رهاب تناول الطعام مع الآخرين وفي الأماكن العامة (الديبنوفوبيا Deipnophobia) هو الخوف غير العقلاني من تناول الطعام أو المشاركة في محادثات جلسات العَشاء.
يجد الأشخاص الذين يعانون من هذه الحالة أنّ مجرد الخروج إلى المطعم والتحدث مع شخص يثير القلق الشديد، وفي بعض الحالات القصوى، قد يعانون من قلق شديد لدرجة أنهم قد يصابون بنوبات ذعر كاملة.
أعراض رهاب تناول الطعام مع الآخرين أو الديبنوفوبيا
القلق هو العرَض الرئيسي الذي يعاني منه شخص مصاب برهاب تناول الطعام مع الآخرين أو رهاب الديبنوفوبيا، وقد يؤدي قلقُه إلى الدخول على الفور في حالة قتال أو هروب ذهنية، مما قد يؤدي إلى تعرضه لنوبة هلع، وفي مثل هذه الحالة، يمكن أن يتوقَّع الشخص زيادة معدل ضربات القلب، وزيادة معدل التنفس، وتوتر العضلات، والرعشة، من بين أعراض أخرى.
من المحتمل أن يكون التجنب والانعزال سلوكاً شائعاً جداً لدى شخص يعاني من رهاب تناول الطعام مع الآخرين أو الديبنوفوبيا، في الواقع، يمكن ملاحظة الميل للعزلة في كثير من الأحيان لدى الأشخاص الذين يعانون من معظم اضطرابات القلق، مثل اضطراب القلق العام (GAD)، واضطراب الوسواس القهري (OCD)، واضطراب الإجهاد اللاحق للصدمة (PTSD)، من بين أمور أخرى.
لذلك، قد يجد الشخص المصاب برهاب تناول الطعام مع الآخرين أو الديبنوفوبيا نفسَه يتجنب تناول الطعام في المطاعم، أو ربما يمتنع ببساطة عن التحدث عند تناول الطعام خارج البيت. وبغض النظر عن نوع طريقة العزلة التي يختار تنفيذها، فمن المرجح أن تكون النتائج على المدى الطويل هي نفسها.
نورد أدناه بعض الأعراض الأكثر شيوعاً لهذا النوع من الرهاب:
- القلق الشديد عند تناول الطعام خارج المنزل.
- القلق الشديد عند التحدث في أثناء تناول الطعام خارج المنزل.
- عدم القدرة على التعامل مع القلق.
- توتر العضلات والرعشة والتعرق.
- قد يتعرض لنوبات الهلع.
أسباب رهاب تناول الطعام مع الآخرين أو الديبنوفوبيا
لا يوجد سبب معروف لرهاب تناول الطعام مع الآخرين أو الديبنوفوبيا ومع ذلك، قد تلعب الوراثة وبيئة الفرد أدواراً مهمة جداً.
وقد تلعب العوامل البيئية أيضًا دورًا وثيق الصلة جدًا في إصابة الشخص بخوف غير عقلاني من تناول الطعام بالخارج، أو التحدث في أثناء تناول الطعام بالخارج. لذلك، قد يصاب شخص ما بهذه الحالة بسبب تعرضه لنوع من الأحداث الصادمة في أثناء تناول الطعام بالخارج.
على الرغم من أننا لا نعرف بشكل قاطع الأسباب التي تؤدي إلى تطور رهاب تناول الطعام مع الآخرين أو الديبنوفوبيا فإن الإجماع بين معظم المتخصصين في الصحة النفسية هو أن العوامل الوراثية والبيئية تلعب أدوارًا مهمة. لذا، فإن إلقاء نظرة فاحصة على هذين المعيارين المختلفين قد يُلقي بعض الضوء على ما إذا كنت معرَّضًا لخطر الإصابة برهاب الديبنوفوبيا أم لا.
علاج رهاب تناول الطعام مع الآخرين أو الديبنوفوبيا
1- العلاج بالتعرّض
يمكن علاج هذا النوع من الرهاب، على عكس العديد من أنواع الرهاب الأخرى، بشكل فعال عن طريق العلاج بالتعرض (ERP)، من خلال جعل المريض يتعرض تدريجياً لخوفه مع مرور الوقت.
على سبيل المثال، قد يُعرّض المعالِج المريضَ لخوفه من محادثات العشاء من خلال تناول وجبة صغيرة معًا في أثناء الجلسة، والتحدث لفترة وجيزة طوال الجلسة.
