قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر اليوم إنَّها وثقت ما لا يقل عن 193 حالة اعتقال بينهم 13 طفلاً و4 سيدات، في تشرين الأول 2023، مشيرةً إلى أن الميليشيات المحلية التابعة لقوات النظام السوري تستهدف المدنيين بعمليات الاعتقال والملاحقة بهدف ابتزازهم مادياً.
وأوضحَ التَّقرير أنَّ معظم حوادث الاعتقال في سوريا تتمُّ من دون مذكرة قضائية لدى مرور الضحية من نقطة تفتيش أو في أثناء عمليات المداهمة، وغالباً ما تكون قوات الأمن التابعة لأجهزة المخابرات الأربعة الرئيسة هي المسؤولة عن عمليات الاعتقال بعيداً عن السلطة القضائية، ويتعرَّض المعتقل للتَّعذيب منذ اللحظة الأولى لاعتقاله، ويُحرَم من التواصل مع عائلته أو محاميه. كما تُنكر السلطات قيامها بعمليات الاعتقال التَّعسفي ويتحوَّل معظم المعتقلين إلى مختفين قسرياً.
وأشار التقرير إلى أن كافة مراسيم "العفو" الصادرة عن النظام، أفرجت عن 7351 معتقلاً تعسفياً وما زال لدى النظام السوري قرابة 135253 معتقلاً ومختفٍ قسرياً. وأنَّ مراسيم العفو لا تفرج إلا عن قدرٍ محدودٍ جداً من المعتقلين، أما عمليات الاعتقال التعسفي فهي نهج واسع وما زال النظام السوري مستمراً في عمليات الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري بصرف النظر عن مراسيم العفو التي يصدرها.
وقال إنَّ قوات النظام السوري استمرت في ملاحقة واعتقال الأشخاص الذين أجروا تسويةً لأوضاعهم الأمنية في المناطق التي سبق لها أن وقَّعت اتفاقات تسوية مع النظام، وتركَّزت هذه الاعتقالات في محافظات ريف دمشق ودرعا ودير الزور، وحصل معظمها ضمن أُطر حملات دهم واعتقال جماعية وعلى نقاط التفتيش.
اعتقال نازحين ومطلوبين "للجيش"
كما أشار إلى عمليات اعتقال قامت بها عناصر قوات النظام استهدفت عدداً من المدنيين النازحين من مناطق شرقي محافظة دير الزور الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية "قسد" إلى مدينة دير الزور بذريعة مشاركتهم في المعارك الدائرة بين قوات سوريا الديمقراطية وقوات العشائر العربية بريف محافظة دير الزور، وحصل معظمها ضمن أطر حملات دهم واعتقال جماعية وعلى نقاط التفتيش.
ورصد التقرير عمليات اعتقال قامت بها عناصر تنتمي لميليشيات تتبع لقوات النظام السوري، استهدفت المدنيين أثناء مرورهم على نقاط تفتيش تابعة لها بهدف ابتزازهم مادياً، وتركزت هذه الاعتقالات في محافظة ريف دمشق.
وسجل عمليات اعتقال عشوائية قامت بها عناصر قوات النظام السوري بحق مواطنين في محافظتي ريف دمشق وحماة، بذريعة التخلف عن الخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياطية، وحصل معظمها ضمن أطر حملات دهم واعتقال جماعية وعلى نقاط التفتيش.
اعتقالات في مناطق سيطرة "قسد"
من جهةٍ أخرى سجل التقرير استمرار قوات سوريا الديمقراطية في سياسة الاحتجاز التَّعسفي والإخفاء القسري، وارتفاعاً في حصيلة حالات الاحتجاز والاختفاء القسري لديها، عبر حملات دهم واحتجاز جماعية استهدفت بها مدنيين؛ بذريعة محاربة خلايا تنظيم داعش، بعض هذه الحملات جرى بمساندة مروحيات تابعة لقوات التحالف الدولي. وسجل عمليات احتجاز استهدفت مدنيين بذريعة مشاركتهم في المعارك الدائرة بينها وبين قوات العشائر العربية بمحافظة دير الزور.
