icon
التغطية الحية

ستارمر يسعى لتطبيق النموذج الإيطالي في مواجهة أزمة الهجرة البريطانية

2024.09.17 | 18:15 دمشق

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يلتقي بنظيرته الإيطالية جورجيا ميلوني في روما - المصدر: الإنترنت
رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يلتقي بنظيرته الإيطالية جورجيا ميلوني في روما - المصدر: الإنترنت
The Times- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

أجرى السير كير ستارمر محادثات في إيطاليا بشأن الطريقة التي يمكن من خلالها لبريطانيا أن تحاكي التجربة الإيطالية الناجحة في وقف الهجرة غير الشرعية، وذلك بعد وفاة ثمانية أشخاص غرقاً في بحر المانش يوم الأحد الماضي.

إذ يواجه رئيس الوزراء البريطاني قلقاً متصاعداً من داخل حزب العمال بسبب استراتيجيته الساعية "لسحق العصابات" وذلك بعد زيادة عدد الوفيات في بحر المانش خلال هذا العام بنسبة قاربت أربعة أضعاف ما كانت عليه خلال العام الفائت.

نهج جديد لتأمين الحدود

ولهذا الغرض، عين ستارمر قائد شرطة سابق في منصب قائد أمن الحدود الجديد والذي يتعين عليه الإشراف على استراتيجية ستارمر فيما يتعلق بالمهاجرين والوفاء بوعده بالنسبة لـ"سحق العصابات"، وأعلنت رئاسة الوزراء البريطانية بأن تعيين مارتن هيويت الذي قاد عمليات فرض قوانين الإغلاق في بريطانيا خلال فترة تفشي جائحة كورونا عندما كان يشغل منصب رئيس مجلس قيادة الشرطة الوطنية،  يمثل: "نهجاً جديداً لتأمين حدود البلد".

بيد أن الوزراء والنواب شككوا في قدرة استراتيجية ستارمر على استهداف العصابات التي تقف خلف عمليات العبور، وهل يمكن لذلك وقف عمليات عبور المهاجرين الذين يصلون إلى بريطانيا بالآلاف أم لا، وهذا ما دفع أحد الوزراء للقول إنه حري برئيس الوزراء أن يتبع إجراءات تهدف إلى معالجة مسألة الطلب على عمليات العبور بالإضافة إلى استهدافه للعصابات، فيما ذكر نائب في البرلمان من حزب العمال بأنه ليس أمام الوزراء أي خيار سوى أن يتبنوا سياسات أجرأ كتلك التي تبنتها إيطاليا عندما عقدت اتفاقية مع ألبانيا لمعالجة طلبات المهاجرين خارج الحدود الإيطالية.

رقم قياسي جديد ومؤسف

وفي سياق متصل، أكدت السلطات الفرنسية غرق ثمانية رجال عقب اصطدام قارب يحمل 53 مهاجراً من أريتريا والسودان وسوريا وأفغانستان ومصر وإيران بالصخور، وذلك بعد فترة قصيرة من انطلاقه من الساحل الذي يبعد مسافة 32 كيلومتراً عن جنوبي كاليه الفرنسية. وبذلك وصل عدد الوفيات المؤكدة في بحر المانش خلال هذا العام إلى 45 شخصاً، أي بنسبة أعلى أربع مرات تقريباً مما كانت عليه خلال العام الماضي، وأعلى مما سجل في عام 2021 الذي يعتبر عاماً شهد رقماً قياسياً من الغرقى في المانش بحسب ما أعلنته فرنسا. هذا وقد نقل عشرة آخرون إلى المشفى حيث يتلقون العلاج الآن، وبينهم رضيع عمره عشرة أشهر أصيب بانخفاض شديد في حرارة جسمه، وقد حاول هؤلاء العبور بعد ساعات من وصول 801 مهاجر إلى المملكة المتحدة على متن 14 قارباً يوم السبت الماضي، ليمثل ذلك ثاني أعلى عدد من حالات العبور اليومية التي تمت خلال هذا العام.

هذا ولقد التقى ستارمر بنظيرته الإيطالية جورجيا ميلوني في روما لمناقشة الإجراءات التي اتخذتها ميلوني للحد من عمليات عبور المهاجرين في البحر المتوسط وقد تمخضت تلك الإجراءات عن انخفاض في أعداد حالات العبور وصل إلى 62% خلال العام الماضي، وقد أعلن ستارمر أنه منفتح على أي شكل من أشكال الترتيبات التي عقدتها إيطاليا مع ألبانيا، والتي سيتم بموجبها معالجة طلبات لجوء 36 ألف مهاجر كل عام في مركزين خصصا لهذا الغرض، وسيقوم بهذا العمل موظفون إيطاليون. ومن سيرفض طلب لجوئه من المهاجرين سيرسل إلى بلده الأم، أما من سيقبل طلب لجوئه فسيسمح له بالسفر إلى إيطاليا.

