icon
التغطية الحية

ظروف اللاجئين السوريين في لبنان تزداد سوءاً

2023.06.15 | 09:08 دمشق

مخيم بر الياس في لبنان ـ رويترز
مخيم بر الياس للاجئين السوريين في لبنان ـ رويترز
abc news - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

بعد ستة أشهر من تلقيها لمكالمة أبلغت فيها بأن الأمم المتحدة قطعت عنها المساعدات، صارت نجوى الجاسم تعاني في تأمين طعام أولادها الأربعة ودفع إيجار خيمتهم في مخيم للاجئين السوريين شرقي وادي البقاع بلبنان.

حصلت نجوى على مؤونة غذائية لمرة وحدة مع مبلغ نقدي يغطي معظم نفقاتها الشهرية المتواضعة، غير أن الأسرة لم تعد تحصل اليوم إلا على ما يعادل عشرين دولاراً فقط بالشهر، وهذا ما يغطي إيجار الخيمة الصغيرة التي تعيش فيها.

أما زوجها فهو عامل مياوم يمارس عمله على فترات متقطعة، ولهذا تتحدث نجوى عن وضعها فتقول: "أولادي صغار جداً ومن الصعب علي أن أرسلهم للعمل في الحقول، ولهذا صرنا نتناول وجبة واحدة باليوم".

تقلبات تمويلية دولية

تحاول المنظمات الإغاثية جاهدة لفت أنظار العالم من جديد تجاه محنة السوريين من أمثال نجوى وذلك في المؤتمر السنوي للمانحين الذي سيعقد يوم الأربعاء برعاية الاتحاد الأوروبي في بروكسل وهو مخصص للإغاثة الإنسانية المخصصة للاستجابة المعنية بالأزمة السورية.

والتمويل الذي سيتم تحصيله من خلال المؤتمر الذي سيمتد ليومين سيوجه لتقديم الإغاثة للسوريين في الداخل السوري، وكذلك لنحو 5.7 ملايين لاجئ سوري يعيشون في دول الجوار، وعلى رأسها تركيا ولبنان والأردن.

وخلال هذا العام، تهدف الجهات المنظمة إلى رفع التمويل ليصل إلى نحو 11.2 مليار دولار، على الرغم من اعتراف بعض المسؤولين في المجال الإنساني بأن هذا المبلغ لن يكفي لسد الاحتياجات على الأرجح.

ولكن في يوم الثلاثاء، أي قبل يوم من عقد المؤتمر، أعلن برنامج الغذاء العالمي بأنه يتعرض لأزمة تمويل غير مسبوقة ستتسبب بقطع المساعدات عن مليونين وخمسمئة ألف نسمة من أصل 5.5 ملايين نسمة من الأشخاص الذين يتلقون المساعدات الغذائية في سوريا.

يأتي هذا المؤتمر بعد  ثلاثة عشر عاما من الثورة السورية، وبعد زلزال مدمر بلغت شدته 7.8 درجات دمر مساحات شاسعة في سوريا خلال شهر شباط الماضي، ما زاد من حجم المأساة وعقد وضعها، إذ قدر البنك الدولي قيمة الخسائر بأكثر من خمسة مليارات دولار، بعدما دمر الزلزال البيوت والمشافي وعطل شبكة الكهرباء الضعيفة في سوريا أصلاً، وكذلك الأمر بالنسبة للبنية التحتية المخصصة للمياه.

تقلبات سياسية

ينعقد المؤتمر في فترة تشهد تقلبات سياسية بالنسبة للاجئين المقيمين في دول الجوار، فقد تم مد رئيس النظام السوري بشار الأسد بشريان حياة سياسي مهم أخيراً إثر عودة دمشق للجامعة العربية، وهذا ما دفع الدول المجاورة لسوريا للمطالبة بإعادة اللاجئين أفواجاً.

أما الخطاب المعادي للاجئين فقد زاد في لبنان وتركيا، بعد تعرضهما لأزمات اقتصادية وسياسية.

ففي لبنان، حيث ينحي المسؤولون بلائمة الأزمة الاقتصادية على اللاجئين الذين يقدر عددهم بنحو مليون وخمسمئة ألف نسمة، فرضت السلطات حظر تجوال على اللاجئين وقيدت قدرتهم على استئجار البيوت، كما أعلنت منظمات حقوقية بأن الجيش اللبناني رحل المئات من اللاجئين السوريين خلال الأشهر القليلة الماضية.

أما في تركيا التي رحبت بالسوريين واستقبلتهم واحتضنتهم في السابق، فقد تحولت مسألة ترحيل ما يقارب من 3.7 ملايين لاجئ سوري إلى موضوع رئيسي خلال الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي جرت خلال الشهر الماضي والتي انتهت بولاية جديدة للرئيس الحالي رجب طيب أردوغان.

