يعاني السوريون في مصر من ضعف الرعاية الصحية المقدمة إلى اللاجئين من المفوضية وشركائها، وحرمانهم من حقوقهم بالعلاج على نفقتها، بالإضافة إلى ضعف التنسيق بين المفوضية والمستشفيات المتعاقدة معها في الحالات الإسعافية والحرجة لعلاج اللاجئين السوريين.
يعيش أكثر من 80 بالمئة من اللاجئين السوريين في مصر حياة بائسة، بحسب تقرير أصدرته المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في مصر، في شباط/فبراير 2019
تجاوز عدد السوريين في مصر المليون ونصف المليون سوري، بينهم 148 ألف لاجئ مسجل في مفوضية اللاجئين، يعاني غالبيتهم من ظروف اقتصادية صعبة، وعدم وجود تأمين صحي يغطي تكاليف علاجهم.
في عام 2013 أصدرت مصر قرارا بمعاملة السوري في مصر كالمصري، في التعليم والصحة، ولا يعامل في المستشفيات كوافد أجنبي، بل كمواطن.
استغاثات بلا جدوى
علي ناصر (55 عاما) لاجئ سوري من محافظة حمص وأب لولدين، يعيش في مصر منذ عام 2013، يخشى أن يفقد بصره بعد أن رفضت المفوضية تحمل تكاليف علاجه.
يعمل علي بائعاً في متجر سوري لبيع المواد الغذائية، وبالكاد يكفي مرتبه مع المساعدات المالية المقدمة للاجئين في إعانته على تأمين لقمة العيش، على حد تعبيره.
في عام 2020، أصيب علي "بالمياه البيضاء في عينيه" وهي عتامة تصيب شبكية العين مما يؤدي إلى ضعف في النظر، قد يصل عند إهماله إلى كسل تام في الرؤية.
يقول علي، ذهبت إلى طبيب عيون من أجل التشخيص، وقال لي إنه يجب أن أخضع لعملية إزالة المياه البيضاء بسرعة من أجل الحفاظ على عيني من فقدان النظر، وهي عملية تصل كلفتها إلى 10 آلاف جنيه مصري (أكثر من 3 آلاف دولار أميركي).
يضيف علي، في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا"، تواصلت مع المفوضية وأخذت موعداً من أجل أن يساعدوني في تكاليف العلاج، ولكن رفضت المفوضية مساعدتي بحجة أنها لا تقدم هذا النوع من المساعدات.
يتابع حديثه، حاولت أكثر من مرة وأخبرتهم بأني لا أملك المال ولكنهم واصلوا الرفض.
يقول اللاجئ السوري، جمعت المبلغ بصعوبة فاقترضت المال، وأخذت سلفة من مرتبي، وحاولنا الاقتصاد في مصروف البيت من أجل توفير ثمن العملية، والآن أصيبت عيني الثانية ولا أعلم كيف سأؤمن مصاريف علاجها.
ماذا تغطي المفوضية؟
ترفض المفوضية مساعدة أصحاب الأمراض المزمنة، والحالات الحرجة، بحجة أنها لاتستطيع تقديم هذا النوع من المساعدات، كما أنها لاتتواصل مع المستشفيات التي تعد شريكة لها من أجل علاجهم، منهم مرضى السكر والضغط والأمراض المستعصية وحتى أمراض السرطان، وتكتفي المفوضية بتقديم الاستشارات الطبية بالإضافة إلى الاهتمام بالصحة النفسية.
تنص الفقرة الأولى من المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن “لكل شخص الحق في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة له ولأسرته، ويشمل المأكل والملبس والمسكن والرعاية الطبية والخدمات الاجتماعية الضرورية.
عبد الهادي شطيح (47 عاما) لاجئ سوري من ريف دمشق، لجأ إلى مصر في عام 2012، يعمل سائقاً على سيارة أجرة في القاهرة، وأب لثلاثة أولاد، جميعهم في المدارس.
