اختتم مركز "حرمون للدراسات المعاصرة" فعاليات مؤتمره السنوي الرابع للأبحاث حول سوريا، الذي عُقد في مدينة إسطنبول التركية، على مدار يومي الأحد والإثنين الماضيين، برعاية إعلامية من "تلفزيون سوريا".
وشهد المؤتمر مشاركة واسعة من باحثين وأكاديميين سوريين وأتراك، حيث قُدّمت مجموعة متنوعة من الأوراق البحثية التي تناولت مختلف جوانب الشأن السوري.
وخرج المؤتمر في جلسته الختامية بعددٍ من التوصيات المهمة، من بينها:
- إعداد 22 ورقة بحثية للنشر.
- بناء منصة للباحثين السوريين في العلوم الإنسانية.
- إنجاز دراسات متخصصة عن أوضاع السوريين في الشمال السوري، وعن تنامي قطاع البناء في المنطقة.
- إجراء دراسة شاملة عن الثورة السورية ومساراتها وتحولاتها.
- البحث في أسباب العنف الشديد وآثاره في سوريا.
- تثبيت فكرة هذا المؤتمر وجعله منصة مفتوحة للأبحاث حول سوريا، بمشاركة باحثين سوريين وغير سوريين.
أوراق بحثية وجلسات حوارية
وافتتحت فعاليات اليوم الأول للمؤتمر بجلسة بعنوان "الثورة السورية بين الاستمرار والمصالحة"، أدارها السياسي والأكاديمي التركي، ياسين أقطاي.
وقُدّمت خلال الجلسة ثلاث أوراق بحثية تناولت مواضيع مهمة، مثل انتفاضة السويداء، وصفقات المصالحة التي يفرضها النظام السوري، إضافة إلى دراسة استطلاعية حول تصورات السوريين للمصالحة الوطنية في المستقبل.
وتلا ذلك جلسة حوارية بعنوان "الدراسات والأبحاث؛ أدوارها وتحدياتها"، شارك فيها كل من سمير سعيفان، مدير مركز "حرمون"، ورشيد الحاج صالح، رئيس تحرير مجلة "قلمون"، وأدارتها الإعلامية نور الهدى مراد.
وواصل المؤتمر فعالياته بجلسة ثانية ركّزت على "الديناميات الاجتماعية في سوريا"، أدارها الأكاديمي خلدون النبواني، حيث قدّمت أربع أوراق بحثية، تناولت عدة مواضيع، مثل تشكل القناعات السياسية لدى الشباب في شمالي سوريا، والحركة النسوية السورية، ورأس المال الاجتماعي السوري.
واختتم اليوم الأول بجلسة حول "تجليات وسياقات العسكرة في الحرب السورية"، قدّم خلالها الباحث حيّان دخان ورقة بحثية مهمة، عن العلاقات بين الطوائف في محافظة الحسكة خلال الانتفاضة السورية، أدارتها الباحثة عائشة البصري.
"الوزير ضد المفتي".. محاضرة للبروفيسور توماس بيريه
وبدأ اليوم الثاني للمؤتمر بمحاضرة للبروفيسور توماس بيريه، بعنوان "الوزير ضد المفتي: الصراع على الإسلام المعتدل في المؤسسات الدينية لنظام الأسد (2011-2021)"، أدارها المدير العام لـ "تلفزيون سوريا"، الدكتور حمزة المصطفى.
وفي تقديمه، أشار الدكتور المصطفى إلى شهرة توماس بيريه، وإلى أهمية كتابه الذي تُرجم إلى العربية حديثاً تحت عنوان "الدين والدولة في سوريا: علماء السُنَّة من الانقلاب إلى الثورة".
وذكر الدكتور المصطفى أن بيريه يُعدّ من أبرز الباحثين الذين قدّموا إسهامات بحثية قيّمة حول سوريا، حيث نشر نحو 70 عملاً متنوعاً، تشمل كتباً ودراسات وأوراقاً بحثية ومقالات تحليلية، وتميز بإنتاجه العلمي المتعدد اللغات، حيث كتب باللغات الإنجليزية والعربية والفرنسية.
