استطاع طفل البادية "محمد الطراد" أن يجمع ثروة تقدر بأربعة مليارات يورو، وأصبح يعمل لديه أكثر من 50 ألف شخص بينهم 15 ألفاً في فرنسا، إضافة لامتلاكه فريق الرجبي في مونبلييه.
بنى هذا الرجل ثروته من خلال أعمال البناء، حيث أصبح يحتل المركز الأول في أوروبا في هذا المجال، ثم احتل المركز نفسه بالنسبة لخلاطات الإسمنت، بالإضافة إلى استثماراته في مجال النفط والغاز.
إلا أن شهرته في فرنسا أتت من خلال استثماراته في مجال الرياضة لا المشاريع التجارية، بما أنه يعشق كرة المضرب بجنون.
وبالرغم من أنه لم يشتهر بحبه للرجبي، إلا أنه اشترى فريق مونبلييه في عام 2011، فحوله من فريق على وشك الإفلاس إلى بطل متوج في آخر موسم له بفرنسا.
أما العلامة التجارية التي تحمل اسمه (الطراد) فلا تزين قمصان فريقه الأسطوري فحسب، بل أصبحت في عام 2017 الراعي الأول لقمصان المنتخب الوطني الفرنسي.
إلا أن محكمة فرنسية تحقق اليوم فيما إذا كانت تلك الصفقة وغيرها الكثير من القرارات التي أتت لصالح نادي مونبلييه قائمة على علاقته الوثيقة برئيس اتحاد الرجبي الفرنسي وزميله المتهم برنار لابور.
بيد أن هذا الرجل السبعيني الذي لديه خمسة من الأولاد قد يعتبر تلك المحاكمة عقبة بسيطة مقارنة بالعقبات الكبيرة التي تغلب عليها في حياته، إذ يقول: "أتت ولادتي نتيجة اغتصاب، وذلك لأن أمي تعود أصولها لعشيرة تقيم بالقرب من الرقة، أما أبي فهو زعيم تلك القبيلة، وهو من قام باغتصابها، ثم وضعتني عندما كانت بمفردها في البادية، بعدما تخلى أبي عنها، كان ذلك بين عامي 1948 و1951، إذ من الصعب تحديد التاريخ على وجه الدقة".
ويخبرنا محمد الطراد الذي لم يعد لسوريا منذ عام 1972، بأن الحياة أصبحت لا تطاق بالنسبة له ولوالدته، إذ يعتبر تلك القصة المأساوية الأساس الذي دفعه لتحقيق النجاح الذي صار رفيقه وعلامة مسجلة باسمه، إذ يقول: "من المعيب في الثقافة العشائرية أن تكون ابناً لامرأة منبوذة، ولهذا توفيت أمي بعد فترة قصيرة من ولادتي، وبعد ذلك حاربت لأحصل مقعداً في المدرسة، ونجحت في البكالوريا، ثم حصلت على منحة بقيمة 200 فرنك فرنسي على ما أتذكر لأسافر وأدرس في فرنسا".
تمثل مونبلييه بنظر الطراد واحة حياته، وعنها يقول: "حققت كل شيء هنا في مونبلييه، إذ تعلمت مهنة هنا، وتعلمت اللغة، ودرست وأسست مشاريعي وكذلك الأمر بالنسبة لنادي الرجبي".
محمد الطراد.. نجاحات كبيرة وقفص اتهام
إن ظهور محمد الطراد في قفص الاتهام يكتب فصلاً مميزاً في حياة هذا الرجل الصاخبة الذي أتى من سوريا ليقيم في مونبلييه في عام 1970 دون أن يكون بجيبه قرش واحد، أو أن يعرف كيف ينطق كلمة واحدة بالفرنسية.
أبدى 14 رئيساً للنادي عداوتهم تجاه الطراد حيث وصفوه بأنه "محافظ جداً وعقله صغير"، كما قالوا إن نموذج المشروع التجاري في مجال الرجبي الفرنسي لا يناسبه.
أما الطراد الذي يصف نفسه بأنه إنسان متحضر، فقد كان قاسياً في حكمه على من خذلوه مثلما فعل مع الكابتن فابيان غالتي الفائز ببطولة الأمم الستة الكبرى في فرنسا، والذي طرده من عمله كمدرب لفريق مونبلييه، إذ يقول الطراد عنه: "إن الشخص الذي لا يقوم بعمله بالرغم من كل النصائح التي نبذلها له يجب أن يتم الاستغناء عنه، ولذلك لأنه يعرض هدف المجموعة للخطر".
بيد أن الطراد ليس شخصاً كثير الكلام، لأنه يفضل أن يحتفظ بنصائحه لنفسه إلى جانب احتفاظه بخصوصيته، على عكس كثيرين من كبار رجال الأعمال الذين يمضون وقت فراغهم بكتابة الروايات.
وإضافة لمشاريعه، جرب الطراد حظه في السياسة وذلك عندما رأس مجموعة مختارة من المرشحين للانتخابات المحلية في عام 2020 بمونبلييه، فحققوا المركز الثالث بـ 18 في المئة من الأصوات، وعن تلك التجربة يقول: "لست من اليمين لأني ولدت فقيراً، كما أنني لست من اليسار لأني أصبحت ثرياً".
يرى مؤيدوه بأنه رجل صاحب رؤية، فيما يعتقد خصومه بأنه شخص لا يجوز تجاوزه أو إغضابه، إلا أنه يصر على أن الثروة لا تهمه، حيث يقول: "ليس المال وحده هو ما يجذبني، بل النجاحات الكبيرة".
المصدر: فرانس 24