يترقب العالم بحذر، تبعات القصف الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق، مطلع شهر نيسان الجاري، وما يمكن لإيران أن تفعله في سياق الرد على الهجوم، وحفظ ماء الوجه، بعد مقتل أحد قادتها البارزين و5 من مستشاريها بفعل الضربة الإسرائيلية.
وخلال الساعات الـ 24 الماضية، زادت التوقعات بأنّ إيران قد تردّ على الضربة الإسرائيلية في غضون فترة قصيرة، في حين يتأهب العالم للتصعيد المحتمل، إذ دعت عدة دول رعاياها لعدم السفر إلى الشرق الأوسط، مع المطالبة بضبط النفس.
توقعات بهجوم إيراني خلال ساعات
ونقلت شبكة "سي بي إس"، عن مسؤولين أميركيين قولهم، إنّ الهجوم الإيراني على تل أبيب وشيك وقد يقع اليوم ويستهدف مواقع عسكرية داخل إسرائيل، عبر 100 صاروخ وطائرة مسيرة.
وكذلك نقلت "القناة 13" الإسرائيلية عن مصادر أميركية توقعها أن يكون رد إيران على إسرائيل اليوم.
وفي الوقت نفسه، أشارت وسائل إعلام مقربة من الحرس الثوري الإيراني، إلى أن أنظمة الدفاع الجوي في مختلف أرجاء البلاد في جاهزية عالية.
من جهتها، قالت وكالة "بلومبيرغ"، نقلاً عن مصادر مطلعة، إنّ إسرائيل تستعد لهجوم إيراني محتمل مباشر أو عبر وكلائها في غضون الـ48 ساعة المقبلة، مضيفة أن الهجوم قد ينفذ بمسيرات وصواريخ على أهداف حكومية وقد يؤدي إلى حرب إقليمية شاملة، في حين تحضّر الولايات المتحدة دفاعاتها وتنقل معدات عسكرية إضافية إلى المنطقة.
وسبق أن قال وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، إنّ رد بلاده المحتمل على قصف إسرائيل للقسم القنصلي في السفارة الإيرانية بالعاصمة السورية دمشق، يعتبر "دفاعاً مشروعاً لمعاقبة المعتدي"، بحسب وصفه.
في غضون ذلك أبلغت إيران، الولايات المتحدة الأميركية، بأنها سترد على الهجوم الإسرائيلي على سفارتها في دمشق بطريقة تهدف إلى تجنب تصعيد كبير، حيث قالت وكالة "رويترز"، إنّ وزير الخارجية الإيراني نقل رسالة إيران إلى واشنطن عبر سلطنة عمان التي زارها يوم الأحد الماضي.
ما سيناريوهات الرد الإيراني؟
ما تزال آلية الرد الإيراني المحتمل على إسرائيل غير واضحة، على الرغم من أن تقييماً استخبارياً أميركياً نشرته وكالة "بلومبيرغ"، هذا الأسبوع، أشار إلى أن "إيران قد تكون مستعدة لشن ضربات عالية الدقة باستخدام الصواريخ البالستية أو الطائرات بدون طيار على أهداف داخل إسرائيل".
أما صحيفة "تليغراف"، فقد ذكرت أن "الهجوم المباشر من الأراضي الإيرانية على إسرائيل، من شأنه أن يرقى إلى مستوى عمل من أعمال الحرب، ويمكن القول إنه سيكون بمثابة رد فعل مبالغ فيه على الضربة الأولية في دمشق، التي استهدفت القوات الإيرانية في الخارج، وليس أهدافاً داخل إيران نفسها".
ويبدو أن هناك سيناريو آخر، أكثر انسجاماً مع سلوك إيران السابق، يتمثل بإصدار أوامر لمجموعة من الوكلاء في جنوب لبنان أو سوريا، مثل "حزب الله"، بإطلاق هجمات صاروخية أو طائرات بدون طيار واسعة النطاق عبر الحدود ضد إسرائيل.
بدوره يرى الأستاذ المساعد البارز بجامعة الكويت، الزميل غير المقيم بمعهد دول الخليج العربية في واشنطن العاصمة، بدر السيف، أن إيران في وضع محفوف بالمخاطر، قائلاً لوكالة "بلومبيرغ"، إنها "لعنة" سواء استجابت إيران أم لم تستجب.
في السياق نفسه، قال مدير مبادرة "سكوكروفت" لأمن الشرق الأوسط في برنامج الشرق الأوسط التابع للمجلس الأطلسي، جوناثان بانيكوف: "إن الهجوم باستخدام الصواريخ الباليستية أو الطائرات بدون طيار ضد أهداف داخلية إسرائيلية سيكون الخيار الأكثر تأثيراً وخطورة من ضمن الخيارات المتاحة لطهران".