تم تشخيص عبد الهادي بسرطان الغدد اللمفاوية، في أواخر عام 2022، وكان من الضروري جدا أن يخضع لعدد كبير من جلسات العلاج الكيميائي من أجل الحفاظ على حياته.
يقول عبد الهادي، عندما سمعت بالخبر شعرت بعجز كبير، فكيف سأستطيع أن أتعالج وبنفس الوقت أصرف على أطفالي وبيتي، واقترح علي أحد الأصدقاء أن أتوجه إلى المفوضية من أجل أن أطالب بمساعدتهم لي في دفع تكاليف العلاج الكيميائي، أو أن يحولوني إلى مستشفى تابعة لهم.
كان الرد أنهم سيبحثون في وضعي ويقيمون الحالة، وبالفعل أخذوا أوراقي وتحاليلي وجميع التقارير، ولكن جاء ردهم بالرفض، وقاموا بإعطائي مجموعة أرقام لجمعيات خيرية لتساعدني في التكاليف.
يضيف عبد الهادي، ساعدتني إحدى هذه الجمعيات، وهي جمعية مصرية، ودفعت تكاليف علاجي وما تزال تساعدني إلى الآن في العلاج، وتعمل زوجتي في طهو الطعام والحلويات في المنزل وإيصالها للزبائن من أجل تأمين مصاريف المنزل.
تتراوح جلسة العلاج الكيميائي بين 1000 إلى 5000 آلاف جنيه (120 دولار) على حسب المكان الذي يتعالج فيه المريض، أما بالنسبة للعلاج في المراكز الحكومية، فهو بحسب الدور الذي يستغرق شهوراً للحصول عليه، وتبلع كلفة الجلسة فيه نحو 300 جنيه (10 دولارات)، بالإضافة إلى أسعار الأدوية المرافقة للعلاج والتي تكون عادة غالية الثمن.
روتين ثقيل
تتأخر المفوضية بالرد على المكالمات الهاتفية كثيرا، في الوقت العادي أو حتى في الحالات المستعجلة، وقد يفقد المريض فرصه بالنجاة لحين وصول الرد من المفوضية، والبحث في استحقاقية المريض للعلاج.
أوضحت المفوضية على موقعها أماكن المراكز العلاجية التي خصصتها لعلاج اللاجئين السوريين وغيرهم، وتعد هذه الأماكن بعيدة عن أماكن تجمع السوريين سواء في القاهرة أو في باقي المحافظات.
حيث يتوزع غالبية اللاجئين السوريين في مدينة "ستة أكتوبر"، ومدينة العاشر من رمضان، ومدينة العبور، ومحافظة دمياط والغردقة والسويس والإسماعيلية والإسكندرية.
بينما توزعت المستشفيات التي تدعمها المفوضية في القاهرة الجديدة، مركز طبي في التجمع الأول، مدينة نصر، حي الشروق، مركز طبي في الحي السابع، العمرانية، مركز طبي في الطالبية، مركز طبي في كفر نصار، إضافة إلى مستشفيات الأمانة العامة للصحة النفسية، ومستشفى حلوان للصحة النفسية في القاهرة، ومستشفى العباسية للصحة النفسية، ومستشفى المعمورة للصحة النفسية في الإسكندرية.
كما أن هناك العديد من اللاجئين الذين يحتاجون إلى أدوية بشكل مستمر لأمراض مزمنة، كانت المفوضية تتكفل بعلاجهم ثم قطعت المساعدات أو خفضت قيمتها بحجة نقص التمويل، فضلا عن رفضها التدخل بعلاج الحالات الحرجة.
محمد أبو سامي (68 عاما) لاجئ سوري، يقول لموقع" تلفزيون سوريا"، كانت المفوضية تعطيه مبلغ 400 جنيه من أجل دواء السكر والضغط، ولكنها خفضت المبلغ الذي هو من الأساس لا يكفي خصوصا بعد ارتفاع أسعار الأدوية بشكل كبير.