحتجزين الإسرائيليين، الأمر الذي أثار ردود فعل غاضبة داخل الأوساط الإسرائيلية، من الحكومة والجيش والمعارضة، التي تتهم نتنياهو بعرقلة ونسف المفاوضات للتوصل إلى صفقة تبادل أسرى.
وكانت العاصمة القطرية الدوحة قد استضافت، يومي 15 و16 من آب/أغسطس الجاري، جولة محادثات بشأن وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى، من دون تحقيق انفراجة. قدمت واشنطن خلالها مقترحاً لـ "سد الفجوات" يجري التفاوض بشأنه.
بايدن يتصل بنتنياهو
عشية جولة مفاوضات منتظرة في القاهرة، تحدث الرئيس الأميركي جو بايدن هاتفياً مع نتنياهو للدفع نحو الصفقة المطروحة.
ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن مصادر بالإدارة الأميركية لم تسمها أن "نتنياهو ذكر في الاتصال الهاتفي خريطة توضح بالتفصيل المواقع التي ستبقى فيها القوات الإسرائيلية على طول محور فيلادلفيا".
من جانبها، ذكرت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، اليوم الخميس، نقلاً عن مصدر سياسي إسرائيلي لم تسمه، أن "رئيس الوزراء لم يغير موقفه من ضرورة السيطرة وعدم الانسحاب الإسرائيلي في محور فيلادلفيا".
وأضافت "يصر المسؤولون الإسرائيليون على وجود فجوات بين التفاؤل الذي ينشره كبار المسؤولين الأميركيين (بشأن المفاوضات) وبين ما يجري في الغرف المغلقة".
وتابعت، "بحسب مصادر مطلعة، طالما يوجد إصرار على نشر القوات على طول المحور بالكامل، فلن يكون هناك اتفاق، والخيار الإسرائيلي المطروح في الغرف المغلقة يتعلق بخفض القوات وليس بموقعها".
ونقلت هيئة البث عن المصادر الإسرائيلية ذاتها، "وصلنا للأسف إلى مرحلة لعبة اللوم، فكل طرف يتصرف وكأن هدفه إظهار الطرف الآخر مذنباً".
و"تشعر الدول الوسيطة (مصر وقطر والولايات المتحدة) بالإحباط، فالمخطط الإسرائيلي هو خط حماس الأحمر، ومخطط حماس هو خط إسرائيل الأحمر"، وفق المصدر السابق ذاته.
وتصر حماس على إنهاء الحرب، وانسحاب الجيش الإسرائيلي تماماً من قطاع غزة، وحرية عودة النازحين إلى مناطقهم، ضمن أي اتفاق لتبادل أسرى.
واستدركت هيئة البث، "وفق المصادر، نقلت حماس رسالة إلى الوسطاء مفادها أن الحركة لا تزال جزءاً من المحادثات، وأنها مهتمة بالتوصل إلى اتفاق".
مفاوضات "الفرصة الأخيرة"
ذكرت هيئة البث الإسرائيلية، "بالنسبة لبايدن فإن هدف الاتصال هو إنقاذ المفاوضات، بل وسيرسل مبعوثه إلى الشرق الأوسط بريت ماكغورك إلى القاهرة لضمان انعقاد القمة (المفاوضات) واستمرار الاتصالات".
وترى إدارة بايدن أن عدم عقد مثل هذه القمة لن يكون فشلاً فحسب، بل أيضاً بمنزلة إشارة إلى انهيار الاتصالات، بحسب تقرير هيئة البث الإسرائيلية، الأمر الذي يمكن اعتباره "الفرصة الأخيرة" للمفاوضات من وجهة نظر الوسيط الأميركي.
وأضافت هيئة البث، أن إدارة بايدن تسعى إلى عقد قمة رفيعة أخرى في القاهرة، أُعلن عنها الأسبوع الماضي في ختام مفاوضات الدوحة الأخيرة.