وتابع: "في حين أن إيران قد تسعى إلى منع التصعيد إلى حرب واسعة النطاق، على سبيل المثال، من خلال ضرب أهداف عسكرية أو استخبارية فقط، بدلا من الأهداف المدنية، إلا أن هذه خطوة لا تزال محفوفة بالمخاطر، بالنظر إلى أن إيران تحاول تجنب صراع أوسع من المرجح أنها غير مستعدة له".
ووفق "بلومبيرغ"، فإن من بين السيناريوهات للرد الإيراني المحتمل، إطلاق طهران لوابل من الصواريخ من سوريا على مواقع في مرتفعات الجولان.
على عكس التوقعات، يعتقد الخبير في شؤون الجيش الإيراني بمجموعة "متحدون ضد إيران النووية"، كسرى عرابي، أنه "على الرغم من كل الضجيج الذي أحدثه النظام الإيراني، فإن توجيه ضربة مباشرة لإسرائيل من قبل الحرس الثوري الإيراني لا يزال غير محتمل إلى حد كبير".
وأضاف عرابي في تصريح لصحيفة "تليغراف": "بدلاً من ذلك، ينخرط الحرس الثوري الإيراني حالياً في شن حرب نفسية واسعة النطاق، بهدف جعل الخوف من الهجوم أسوأ من الهجوم الفعلي.
ومن المرجح أن يفكر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في الرد بالمثل إذا تعرضت أهداف عسكرية أو حكومية إسرائيلية لقصف إيران، لتشمل الأهداف، حسب صحيفة "تليغراف"، مقر الحرس الثوري الإيراني في طهران، أو قواعد أخرى محتملة للحرس الثوري، مثل منشآته الجديدة في محافظتي سيستان وبلوشستان.
واشنطن تطلب التوسط مع إيران لخفض التصعيد
وفي وقت سابق أجرى المبعوث الأميركي للشرق الأوسط، بريت ماكجورك، اتصالاً مع وزراء خارجية المملكة العربية السعودية والإمارات وقطر والعراق لطلب التوسط مع إيران لخفض التصعيد مع إسرائيل.
ونقلت وكالة "رويترز" عن مصدر مطلع على الوضع في سفارة الولايات المتحدة في سوريا قوله إن المبعوث الأميركي أجرى اتصالاً مع وزراء خارجية الدول الأربع ليطلب منهم تسليم رسالة إلى إيران تحثها على خفض التوترات مع إسرائيل، في أعقاب الضربة الجوية التي استهدفت القنصلية الإيرانية في دمشق.
وقال المصدر إن المبعوث الأميركي ومنسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط، بريت ماكجورك، طلب من وزراء الخارجية العرب الاتصال بوزير الخارجية الإيراني لنقل رسالة مفادها أنه يجب على إيران التهدئة مع إسرائيل، مشيراً إلى أن الوزراء العرب فعلوا ذلك.
استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق
في الأول من نيسان/ أبريل الجاري، استهدفت مقاتلة إسرائيلية من طراز "إف-35"، مبنى القنصلية الإيرانية الكائن على "أوتوستراد المزة" غربي مدينة دمشق، ما أدى إلى تدميره بالكامل.
كذلك أسفرت الغارة عن مقتل القيادي البارز في "الحرس الثوري الإيراني" محمد رضا زاهدي ونائبه وخمسة من المستشارين الإيرانيين في سوريا، إضافة إلى 6 سوريين لم يعلن النظام عنهم.
توعد إيراني وتهديد إسرائيلي
ويوم الأربعاء، ذكر المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي أن إسرائيل "يجب أن تُعاقب وستعاقَب" على مهاجمتها مقر القنصلية الإيرانية بدمشق.
وفي كلمة بمناسبة عيد الفطر، قال خامنئي إن "النظام الشرير ارتكب خطأ ويجب أن يعاقب، وسيعاقب"، معتبراً أن الهجوم "انتهاك صارخ للاتفاقيات الدولية التي تنص على حرمة المباني الدبلوماسية".
وذكر المرشد الإيراني أن "القنصليات والسفارات في أي دولة هي بمنزلة أراضٍ لتلك الدولة، والهجوم على قنصليتنا يعني الهجوم على أراضينا"، وفق ما نقلت وكالة "تسنيم" الإيرانية.
ورداً على وعيد خامنئي، هدد وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إيران بقصف أراضيها، حيث قال في تغريدة عبر منصة "إكس"، إنه "إذا شنت إيران هجوماً من أراضيها، فسترد إسرائيل في داخل إيران".