icon
التغطية الحية

صهر ترمب اللبناني.. ما الدور الذي يمكن أن يلعبه مسعد بولس بالمنطقة؟

2024.11.13 | 06:11 دمشق

527725
دونالد ترامب ومسعد بولس
إسطنبول - عبد الناصر القادري
+A
حجم الخط
-A

على يسار الرئيس دونالد ترمب الذي كان قد نجا من محاولة اغتيال وقف نائبه جي دي فانس، في الصورة نفسها وعلى مقربة من ترمب كان يقف رجلاً ليس من أصول بيضاء، إنما شرق أوسطي هو مسعد بولس، صورة تنبأت بمستقبل كبير لهذا الضيف الذي حل على مؤتمر الحزب الجمهوري في شهر تموز 2024.

هذه المرة لن يكون جاريد كوشنر من بين أبرز الأسماء المقربة من والد زوجة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، إنما هناك اسم جديد من ضمن العائلة على الساحة قد يؤثر على العديد من الملفات بما يخص المنطقة العربية والشرق الأوسط، هو اللبناني الأميركي بولس مسعد والد مايكل بولس زوج تيفاني دونالد ترمب.

رغم أن مختلف التوقعات كانت تشير إلى عودة جاريد كوشنر صهر الرئيس ترمب إلى الإدارة الجمهورية الجديدة في البيت الأبيض إلا أن الشاب اليهودي المقرب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وأحد عرابي "صفقة القرن" لن يكون ضمن حلقة الرئيس ترمب.

وبعد فوز ترمب بمنصب الرئاسة، أفادت صحيفة فايننشال تايمز، بأن كوشنر لن يعود إلى البيت الأبيض ضمن الإدارة الجديدة، إلا أنه قد يقدم المشورة بشأن سياسة الشرق الأوسط.

ويبدو أن بولس الأب سيكون له دور مهم في إدارة ترمب الجديدة، بما يخص لبنان والشرق الأوسط بشكل عام، خاصة مع المهمة التي نجح في أدائها بإقناع الناخبين العرب والمسلمين أن يصوتوا لترمب بدلاً من المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس.

2663
نائب الرئيس جي دي فانس وخلفه مسعد بولس والد صهر ترامب

 

مهمة لم تكن سهلة

مع توطد العلاقة بين ترمب ومسعد بولس بعد علاقة المصاهرة، عُين بمنصب منسق العلاقات العربية في الحملة الانتخابية لترمب، وبالفعل نشط بولس الأب في إقناع الناخبين العرب والمسلمين بالتصويت لترمب.

وركز بولس على التفاعل مع الجاليات العربية والمسلمة التي تشعر بخيبة أمل من سياسات بايدن ونائبته كمالا هاريس تجاه الشرق الأوسط، بخاصة في ما يتعلق بالحرب الإسرائيلية على غزة ومن ثم لبنان.

أجرى زيارات مكثفة لمعظم الولايات التي تضم جاليات عربية ومسلمة وبالأخص في ميشيغان، والتقى بمجموعات من الناشطين العرب الأميركيين، وتمكن فيما يبدو من إقناع عدد كبير من التصويت لترامب.

وبالعودة إلى نسب الأصوات، فاز ترمب بالولاية التي يصل عدد أصوات العرب فيها إلى نحو 400 ألف، طبقاً للأرقام المعلنة قبل الانتخابات، بينما تبلغ أصوات المسلمين نحو 250 ألفاً. وحصل ترمب في مدينة ديربورن، التي توصف بأنها قلب السكان العرب الأميركيين، على نسبة 42.5% من الأصوات، مقابل 36% لهاريس. 

وفي أثناء حملته الانتخابية، حرص ترمب (برفقته مسعد بولس) على التواصل مع الجالية العربية والمسلمة، وذهب إلى مقر وجودها في ديربورن بأحد المقاهي، كما توجه إلى الجالية اليمنية في مقرها بمدينة هامترامك وجلس مع الأئمة وممثلين للجالية، واتفق معهم على وقف الحرب في غزة، والتقط صوراً مع مجموعات ترتدي الملابس التي تمثل هويتها وثقافتها، كما دعا بعض الأئمة للصعود إلى تجمعاته الانتخابية، وإلقاء كلمات تدعو العرب والمسلمين للتصويت له.

ومن المهم الإشارة إلى أن حقبة ترمب السابقة كانت داعمة للاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما عمل على نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، واعترف بـ"السيادة الإسرائيلية" على مرتفعات الجولان المحتلة، ورعى اتفاقات التطبيع بين عدد من البلدان العربية والاحتلال.