ويُقصد بالقمة اللقاءات التي تعقد بمشاركة مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية ويليام بيرنز ونظيريه المصري عباس كامل والإسرائيلي دافيد برنياع، بالإضافة إلى رئيس الوزراء وزير خارجية قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.
يذكر أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أجرى جولة إقليمية في المنطقة، للمرة التاسعة منذ بدء الحرب، زار فيها إسرائيل ومصر وقطر، بدأت بعد مفاوضات الدوحة وانتهت أمس الأربعاء، ودفع خلالها لقعد "قمة القاهرة".
المفاوضات "على وشك الانهيار"
قالت صحيفة "بوليتيكو"، أمس الخميس، إن المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة حماس "على وشك الانهيار"، ويأتي ذلك في أعقاب تجديد نتنياهو "شروطاً" يصفها مسؤولون في تل أبيب بأنها "تعرقل مسار التقدم".
ونقلت الصحيفة الأميركية عن 4 مسؤولين، اثنين أميركيين وآخرين إسرائيليين، لم تسمهم، قولهم إن المفاوضات التي جرت بوساطة الولايات المتحدة وقطر ومصر "وصلت إلى طريق مسدود".
وقال المسؤولون إن المقترح الأميركي الأخير هو "الأقوى حتى الآن"، ويتكيف مع مطالب كل من حماس وإسرائيل، وفق ادعائهم.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في حال فشلت المفاوضات، والتي من المتوقع أن تستضيف القاهرة نهاية هذا الأسبوع جولة جديدة منها، لن يكون هناك بديل فوري يمكن أن يمنع من اتساع الصراع إقليمياً.
تعنت نتنياهو
في أعقاب مفاوضات الدوحة، الأسبوع الماضي، أظهرت تصريحات الإدارة الأميركية "تفاؤلاً نسبياً" وتحدثت عن مضي محادثات الدوحة في "أجواء إيجابية"، ولكن نتنياهو عاد وجدد تمسك حكومته بشروط ترفضها حماس بشكل مطلق.
وحذر وزير دفاع إسرائيل يوآف غالانت، ورئيس الموساد دافيد برنياع، في وقت سابق، من أن شروط نتنياهو ستعرقل التوصل إلى الصفقة.
وكشفت تسريبات إعلامية أن نتنياهو أقر، خلال لقاء عقده الثلاثاء الماضي مع ممثلي عائلات الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة، بأنه "غير متأكد من إمكانية إبرام اتفاق مع حماس من عدمه".
وكرر نتنياهو خلال اللقاء رفضه الانسحاب من محور فيلادلفيا وممر نتساريم، وذلك على الرغم من حديث الوسطاء عن التقدم في مفاوضات التهدئة وتأكيد واشنطن أن نتنياهو وافق على الأفكار المطروحة.
وقال نتنياهو إن إسرائيل لن تغادر تحت أي ظرف من الظروف محور فيلادلفيا وممر نتساريم رغم الضغوط الهائلة التي تتعرض لها للقيام بذلك.
وشدد نتنياهو بقوله: "إن فيلادلفيا ونتساريم هما أصول استراتيجية، عسكرية وسياسية على حد سواء".
وأضاف نتنياهو: "لست متأكدا من أنه سيكون هناك اتفاق مع حماس، لكن إذا حدث ذلك فسيكون اتفاقاً يحفظ مصالحنا".
מספיק עם התדרוכים, מספיק עם הציוצים, מספיק עם החרוזים מול מצלמות. כל הנסיונות של נתניהו לחבל במשא ומתן צריכים להפסק. עסקה עכשיו, לפני שכולם ימותו.
— יאיר לפיד - Yair Lapid (@yairlapid) August 20, 2024
"نتنياهو ينسف الصفقة"
أثارت تصريحات نتنياهو ردود فعل غاضبة في إسرائيل واتهامه بنسف إمكانية "الفرصة الأخيرة" لاستعادة الأسرى المحتجزين في قطاع غزة.