وفي محاضرته، قال البروفيسور توماس بيريه إنه "لا شك أن النظام السوري يعتبر الهوية الدينية السنية تهديداً له، ولكن تيار الوزير المحافظ كان حقاً الدافع الأساسي لمرسومٍ حقّق هدفين قديمين للتيار المحافظ داخل المؤسسة الدينية: إعادة تأسيس مرجعية دينية جماعية، والتخلّص من تيار الحداثية الإسلامية الذي قوي بعد عام 2011 لسببين: الأول دعم إيران وبعض أطراف النظام (رامي مخلوف)، والثاني الذعر من الجهاديين (وخاصة داعش) وشيطنة الإسلام السني المحافظ، على اعتبار أنه يؤدي إلى التطرّف".
وأضاف البروفيسور بيريه أنه "في منتصف العقد المنصرم، كان في داخل المؤسسة الدينية السورية صراع بين مفهومين متناقضين للإسلام المعتدل، فمن جهة يقول التيار المحافظ إن الإسلام المعتدل هو الإسلام السنّي الشامي التقليدي (الأشعري، المذهبي، الصوفي)، بالمقابل فإن التيار المتنور أو الحداثي يعتبر أن الإسلام المعتدل يعتمد على اجتهادات جديدة مبدعة وقبول العلمانية، خاصة في مجالي القانون والتربية".
اللاجئون وتأثير الحرب على الاندماج وصورة السوريين في الأدب
وشهد اليوم الثاني كذلك ثلاث جلسات رئيسية، ناقشت مجموعة متنوعة من الأوراق البحثية، أدارها مدير وحدة تحليل السياسات في مركز "حرمون"، الدكتور سمير العبد الله، تناولت الجلسة الأولى موضوع "التحولات الإيديولوجية واللاجئين السوريين بين التداعيات والمصالحات"، وركزت الجلسة الثانية على "تأثيرات الحرب وعوامل الاندماج الاجتماعي"، أما الجلسة الثالثة والأخيرة، فكانت بعنوان "التاريخ القديم وصورة السوريين في الأدب المحلي والعالم".
وتمحورت الجلسة الثانية حول "تأثيرات الحرب وعوامل الاندماج الاجتماعي"، وتضمنت ثلاث أوراق بحثية: الأولى بعنوان "دور مخيمات النازحين السوريين في إنعاش اقتصاد مناطق شمال غربي سوريا"، للباحث محمد شاوردي؛ والثانية بعنوان "الشبكات القبلية والاندماج: مدينتا إسن ودويسبورغ (ألمانيا) مثالاً"، للباحث أحمد الشمام؛ والثالثة بعنوان "حوكمة المجالس المحلية في شمالي سوريا (الباب، اعزاز، جرابلس): الواقع والمآل والطموح"، للباحث عبد الرزاق الحسيني، وأدارتها الإعلامية ربا حبّوش.
وناقشت الجلسة الثالثة والأخيرة محوراً بعنوان "التاريخ القديم وصورة السوريين في الأدب المحلي والعالم"، تناولت أربع أوراق بحثية: الأولى بعنوان "الوثائق الكتابية القديمة في سوريا: الواقع وآفاق المستقبل"، للباحث فاروق إسماعيل؛ والثانية بعنوان "روايات الفرات: جدل السردية الرسمية والسردية المضمرة"، للباحث حسن الخلف؛ والثالثة بعنوان "هوامش الحريات في سوريا خلال حكم الأسد ودور المسرح في صياغتها"، للباحث زياد عدوان؛ والورقة الأخيرة بعنوان "السوري آخراً، صورة السوريات والسوريين في أدب الحدود المكتوب بالألمانية: دراسة صورلوجية مقارنة"، قدّمتها الباحثة سماح حكواتي؟
يشار إلى أن مؤتمر "حرمون" للأبحاث حول سوريا يعد خطوة مهمة في مجال الدراسات والأبحاث المتعلقة بالشأن السوري، حيث يوفر منصة للباحثين والأكاديميين لتبادل الأفكار والرؤى حول مختلف القضايا التي تواجه سوريا في الوقت الراهن، ويسهم في توثيق التطورات الجارية في البلاد وتحليلها، مما قد يساعد في فهم أعمق للواقع السوري ووضع تصورات مستقبلية للحل.