icon
التغطية الحية

دونالد ترامب أم كامالا هاريس.. هل سوريا على أجندة الرئيس الأميركي الجديد؟

2024.11.05 | 10:35 دمشق

47252525252525252525
الانتخابات الأميركية 2024 بين كمالا هاريس ودونالد ترامب
إسطنبول - عبد الناصر القادري
+A
حجم الخط
-A

منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، ظل الملف السوري مرتبطاً بشكل وثيق بالانتخابات الأميركية، باعتبارها من أكثر الاستحقاقات تأثيراً على سياسات العالم. ومع استمرار الولايات المتحدة في مكانتها كقوة سياسية وعسكرية رائدة، يبقى هناك احتمال كبير لتغيير مقاربة الإدارة الأميركية الجديدة للعديد من الملفات، بما في ذلك "القضية السورية" وما يتعلق بها من أحداث في المنطقة العربية والعالم.

وفي صباح 5 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 بحسب التوقيت المحلي، يتوجه الناخبون الأميركيون إلى صناديق الاقتراع لانتخاب رئيسهم الجديد بين مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب، ومرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس في انتخابات تحمل كثيرا من التجاذب السياسي واختلاف الرؤى.

ويواجه الرئيس الأميركي الجديد سواء أكان جمهورياً أو ديمقراطياً، تحديات جمة بما يخص استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة منذ الـ 7 من أكتوبر 2023، ونقل التصعيد الإسرائيلي إلى لبنان ومن خلفها إيران ومناطق نفوذها في سوريا والعراق واليمن، مع استمرار مجريات الحرب الروسية الأوكرانية، وتهديدات الصين لتايوان، وغير ذلك من الملفات الساخنة السياسية والاقتصادية والمناخية.

وبما يخص الملف السوري، كانت الإدارات الأميركية المختلفة ذات مواقف متقاربة إلى حد كبير من الحرب التي قادها النظام ثم أخذت بعداً دولياً في سوريا، حيث عملت واشنطن وشركاؤها على احتواء الصراع ضمن الخريطة السورية ومنعت من انتقاله عبر الحدود إلى مناطق أخرى مع عدم العمل على إسقاط النظام السوري عبر عمل عسكري واسع النطاق بل الحد من وصول أي أسلحة نوعية لفصائل المعارضة خشية من وصولها إلى جهات تصنفها واشنطن على لوائح الإرهاب.

ورغم أن أبرز العقوبات الأميركية التي وضعت على النظام السوري أقرت في ظل حكم إدارة دونالد ترامب بين عامي 2017 - 2021 وعلى رأسها قانون قيصر وتعرض قواعد عسكرية للنظام السوري لضربات عسكرية محدودة قرر ترامب الانسحاب العسكري من شمال شرقي سوريا دون التنسيق مع المؤسسات الأميركية ما حال دون تنفيذ ذلك، إلا أن الجالية السورية الأميركية أخذت حضوراً أكبر في أورقة السياسة الأميركية بعهد إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، وعملت على تقديم عدة مشاريع بما يخص محاربة تجارة المخدرات عبر قوانين الكبتاغون 1 والكبتاغون 2، مع صمت الإدارة الحالية على خطوات التطبيع العربي مع النظام السوري وعدم تمريرها قانون مناهضة التطبيع مع النظام السوري رغم إقراره في مجلس النواب الأميركي.

أين كانت الولايات المتحدة مما يجري في سوريا؟

ولعل ما تعيشه منطقتنا العربية بما في ذلك العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان وما يطول سوريا من قصف شبه يومي، زاد من اهتمام المتابع السوري والعربي بماهية الفائز ومدى قوة تأثيره بما يجري من أحداث وسياسات في سوريا خصوصاً والمنطقة بشكل عام.

وتشتبك السياسات الأميركية مع العديد من الفاعلين في الملف السوري، بدءاً من التدخل الروسي في سوريا عام 2015، وما سبقه من انتشار للميليشيات الإيرانية أو حزب الله اللبناني، إلى جانب دخول الجيش التركي إلى الشمال السوري عبر عمليات محدودة اعتباراً من عام 2016، وما يتصل من اتفاقيات خفض تصعيد في أستانا بين إيران وتركيا وروسيا أو المفاوضات بين النظام السوري والمعارضة في جنيف برعاية أممية، وما شمل كذلك من انتشار للقواعد الأميركية في عدد من المناطق السورية.

ويبدو أن كل ما يجري على الأراضي السورية يتصل بطريقة ما مع السياسة الأميركية في المنطقة، التي تعزف ألحانها وفقاً لمصالح واشنطن بالدرجة الأولى، فقد شهدت الأشهر الأخيرة رغبة كبيرة من قبل تركيا للتطبيع مع النظام السوري بوساطة روسية ومعارضة إيرانية في ما بدا أنه استباق للانتخابات الأميركية قبل أن تعدل أنقرة موقفها خلال الأسبوع الحالي لتؤكد على لسان وزير خارجيتها حقان فيدان أن النظام السوري غير مستعد للتطبيع مع تركيا أو التوصل إلى اتفاق مع المعارضة السورية وإنهاء حالة الصراع.