كما سجل التقرير عمليات احتجاز استهدفت عدداً من المدنيين بتهمة مهاجمة إحدى آلياتها العسكرية ورافقت عمليات الاعتقال/ الاحتجاز هدم بعض منازل المحتجزين بشكل كامل، وتركزت هذه الاعتقالات شرق محافظة دير الزور. وسجل التقرير استمرار قيام قوات سوريا الديمقراطية باختطاف أطفال بهدف اقتيادهم إلى معسكرات التدريب والتجنيد التابعة لها وتجنيدهم قسرياً، ومنعت عائلاتهم من التواصل معهم، ولم تصرح عن مصيرهم.
اعتقالات في إدلب
طبقاً للتقرير فقد شهدَ تشرين الأول عمليات احتجاز قامت بها هيئة تحرير الشام بحق مدنيين، تركَّزت في محافظة إدلب وشملت ناشطين إعلاميين وسياسيين، وكان معظمها على خلفية التعبير عن آرائهم التي تنتقد سياسة إدارة الهيئة لمناطق سيطرتها، تمَّت عمليات الاحتجاز بطريقة تعسفية على شكل مداهمات واقتحام وتكسير أبواب المنازل وخلعها، أو عمليات خطف من الطرقات أو عبر نقاط التفتيش المؤقتة، كما سجل عمليات احتجاز استهدفت عدداً من الأشخاص بذريعة تعاملهم مع قوات النظام السوري وحصل معظمها ضمن أطر حملات دهم واعتقال جماعية أو على نقاط تفتيش تابعة لها.
مـن جهتهـا قامـت جميع فصائل المعارضـة المسـلحة/ الجيـش الوطنـي بعمليات احتجاز تعسفي وخطف لم تستثنِ النساء والأطفال، معظمها حدث بشكل جماعي، استهدفت قادمين من مناطق سيطرة النظام السوري ومناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، ورصدت الشبكة السورية حالات احتجاز جرت على خلفية عرقية وتركَّزت في مناطق سيطرتها في محافظة حلب، وحدث معظمها دون وجود إذن قضائي ودون مشاركة جهاز الشرطة وهو الجهة الإدارية المخولة بعمليات الاعتقال والتوقيف عبر القضاء، ومن دون توجيه تهمٍ واضحة، كما سجلنا عمليات دهم واحتجاز شنَّتها عناصر في الجيش الوطني استهدفت مدنيين بذريعة التعامل مع قوات سوريا الديمقراطية.
الإفراج عن معتقلين من السجون في سوريا
على صعيد الإفراجات، سجل التقرير إفراج النظام السوري عن 4 معتقلين من محافظتي حماة ودمشق، من مراكز الاحتجاز التابعة في محافظة دمشق، وذلك بعد انتهاء أحكامهم التعسفية، ولم يرتبط الإفراج عنهم بقانون العفو رقم 7/ 2022، وكانوا قد قضوا في مراكز الاحتجاز التابعة للنظام السوري مدة وسطية تتراوح ما بين عام واحد حتى أربع أعوام.
كما سجل الإفراج عن 13 شخصاً، بعد مضي أيام قليلة أو أشهر على اعتقالهم، وذلك من دون أن يخضعوا لمحاكمات، وكان معظمهم من أبناء محافظات اللاذقية وطرطوس ودير الزور، أمضى جميع المفرج عنهم مدة احتجازهم ضمن الأفرع الأمنية. ولم يسجل التقرير أية إفراجات مرتبطة بمرسوم العفو الذي أصدره النظام السوري في 21/ كانون الأول/ 2022 المرسوم التشريعي رقم (24) لعام 2022.
ووفقاً للتقرير فقد أفرجت قوات سوريا الديمقراطية عن 19 شخصاً، من مراكز الاحتجاز التابعة لها، تراوحت مدة احتجازهم ما بين أيام عدة حتى الشهرين، وكان معظمهم من أبناء محافظة دير الزور، معظمهم أفرج عنهم بعد وساطات عشائرية أو بعد انتهاء أحكامهم التعسفية. كما أفرجت هيئة تحرير الشام من مراكز الاحتجاز التابعة لها في محافظة إدلب عن 6 مدنيين، بعد احتجازهم مدة تتراوح لأيام عدة دون توجيه تهم واضحة لهم. وأفرجت فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني في تشرين الأول عن 9 مدنيين، من مراكز الاحتجاز التابعة لها، بعد احتجازهم ما بين أيام عدة حتى ثلاثة شهور دون توجيه تهم واضحة لهم أو إخضاعهم لمحاكمات، وتم الإفراج عن معظمهم بعد ابتزاز عائلاتهم من أجل دفع مبالغ مالية مقابل الإفراج عنهم.