تزداد التعقيدات في المسائل القانونية بالنسبة للسوريين الذين هجروا من بلادهم إلى جميع بقاع الأرض، لا سيما السوريون المقيمون في تركيا والذين يشكلون النسبة الأكبر، مع ازدياد معاملات الزواج والطلاق والوفاة والمعاملات الاجتماعية الأخرى، إذ إن القانون المدني التركي يختلف بشكل شبه كامل عن قانون الأحوال الشخصية المطبق في سوريا.
فالفرق الأول والجذري ما بين الزواج في سوريا وتركيا، هو اعتبار الزواج في سوريا زواجاً شرعياً فيما لا يوجد هذا النمط من أنماط الزواج في تركيا، ولا يعترف فيها إلا بالزواج المدني، الذي يمنع تسجيل أكثر من زوجة واحدة على قيد الزوج المدني كما يترتب عليه عدة مسائل قانونية حتى في حالتي الطلاق وحصر الإرث، والإشكالية التي تواجه السوريين في هذه الدعاوى أي القانونين يطبق على المقيمين في تركيا، القانون السوري أم التركي؟
القران والطلاق
يقول المحامي وليد الكردي، لموقع تلفزيون سوريا "حين يتم عقد القران في تركيا وتثبيته في السجلات المدنية فإن الزواج يكون مدنيا حتماً، ولكن في حال كانت المرأة السورية متزوجة في سوريا وزواجها مثبت بالمحاكم الشرعية كزواج شرعي ومن ثم تقوم بتثبيت الزواج في السجلات المدنية التركية فيصبح زواجها مدنيا بشكل مباشر، وعليه يترتب على تثبيت هذا الزواج نفس الآثار القانونية الناجمة عن عقد الزواج في تركيا".
وفي حال تم تثبيت الطلاق بين الزوجين السوريين في ظل القانون التركي، فإن المرأة يمكنها الحصول على نصف الأملاك التي يملكها الزوج والمسجلة باسمه الشخصي في الدوائر الحكومية التركية سواء دائرة السجلات العقارية أو في دائرة المواصلات وحتى في البنوك وغيرها بعد تاريخ الزواج والعكس صحيح، أي أن الزوج يحصل على نصف أملاك زوجته في حال قدمت هي دعوى الطلاق، بحسب "الكردي".
وهذا القانون لا ينص عليه قانون الأحوال الشخصية في سوريا، والاختلاط في هذه المسألة يأتي في حال الزواج المسبق في سوريا، فأي القانونين يطبق القانون السوري أم التركي؟
يوضح المحامي السوري العامل في المحاكم التركية، أن الزوجة التي ترغب بالطلاق من زوجها تكون أمام خيارين، فإما أن تثبت الطلاق في سوريا عن طريق وكيل قانوني أو تلجأ إلى رفع دعوى الطلاق في المحاكم التركية بعد تثبيت زواجها في تركيا أيضاً، ولكن في هذه الحالة تأخذ دعوى الطلاق وقتاً طويلاً قد يصل إلى سنة ونصف كحد أدنى، أما في حال كان الطلاق رضائياً فيتم في جلسة واحدة ومن ثم يتم تثبيته في السجلات المدنية التركية.
ويؤكد "الكردي"، أن القانون التركي يطبق في حال تم رفع دعوى الطلاق للسوريين أمام المحاكم التركية والذين قاموا بتثبيت زواجهم بشكل قانوني خارج تركيا بأثر رجعي، يبدأ من تاريخ تثبيت الزواج في سوريا بغض النظر إن كان الزوجان أو أحدهما مكتسباً الجنسية التركية أو حاملاً للإقامة السياحية أو إقامة عمل أو حاصلاً على وثيقة إقامة مؤقتة.
أي أن الزوجة أو الزوج في حال رفع دعوى الطلاق أمام المحاكم المدنية (المحاكم العائلية)، فإن الزوجة تستحق نصف أملاك الزوج إذا أقرت المحكمة الحق للزوجة من تاريخ تثبيت عقد الزواج في موطن تثبيت الزواج وليس من تاريخ تثبيته في السجلات المدنية التركية، وهذا الأمر يسري على الأموال المنقولة وغير المنقولة الموجودة ضمن الأراضي التركية، والعكس صحيح أي أن الزوج يحصل على نصف أموال زوجته في حال أقرت المحكمة بذلك.
الميراث
أما في حالة وفاة الزوج، يقول الكردي إنه "يمكن للورثة إجراء معاملة حصر الإرث في حال وفاة الزوج في تركيا بأحد الطريقتين، إما أن يقوموا بتثبيت وفاته في موطنه الأصلي سوريا ويقوموا بإجراءات حصر الإرث القانوني وليس الشرعي هناك، ومن ثم تصدق تلك الأوراق من الخارجية السورية وتقدم الأوراق للجهات الرسمية القانونية التركية وتصدق لديهم، وبعدها يقوم الورثة بإتمام عملية حصر الإرث وتحصل الزوجة على حصتها الإرثية بحسب وثيقة الإرث القانوني في سوريا".
ويتابع "أما الخيار الثاني تقوم الزوجة بعد تثبيت وفاة الزوج في تركيا بتثبيت الزواج في المحاكم التركية، وتطالب بحصتها الإرثية بموجب القانون التركي الذي ينص على حصولها على ربع أملاكه المنقولة وغير المنقولة الموجودة في تركيا في حال وجود أولاد وفي حال عدم وجودهم تأخذ النصف، والعكس صحيح في حال وفاة الزوجة".
وكشف القاضي الشرعي الأول في دمشق، في شهر أيار عام 2019 بحسب ما نقلت صحيفة "تشرين" التابعة للنظام، أن معاملات تثبيت الزواج الإداري والطلاق الإداري هي من أكثر المعاملات انتشاراً وتفوق الـ 1000 معاملة يومياً.
وأكد القصر العدلي في دمشق، في شهر آذار عام 2018، ارتفاع نسبة الطلاق عام 2017 إلى 31%، إذ بلغ عدد حالات الطلاق في دمشق 7703 حالات، عام 2017، فيما بلغت حالات الزواج نحو 24697 حالة.