في المقابل، انسحب ترمب من الاتفاق النووي الإيراني وفرض عقوبات قاسية على إيران، واغتال قائد فيلق القدس قاسم سليماني، وسمح لتركيا بتنفيذ عمليات برية محدودة في الشمال السوري.

وفي ما يخص الحرب الإسرائيلية في لبنان، قال بولس خلال الحملة الانتخابية في تصريحات إعلامية إنه في حال فوز ترمب بالانتخابات "فسيعمل بشكل فوري على إنهاء الحرب في لبنان ولن ينتظر حتى يتم تنصيبه رئيساً في يناير/كانون الثاني". وفي 30 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كتب ترمب في منشور على حسابه بمنصة "إكس": "سأحل المشكلات التي سببتها كامالا هاريس وجو بايدن وأوقف المعاناة والدمار في لبنان"، مشيراً إلى أنه يود أن يعود الشرق الأوسط إلى "سلام حقيقي، سلام دائم، وسوف نحقق ذلك على الوجه الصحيح حتى لا يتكرر الأمر كل خمس أو عشر سنوات". ولا يُعرف كيف سينفذ ترمب هذه الوعود، وما إذا كان سيلتزم بها بالنظر لسوابقه الكثيرة في التضليل والكذب، وما إذا كان صهره مسعد بولس سيلعب دوراً ما في إقناعه بتغيير بوصلته والتخلي عن دعمه  الأعمى للاحتلال الإسرائيلي كما كان الحال خلال ولايته السابقة.

المصاهرة التي فتحت أبواب السياسة

في تتبع سيرة الرجل الصاعد بسرعة كبيرة، فهو من مواليد قرية كفر عقا بقضاء الكورة في محافظة الشمال اللبنانية، وانتقل مبكراً إلى ولاية تكساس الأميركية، ثم التحق بجامعة هوستون، وبعد إنهاء مشواره التعليمي، تولى إدارة أعمال عائلته ليصبح المدير التنفيذي لشركة "SCOA Nigeria"، المختصة في توزيع المركبات والتجهيزات في نيجيريا ودول أخرى بغربي إفريقيا.

تزوج مسعد من سارة ابنة رجل الأعمال اللبناني زهير فضول، الذي كان بولس يعمل لديه قبل تأسيس شركته الخاصة في نيجيريا.

فتح مايكل بولس لوالده مسعد المهتم بالسياسة باب الولوج إلى البيت الأبيض عندما وقعت في غرامه "تيفاني ترمب" أصغر بنات الرئيس العائد إلى الحكم بقوة كبيرة جداً، وبأصوات العرب والمسلمين.

مايكل بولس وتيفاني ترمب ظهرا معاً لأول مرة في عام 2018 في عرض أزياء في نيويورك، ثم بعدها بأشهر أشهرت تيفاني العلاقة مع رأس سنة عام 2019، بصورة لهما معاً أمام شجرة عيد الميلاد في البيت الأبيض.

في كانون الثاني عام 2020 غادر ترمب البيت الأبيض في خسارة مدوية لم يسلم بها حتى اليوم، بعد عام واحد، أعلنت تيفاني أن مايكل بولس تقدم لخطبتها، وشاركت صورة لهما في البيت الأبيض أيضاً.

وكتبت: "لقد كان شرفاً لي أن أحتفل بالعديد من اللحظات التاريخية وأصنع ذكريات مع عائلتي هنا في البيت الأبيض، ولا يوجد شيء أكثر خصوصية من خطبتي لخطيبي الرائع مايكل، أشعر بالسعادة والتطلع للفصل القادم"

في عام 2022، تزوج الشاب الأميركي اللبناني من ابنة واحد من أكثر الشخصيات جدلاً في تاريخ الولايات المتحدة، في حفل كبير أقيم بمنتجع مارالاغو الخاص بدونالد ترمب في بالم بيتش بولاية فلوريدا.

وصرحت مارلا مابلز زوجة ترمب السابقة وأم تيفاني لمجلة بيبول في ذلك الوقت: "كان هذا منزل تيفاني في طفولتها، وهو المكان الذي جاءت فيه إلى العالم".

في ذلك اليوم، ارتدت تيفاني فستاناً طويلاً بتصميم فخم وأكمام بيضاء طويلة، وكتبت على إنستغرام إلى جانب صور من الزفاف: "اليوم الأكثر سحراً".

وقبل قرابة شهر من فوز بالانتخابات خلال حديثه عن والد صهره مايكل بولس، مسعد بولس، في نادي ديترويت الاقتصادي قال: "هذا والد زوج تيفاني، مايكل، وهو شاب استثنائي". وتابع قائلاً: "وتيفاني شابة رائعة، وهي تنتظر طفلاً. إنه لأمر جميل".