2- العلاج السلوكي المعرفي
قد يكون العلاج السلوكي المعرفي (CBT) مفيداً أيضًا لشخص يعاني من رهاب الديبنوفوبيا. وقد يساعد العلاج السلوكي المعرفي على دعم قدرة المريض في التعامل مع قلقه الشديد.
يمكن أن تكون مثل هذه المهارة مفيدة للغاية، خاصة في أثناء نوبة الهلع. إلى جانب تعلم مهارات التكيف الجديدة والفعالة، يمكن أن يكون العلاج السلوكي المعرفي مفيداً أيضاً في السماح للمريض بتغيير طريقة تفكيره بشأن خوفه، وبالتالي تحسين رهاب الخوف.
3- الأدوية
قد تساعد الأدوية المضادة للقلق، أو مضادات الاكتئاب، في تقليل شدة الأعراض المرتبطة برهاب الخوف أيضًا. ومع ذلك؛ فإن مجرد تناول الدواء بمفرده دون استخدام أي شكل من أشكال العلاج قد لا يكون فعالًا تمامًا للعلاج على المدى الطويل، لأن المريض لن يتعلم كيفية تغيير طريقة تفكيره وتصرفاته في أثناء محادثة العَشاء. ومع ذلك، هذا شيء يجب مناقشته أولاً بينك وبين طبيبك.
4- ممارسة الرياضة
لقد ثبت أن التمارين الرياضية مفيدة للغاية للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات القلق، بما في ذلك رهاب الديبنوفوبيا. كما ثبت أن التمارين الرياضية أكثر فعالية في إطلاق المواد الكيميائية الجيدة في الدماغ، مثل الإندورفين.
هناك العديد من الرياضات الهوائية المختلفة التي يمكن للمصاب بهذا الرهاب المشاركة فيها للمساعدة في تقليل أعراض رهاب الخوف، مثل السباحة وركوب الدراجات والتزلج والمشي والركض، كما يمكنه أيضاً ممارسة بعض الألعاب الرياضية، مثل التنس وكرة القدم وكرة السلة وكرة المضرب، والألعاب الرياضية الأخرى.
5- ممارسة اليوغا
هناك العديد من أوضاع اليوغا المختلفة التي يمكن أن تفيد بشكل كبير الشخص الذي يعاني من رهاب الديبنوفوبيا، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الحالة الذهنية التأملية التي تميل اليوغا إلى بثها لدى أولئك الذين يمارسونها بشكل مستمر. يمكن اعتبار اليوغا بمنزلة التأمل في أثناء الحركة.
6- الحد من تناول الكافيين
ليس سرًا أن تناول كميات كبيرة من الكافيين على مدار اليوم يمكن أن يساعد في جعلك أكثر توتّرًا وقلقاً، وهذا أمر منطقي عندما ننظر من كثب إلى كيفية تأثير الكافيين على فسيولوجيا الجسم.
عندما نستهلك جرعة عالية من الكافيين، سيبدأ قلبنا بالنبض بشكل أسرع، ونصبح أكثر توترًا. بشكل أساسي، سيبدأ جسمنا في الدخول في حالة ذهنية "القتال أو الهروب". غالبًا ما يكون هذا الإطار الذهني بمنزلة مقدمة لشخص يعاني من رهاب الديبنوفوبيا ليتعرض لنوبات الهلع.
لذلك، فإن تناول القليل من الكافيين، أو عدم تناوله على الإطلاق طوال اليوم، قد يساعد بشكل كبير في تقليل القلق اليومي.
7- العلاج السلوكي الجدَلي
العلاج السلوكي الجدَلي (DBT) هو شكل فعال جدًا من العلاج للأشخاص الذين يعانون من تنظيم العواطف، وغالبا ما يُستخدم لعلاج الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية الحدّية. ومع ذلك، يمكن أيضًا أن يكون مفيدًا جدًا لشخص يعاني من اضطرابات القلق مثل رهاب الديبنوفوبيا.
ويرجع ذلك إلى الكم الهائل من مهارات التأقلم التي يمكنك توقّع تعلمها في مجموعة العلاج السلوكي الجدلي، وتستمر هذه المجموعات عادةً لمدة 6 أشهر تقريباً، ويمكن أن تضم من شخصين إلى عدة أشخاص اعتمادًا على عدد الأشخاص الذين ينضمون إلى المجموعة.
