أصدر النظام السوري قراراً يقضي بنقل الرائد يحيى ميّا، الذي يشغل منصب المسؤول الأمني لمعبر نصيب الحدودي إلى قسم الأمن السياسي في مدينة إزرع، في تطور لافت على الساحة الأمنية بالمحافظة.
وقال موقع "تجمع أحرار حوران" المحلي، يوم الخميس، إن هذا القرار جاء قبل يومين بعد تفاقم الخلافات بين ميّا والعميد لؤي العلي، رئيس فرع الأمن العسكري في درعا، على خلفية الصراع الدائر حول العوائد غير القانونية التي يتم جنيها من المعبر من عمليات التهريب والتجارة، والتي تعتبر أحد أهم مصادر التمويل لأجهزة النظام الأمنية المتنافسة.
ميّا كان قد كُلف بإدارة الملف الأمني لمعبر نصيب في آذار 2022 خلفاً للرائد ماهر وسوف الذي اغتيل في الشهر ذاته، حيث تشير معلومات إلى أنّ العميد لؤي العلي كان متورطاً في اغتياله.
تصفية ضباط
وفي أيلول الجاري قتل أيضاً ثلاثة ضباط من مرتبات فرع الأمن السياسي في أثناء توجههم إلى مكان عملهم في معبر نصيب، إثر استهداف سيارتهم العسكرية بالرصاص المباشر، وهم: حمزة المرعي، سموءل حمدان، وجوهر جوهر.
وفي سياق ذلك، كشف مصدر خاص للتجمع عن وجود مصلحة كبيرة للعميد لؤي العلي، في تصفية الضباط الثلاثة، وأوضح أنّ الخلافات بين العلي وفرع الأمن السياسي المسؤول عن معبر نصيب كانت تتفاقم في الأسابيع الأخيرة، حيث تصاعدت التوترات حول العوائد غير القانونية التي يجنيها المعبر من عمليات التهريب والتجارة.
وأضاف المصدر "هذه الخلافات وصلت إلى نقطة اللاعودة، الأمر الذي دفع بالعلي لاتخاذ خطوات جذرية لإحكام قبضته على المعبر".
ولفت المصدر إلى أنّ العلي يسعى لتعزيز سيطرته المطلقة على المعبر والحد من نفوذ بقية الفروع الأمنية، مؤكداً على أنّ هذا الصراع على المصالح المالية والنفوذ في المنطقة الحدودية كان دافعاً رئيسياً وراء عملية الاغتيال، التي يُرجح أنها نُفذت بترتيب من العلي نفسه.
ويعد معبر نصيب الحدودي مع الأردن نقطة اشتباك حساسة بين الأجهزة الأمنية المختلفة، حيث تستغل بعض الجهات هذا الموقع في عمليات التهريب، خاصة تجارة المخدرات نحو الأردن.
هذه التجارة غير الشرعية، التي حققت مكاسب مالية هائلة، أصبحت نقطة توتر بين يحيى ميّا ولؤي العلي، المعروفين بصلتهما الوثيقة مع مجموعات تهريب مدعومة من النظام وإيران، حيث تقرر إعادة ميّا إلى قسم الأمن السياسي في مدينة إزرع.
يتسلّم فرع الأمن السياسي إدارة معبر نصيب أمنياً، كذلك يوجد في المعبر عناصر من أمن الدولة والمخابرات الجوية والفرقة الرابعة والجمارك، بالإضافة إلى مجموعات محلية يديرها القيادي عماد أبو زريق، التابع لفرع الأمن العسكري.
ما المعلومات المتوفرة عن يحيى ميّا؟
تشير المصادر إلى أن ميّا من إحدى قرى ريف طرطوس غربي سوريا، وقد شغل لسنوات منصب رئيس مفرزة الأمن السياسي في مدينة إزرع، ساعدته هذه الفترة الطويلة في بناء شبكة علاقات قوية مع المجموعات المحلية المتحالفة مع إيران وحزب الله.
علاوة على ذلك، تربط ميّا علاقات متينة مع الحوثيين في اليمن، حيث زار اليمن بعد اندلاع المعارك بين الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح.
وسافر ميّا حينئذ برفقة مستشارين عسكريين إيرانيين وآخرين من حزب الله، بهدف تعزيز العلاقات مع القوات الحوثية، التي تدعم النظام السوري.
كما يتمتع ميّا أيضاً بعلاقات متجذرة مع الحرس الثوري الإيراني، وتشرف مجموعات موالية له على إدارة مطار إزرع الزراعي، الذي تستخدمه إيران لإطلاق الطائرات المُسيرة.
هذا المطار تعرض للقصف الإسرائيلي عدة مرات، نظراً لاعتباره مركزاً مهماً للأنشطة الإيرانية في المنطقة.
واشتهر ميّا بقيادته صد هجوم فصائل الجيش الحر في درعا على الكتيبة المهجورة قرب بلدة إبطع في تشرين الأول/أكتوبر 2016، حيث استطاع إيقاع المهاجمين في كمين أسفر عن مقتل نحو 43 مقاتلاً من الجيش الحر، وكان ممن شوهدوا وهم يقومون بالتمثيل بجثث المقاتلين.
هذه الحادثة، كان لها صدى كبير في وقتئذ لدى إعلام حزب الله اللبناني، حيث وصفته وسائل الإعلام التابعة للحزب بأنه القائد الميداني الذي صد الهجوم كان من أهم رجال الحزب، في إشارة إلى يحيى ميّا.
كما يعرف ميّا بإشرافه على عدد من الخلايا الأمنية التي تعمل لصالح النظام السوري وإيران في تنفيذ عمليات الاغتيال وتهريب المخدرات جنوبي سوريا.