هذا وسيجري ستارمر جولة في مركز التنسيق الوطني للهجرة الذي أقامته إيطاليا، وذلك حتى يطلع بنفسه على الطريقة التي شهد من خلالها هذا البلد هبوطاً حاداً في عدد الواصلين من المهاجرين الذين قطعوا البحر المتوسط. فقد تراجعت نسبة عمليات العبور من تونس إلى إيطاليا بنحو 80% ومن ليبيا بنحو 27% خلال السنة الماضية بعد التوقيع على صفقات بلغت قيمتها عدة ملايين من اليوروهات بهدف زيادة الدوريات على الساحل الشمالي لأفريقيا.

غير أن ماتيو سالفيني نائب رئيس الوزراء الإيطالي سيواجه عقوبة بالسجن لمدة ست سنوات في حال إدانته بسبب قراره القاضي بمنع أكثر من مئة مهاجر من النزول في إيطاليا عندما كان وزيراً للداخلية في عام 2019. لذا كتبت ميلوني يوم السبت الماضي تغريدة على منصة إكس تدعم بها سالفيني جاء فيها: "من غير المعقول أن يتعرض وزير في الجمهورية الإيطالية للسجن لمدة ست سنوات بسبب أدائه لعمله في الدفاع عن حدود البلد بحسب التفويض الذي منحه إياه الشعب".

استراتيجية "سحق العصابات"

من المقرر أن ينضم هيويت لستارمر في جولته، كما سيشغل رئاسة قيادة أمن الحدود لدى ستارمر، والتي أنشئت لتتبع لوزارة الداخلية، كما عهد إليه بمهمة الجمع بين عمل وكالات مثل وكالة الاستخبارات العسكرية ووكالة الاستخبارات السرية ووكالة أمن الحدود، ومصلحة الإدعاء العام، وذلك لضمان تنسيق أفضل في مجال الاستخبارات ومشاركة البيانات والإمكانيات في مجال التحقيق، وسيتعاون مع قيادة العمليات المعنية بالقوراب الصغيرة، والتي ستبقى مسؤولة عن إنقاذ القوارب ومعالجة طلبات لجوء المهاجرين. وستزود قيادة أمن الحدود بقوات على غرار قوات مكافحة الإرهاب وتعمل تلك القوات على مصادرة الهواتف والسجلات المالية للمشتبه بكونهم مهربين، وكل تلك الأمور ستطرح في مشروع قانون أمن الحدود واللجوء والهجرة.

وعند الإعلان عن تعيين هيويت لرئاسة هذا المنصب الجديد، قال ستارمر: "لا مزيد من التحايل، لأن هذه الحكومة ستعالج أمر عصابات التهريب التي تتاجر بأرواح الرجال والنساء والأطفال عبر الحدود".

إلا أن كبار الضباط في جهاز الشرطة شككوا في أن يكون لدى هيويت تلك الشخصية الملهمة اللازمة لشغل هذا المنصب، إذ قال عنه أحد زملائه السابقين: "إنه رجل من الطراز الأول ومجتهد يشارك في إدارة أعمال الخير، لكني أشكك في أن يكون اختياره اختياراً صائباً، لأن المنصب كبير للغاية، ثم إن مارتن سياسي بارع وسيعد بالكثير لكنه لن يفي بوعوده دوماً، بيد أنه شخص لطيف للغاية". فيما قال عنه زميل آخر: "إنه رجل طيب ولديه خبرة في مجال الجريمة الخطيرة والمنظمة، ثم إنه شخص ناضج" لكنه شكك في قراره بتولي هذا المنصب، وأضاف واصفاً المنصب: "إنه كأس مسموم، فهل يمكن أن تنجح استراتيجية "سحق القوارب" من تلقاء نفسها؟"

وأضاف أحد الوزراء: "من الجيد أن نرى بأننا نأخذ أمر فرض القانون بجدية أكبر مما فعلته الحكومة السابقة، ولكن في نهاية المطاف، طالما بقي هنالك طلب على القدوم إلى المملكة المتحدة، سيبقى هنالك مهربون يقدمون هذه الخدمة على الدوام".

وقال أحد النواب من حزب العمال: "في نهاية الأمر لن يكون أمام [الحكومة] أي خيار سوى أن تعقد اتفاقاً لمعالجة طلبات اللجوء خارج البلد، بيد أن الأمر يتوقف على الفترة الزمنية التي تحتاجها حتى تصل إلى هذا القرار".

 

المصدر: The Times