إحدى مهارات العلاج السلوكي الجدَلي الفعالة جدًا لمساعدة شخص يعاني من رهاب الديبنوفوبيا هي تكلف الابتسام، تعمل هذه التقنية من خلال جعلك تفكر فيما تخافه أو يزعجك، بينما ترفع زوايا فمك قليلاً عن طريق الابتسام بخفة، ومن هنا جاء مصطلح "نصف ابتسامة".
على الرغم من أنه لا يكفي مجرد التفكير في خوفك بينما تبتسم نصف ابتسامة، فإنه عليك أيضاً محاولة الامتناع عن الاستمتاع بتلك المشاعر المؤلمة التي قد يثيرها خوفك المحدد.
يتم أيضاً استخدام التأمل الذهني بشكل كبير في العلاج السلوكي الجدلي، ويمكن أن يفيد بشكل كبير الشخص الذي يعاني من رهاب الديبنوفوبيا، إذ يتم ذلك في إطار جماعي، مما يساعد على إخراج المريض من منطقة عزلته الخاصة به. قد تشمل ممارسات اليقظة الذهنية الجماعية هذه شرب الشاي الدافئ للتركيز على حاسة التذوق والحواس اللمسية، أو التركيز ببساطة على التنفس.
يُعَد التعامل للأمام مهارة أخرى مفيدة جداً في العلاج السلوكي الجدلي، والتي يمكن أن تساعد شخصًا يعاني من رهاب الديبنوفوبيا. مع التأقلم للأمام، سوف تحتاج إلى العثور على مكان يمكنك الجلوس فيه بهدوء دون تشتيت انتباهك.
أغمِض عينيك ثم فكِّر في العديد من السيناريوهات المحتملة المختلفة التي ستواجه فيها خوفك المحدد، وتتغلب عليه أو تتأقلم معه. سيساعدك القيام بذلك على أن تصبح أكثر مهارة في التعامل مع رهاب الديبنوفوبيا عندما تتعرض فعلياً للخوف المرتبط به في الحياة الواقعية.
8- الحد من التوتر القائم على اليقظة الذهنية (MBSR)
هذا العلاج عبارة عن برنامج قائم على الأدلة مدته 8 أسابيع، ويقدم تدريباً علمياً مكثفاً على الوعي الذهني لمساعدة الأشخاص الذين يعانون من القلق والتوتر والاكتئاب وأنواع أخرى من الألم العقلي.
قد يكون برنامج (MBSR) قادراً على مساعدة شخص يعاني من رهاب الديبنوفوبيا بشكل كبير، فقد ثبت أن التأمل الذهني مفيد جدًا للأشخاص القلقين. في مثل هذا البرنامج المنظم، يمكن للشخص الذي يعاني من رهاب الديبنوفوبيا أن يتوقّع تعلّم عدد كبير من المهارات المختلفة التي يمكن أن تساعده في تخفيف القلق الشديد المرتبط برهابه المحدد.
9- العلاج بإزالة حساسية حركة العين وإعادة المعالجة (EMDR)
يعمل هذا النوع من العلاج مع المرضى لزيادة مهاراتهم الذهنية قبل استعادة الأحداث المؤلمة، أو المعتقدات التي أدت إلى رهاب الديبنوفوبيا.
10- العلاج بالتنفس
التنفس متاح لنا جميعاً في أي وقت، ويمكن أن يكون أداة قوية، وحتى أخْذ نفَس عميق واحد في أثناء القلق يجعل جسمنا يشعر بالأمان، ويقلل من استجابتنا للتوتر. إحدى الطرق السهلة لتعلم أنواع مختلفة من تمارين التنفس هي التدرب يوميًا من خلال دروس اليوغا أو اليوتيوب لتقليل التوتر والقلق.
الخلاصة: رهاب الديبنوفوبيا يمكن أن يكون موهِناً. قد يكون من الصعب أن تشرحه للأشخاص الموجودين في حياتك، أو حتى أن تفهم نفسك. رهاب الديبنوفوبيا هو حالة خطيرة يمكن أن تشعر بعدم القدرة على السيطرة عليها.
يؤثر الرهاب على جميع مجالات الحياة، ويمكن أن يجعل الخروج إلى الأماكن العامة والعمل وإقامة العلاقات أمراً مستحيلاً، ومع ذلك، فإن رهاب الديبنوفوبيا قابل للعلاج، ويمكن أن يساعدك العثور على معالِج على التعامل مع الأسباب الكامنة وراءه، حتى تتمكن من الانخراط في الحياة مرة أخرى.
المصدر: رهاب تناول الطعام مع الآخرين وفي الأماكن العامة (صحتك)