يذكر أن حكومة أردوغان دافعت عن سياسة الباب المفتوح التي تبنتها طوال سنوات، لكنها أخذت خلال السنوات القليلة الماضية تبني تجمعات سكنية في مناطق بشمال غربي سوريا حيث تسيطر فصائل المعارضة السورية المدعومة تركياً، وأعلنت عن هدفها بكل صراحة وهو تشجيع اللاجئين على العودة، إلى جانب إجراء محادثات بين أنقرة ودمشق في موسكو بهدف تحسين العلاقات المتوترة بينهما.

يذكر أن الحكومة التركية نفذت أيضاً عمليات ترحيل متفرقة، في الوقت الذي اتخذ فيه خصوم أردوغان موقفاً متشدداً أكثر منه، إذ تعهدوا بترحيل اللاجئين أفواجاً.

ولكن في الوقت الذي عاد فيه بعض اللاجئين السوريين طوعاً إلى سوريا من تركيا ولبنان عقب الضغوط هناك، يخبرنا معظمهم بأن الوضع في سوريا مايزال متقلقلاً جداً.

المزاحمة على المساعدات

في أحد مخيمات اللاجئين بلبنان، غالبت فطيم الجانود، وهي لاجئة قدمت من محافظة حلب إلى لبنان، دموعها وهي تحكي كيف لم تعد قادرة هي وزوجها إلا على إرسال طفل واحد من بين أولادهما الستة إلى المدرسة، بيد أن الوضع في سوريا أسوأ بكثير، سواء على المستوى الأمني أو المادي، وهذا ما دفعها للقول: "لو كانت الظروف جيدة وبيوتنا بخير لعشنا بسلام وراحة، ولن تكون لدينا أي مشكلة في العودة إلى سوريا، حتى لو بقي الأسد فيها".

على الرغم من تردي الظروف بالنسبة للسوريين، تضاءلت المساعدات خلال السنوات القليلة الماضية، وذلك لأن المانحين هبوا لدعم أكثر من خمسة ملايين لاجئ أوكراني، وأكثر من سبعة ملايين نازح داخلياً في تلك الدولة الأوروبية التي تشهد نزاعاً في الوقت الراهن. فلقد تسببت الحرب في أوكرانيا التي تعتبر سلة الخبز العالمية، بتضخم حاد في أسعار السلع الغذائية، وأتى ذلك عقب انتشار جائحة كوفيد التي ضربت الاقتصاد العالمي لسنين مقبلة.

وعن ذلك يعلق إيفو فريجسن، مندوب وكالة اللاجئين الأممية بلبنان حيث يعيش نحو 90% من اللاجئين في فقر مدقع ويعتمدون على المساعدات، فيقول: "وجدنا بأن الاحتياجات في ازدياد، كما رأينا بأن تمويل المانحين في تراجع تدريجي، ومن منظور إنساني، يشير ذلك إلى زيادة في أعداد من ستشملهم المعاناة، ولهذا علينا أن نسعى لإبقاء التمويل ضمن المستوى ذاته مع زيادته بصورة فعلية".

في آخر مؤتمر عقد ببروكسل، تعهد المانحون بدفع 6.7 مليارات دولار، بعدما طالبت الأمم المتحدة بتأمين مبلغ 10.5 مليارات دولار، وقسم هذا المبلغ بالتساوي لدعم السوريين الذين يعيشون في الداخل وبين اللاجئين. بيد أن النقص في التمويل أجبر المشافي في مناطق شمال غربي سوريا حيث تسيطر المعارضة على خفض خدماتها، في حين خفض برنامج الغذاء العالمي من حجم المؤونة الشهرية المخصصة لأكثر من مليون نسمة يعيشون في تلك المنطقة.

وعن ذلك يخبرنا المبعوث الأممي المقيم والمنسق الإنساني في لبنان، عمران رضا، فيقول: "نعرف بأن أوكرانيا تكبدت خسائر فادحة، ونعرف بأن السودان قد تحول إلى أولوية اليوم، لأن هذا الزمن صعب، وأتت هذه المرحلة عقب تفشي كوفيد، وبعد كل الأمور التي حدثت وتسببت هي الأخرى بضربة قوية للاقتصاد في مختلف أرجاء العالم".

ونظراً لوجود تلك المصاعب، يرى هذا الرجل بأن على الجهات المانحة الدولية أن تسعى لتقديم تدخلات أطول ديمومة، بدلاً من بقائها على وضع الأزمات.

في مخيم اللاجئين بوادي البقاع، تخبرنا نجوى الجاسم بأنها تسعى جاهدة لتتأقلم مع الديون المتراكمة عليها وعلى زوجها والتي ينبغي عليهما أن يسدداها بعد عدم تمكنهما من دفع الإيجار وتأمين النفقات الطبية.

إلا أن أكثر ما يقلقها هو صحة أولادها الذين عاشوا كل حياتهم في مخيم للاجئين في ظل ظروف تزداد سوءاً، وتضيف: "يذهب الأولاد إلى المدرسة بلا إفطار في بعض الأحيان، ولهذا تستدعيني معلمتهم لتسألني عن سبب عدم إحضارهم لشطائرهم معهم، فأخبرها بأنه لا يوجد شيء لدينا في خزانة الطعام".

المصدر: abc News