يُذكر أن تصريحات نتنياهو جاءت بعد ساعات من إعلان الجيش الإسرائيلي، صباح الثلاثاء الماضي، استعادة جثث 6 من المحتجزين في غزة منذ 7 من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، عبر عملية مشتركة مع جهاز الأمن الداخلي "الشاباك".
الأمر الذي أثار غضباً واسعاً في صفوف عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة، والتي حملت في بيان حكومة نتنياهو المسؤولية عن وفاة ذويهم في القطاع، معتبرة أنه كان من الممكن إنقاذ حياتهم لولا التأخير في عقد صفقة مع حماس.
طالب زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، الثلاثاء، بوقف محاولات نتنياهو "تخريب" محادثات التوصل إلى صفقة مع حركة حماس بشأن وقف الحرب وتبادل الأسرى.
وقال لابيد، في تدوينة نشرها عبر منصة "إكس"، "يجب أن تتوقف كل محاولات نتنياهو لتخريب المحادثات" مع حماس.
وأضاف زعيم المعارضة الإسرائيلية: "يجب إبرام صفقة الآن قبل أن يلقى جميع المختطفين (المحتجزين الإسرائيليين في غزة) حتفهم".
بدورها، ردت هيئة عائلات الأسرى الإسرائيليين على تصريحات نتنياهو، واتهمته بـ "نسف" إمكانية التوصل إلى صفقة و"التخلي الكامل" عن المحتجزين في قطاع غزة.
وقالت الهيئة إن "تصريحات نتنياهو تشكل عملياً نسفاً للصفقة".
وأضافت الهيئة في بيان جديد: "لم يفهم نتنياهو أن التخلي عن المختطفين يؤدي إلى قتلهم في الأسر".
وأشارت إلى أن "المختطفين لا يعانون فحسب، بل يموتون أيضاً. ولا أمل ولا بطولة في الصمود الذي سيؤدي إلى استمرار موتهم جميعاً".
وختمت هيئة عائلات الأسرى بالقول: "لقد تخلت الحكومة الإسرائيلية عن المختطفين في 7 من أكتوبر، وتتخلى عنهم الآن نهائياً".
حماس: التصريحات الأميركية "انقلاب" على الصفقة
في المقابل، قالت حماس إن ما أُبلغت به قيادة الحركة عن نتائج اجتماعات الدوحة لوقف إطلاق النار يعد تراجعاً عما تم الاتفاق عليه في 2 من تموز/يوليو الماضي، استناداً إلى مقترح الاتفاق الذي أعلنه الرئيس الأميركي جو بايدن نهاية أيار/مايو الماضي.
وانتقدت حماس التصريحات الأميركية التي تتهم الحركة بعرقلة المفاوضات، ووصفتها بأنها تضليل وانقلاب على ما تم الاتفاق عليه قبل نحو شهرين.
من جانب آخر، كشفت هيئة البث، أمس الأربعاء، نقلاً عن مصادر مطلعة لم تسمها، عن أن مصر وقطر حذرتا الولايات المتحدة من أن فرصة قبول حماس بالمقترح الأميركي الجديد لوقف إطلاق النار "ضئيلة".
وجاء ذلك بعد ثلاثة أيام من إعلان "حماس" أن نتنياهو لا يزال يضع العراقيل أمام التوصل إلى اتفاق، وأن المقترح الأميركي الجديد "يتماهى مع شروطه".
وأوضحت الحركة أن المقترح الأميركي يستجيب لشروط نتنياهو، وخاصة رفضه لوقف دائم لإطلاق النار وللانسحاب الشامل من قطاع غزة وإصراره على مواصلة احتلال ممر نتساريم ومعبر رفح ومحور فيلادلفيا، كما وضع شروطاً جديدة في ملف تبادل الأسرى، وتراجع عن بنود أخرى، ما يحول دون إنجاز صفقة التبادل.
منذ 321 يوماً، تشن إسرائيل، بدعم أميركي، حرباً على غزة خلّفت أكثر من 133 ألف قتيل وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل إسرائيل الحرب، متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فوراً، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي في غزة.