655555555
مايكل بولس وتيفاني ترمب

بولس ولبنان

في لبنان، انخرط بولس أكثر من مرة في السياسة، كان في بداياته مقرباً من التيار الوطني الحر الذي كان يتزعمه الرئيس اللبناني السابق الجنرال ميشال عون ثم صهره جبران باسيل.

فشل مسعد بأن يصبح نائباً في البرلمان اللبناني بعد ترشحه للانتخابات النيابية عام 2009، وانسحب من التيار الوطني الحر في 12 تشرين الثاني عام 2012.

ساءت علاقته الشخصية مع جبران باسيل عقب فرض العقوبات الأميركية على الأخير، حيث اتّهم مقرّبون منه مسعد بولس بالوقوف خلف هذه العقوبات.

وفي إطار العلاقات الواسعة لمسعد بولس في لبنان له صلات قوية برئيس تيار المردة سليمان فرنجية المقرب من رئيس النظام السوري بشار الأسد، وحزب الله اللبناني.

يمتلك بولس 4 جنسيات، هي اللبنانية والفرنسية والأميركية والنيجيرية، وكانت أولى بدايات عمله السياسي في الولايات المتحدة عام 1992، حينما انضم إلى الحزب الجمهوري، وشارك في حملة جورج بوش الأب.

255555555
سليمان فرنجية ومسعد بولس

ما الدور الذي يمكن أن يلعبه مسعد بولس؟

من المرجح أن يعين بولس كمستشار لترمب في الشرق الأوسط والمنطقة العربية، أو أن يكون مبعوثاً خاصاً في الخارجية الأميركية، وأن يمارس سياسة ضغط مهمة في دائرة الرئيس ترمب وإدارته، ومن المرجح أن يكون لبولس دور في حل عدة ملفات منها:

  • أزمة الرئاسة في لبنان: منذ أواخر عام 2022، يعاني لبنان من فراغ رئاسي. قد يسعى بولس إلى ممارسة ضغوط لتسريع انتخاب رئيس جديد، بما يتوافق مع مصالح الإدارة الأميركية.
  • القوى السياسية اللبنانية: بفضل علاقاته الواسعة، يمكن لبولس التأثير في توازن القوى السياسية في لبنان. قد يسعى إلى تعزيز دور بعض الأحزاب على حساب أخرى، بما يتماشى مع رؤية ترمب وتقليص دور إيران خصوصاً بعد تصفية قيادات الصف الأول والثاني لحزب الله على يد إسرائيل. على سبيل المثال، قد يتحول دعمه من تيار المردة الموالي للنظام السوري وإيران إلى حزب القوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع، المقرب من السعودية وفرنسا.
  • الصلة بالسعودية: تشير تقارير إعلامية إلى أن بولس يتمتع بعلاقة إيجابية مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، مما قد يسهم في تعزيز التعاون بين الولايات المتحدة والسعودية في ملفات إقليمية متعددة.
  • العلاقات مع الإمارات: قد يكون لسفير الإمارات يوسف العتيبة صلات وثيقة بمسعد، خصوصاً أن العتيبة هو الذي بدأ بالتقرب سابقاً من جاريد كوشنر وعرض عليه صفقة التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.
  • وقف الحرب الإسرائيلية: سيسعى بولس لإظهار نفسه بمظهر المساهم في وقف الحرب اللبنانية، التي يمكن أن تنتهي حتى قبل أن يصل ترمب إلى البيت الأبيض بعد تدمير أكبر قدر ممكن من البنية التحتية للحزب وتهجير كل قرى الجنوب اللبناني، وانسحاب قوات حزب الله إلى شمال نهر الليطاني، وقد يكون هناك سيناريو آخر تخبأه إسرائيل والولايات المتحدة لإسرائيل.
  • الملف السوري: لا يعرف على وجه التحديد موقف مسعد من الملف السوري، إلا أن صلاته اللبنانية الحالية بحلفاء النظام السوري، قد تؤثر ولو قليلاً على تفكير الرئيس ترمب بما يتعلق بهذا الملف، وقد تكون استعدادت اللوبي السوري في الولايات المتحدة وعلاقاتها مع وزير الخارجية ماركو روبيو، ومستشار الأمن القومي مايكل والتز في إدارة ترمب أكثر تأثيراً وأثراً على طول السنوات الأربع المقبلة، بما تحمله من سياسات جديدة لسوريا والمنطقة.