وكانت تركيا تطمح جاهدة لتحقيق أي اتفاق مع النظام السوري لكسر نفوذ قوات سوريا الديمقراطية "قسد" المدعومة أميركياً في شمال شرق سوريا، التي تتهمها أنقرة بأنها جزء من حزب العمال الكردستاني المصنف على لوائح الإرهاب، إلا أنها لم تستطع ذلك، ولا يبدو أن تحقيق ذلك سيكون سهلاً في قابلات الأيام.

على صعيد آخر، يعد انتشار المليشيات الإيرانية وحزب الله اللبناني في سوريا، على صلة وثيقة بالسياسات الأميركية بالمنطقة، فقد تمددت إيران في 4 دول عربية (سوريا واليمن والعراق ولبنان) بشكل أكبر في عهد الرئيس السابق باراك أوباما الذي ختم عهده بتوقيع الاتفاق النووي عام 2014، وأثر بشكل كبير جداً على مجريات الحرب السورية لصالح النظام السوري، ثم جاء دونالد ترامب وانسحب من الاتفاق عام 2018 وفرض عقوبات قاسية على طهران ثم اغتال قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني عام 2020، ثم عاد بايدن وحرر تلك العقوبات ومد إيران بأموال ساخنة ساعدتها على تحسين وضعها الاقتصادي مقارنة بالسابق.

ورغم مقتل المئات من الجنرالات الإيرانيين على وقع الضربات الإسرائيلية المستمرة خلال العقد الماضي للعديد من المدن السورية وبالأخص دمشق وريفها، إلا أن النفوذ الإيراني في سوريا لم يتراجع وما زالت طهران تتحكم بقطاعات عسكرية واقتصادية حساسة بالدولة إلى اليوم.

بما يخص روسيا فقد دعمت وريثة الاتحاد السوفييتي النظام السوري منذ اللحظة الأولى سياسياً ولوجستياً ثم تدخلت عسكرياً لصالح النظام السوري منذ عام 2015، وقلبت موازين القوى لصالحه بما يبدو أنه تم بضوء أخضر أميركي، وتمكنت موسكو بقوتها النارية الهائلة من تغيير المعادلة كلياً على الأرض عبر فرضها اتفاقيات تهجير ممنهجة أدت لإخلاء عشرات المدن من سكانها بعد تدمير أجزاء واسعة منها.

ورغم أن روسيا شنت منذ عام 2022، غزواً على الأراضي الأوكرانية إلا أنها غاصت في وحل شديد التعقيد لم تستطع حتى الآن الخروج منه، مع الدعم العسكري الأميركي والأوروبي غير المحدود لكييف، وفشل الرئيس الروسي فلايديمير بوتين من الحسم لصالحه.

وبعد الاستعراض الدولي والإقليمي للفاعلين في الملف السوري، لم يكن الوضع العربي الفاعل في سوريا أفضل حالاً فقد انكفأت الدول العربية مبكراً عن دعم الثورة السورية لصالح إيران وروسيا والولايات المتحدة وتركيا، وفضلوا أن يقودوا مبادرات إعادة تعويم النظام السوري، حيث عمل الأردن مع إدارة بايدن على تقديم مشروع إعادة تأهيل النظام السوري من خلال مشروع "خطوة بخطوة" الذي قدمه العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ولم تحقق مبادرته أي نجاحات تذكر، ثم جاءت السعودية (بالتعاون مع مصر والإمارات) وأعادت النظام السوري لكرسي الجامعة العربية مع طرح مبادرة جديدة توقف من تجارة المخدرات وتبعد النظام السوري عن إيران مقابل وعود بإعادة الإعمار ومد النظام السوري بالمال، إلا أن ذلك لم يحصل حتى الآن.

هل الملف السوري على أجندة الرئيس الأميركي الجديد؟

كل ما سبق من مجريات في سوريا كان وما زال تحت عين الإدارات الأميركية السابقة والحالية، والتي تعاملت مع الملف السوري كملف ثانوي في مقابل ملفات أخرى أشد أهمية بالنسبة لها، خصوصاً أن الملف السوري يغيب تقريباً من تصريحات المرشحين دونالد ترامب وكامالا هاريس مع انشغال كلا المرشحين بالحديث عن "حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها" بما يخص الحرب على غزة ولبنان، أو التسليح بما يخص أوكرانيا، أو الاقتصاد والتكنولوجيا بما يخص الصين، وإن كانت العناوين العريضة تركز على الاقتصاد والهجرة وقانون الإجهاض وغير ذلك.

ويرى البعض أن سياسة نائبة الرئيس الأمريكي، كامالا هاريس، تجاه قضايا المنطقة العربية لن تختلف كثيراً عن سياسة الرئيس الأميركي الحالي، جو بايدن، خاصة وأنها لم تقدم أي وعود واضحة بإنهاء الحرب في غزة ولبنان.

على عكس هاريس، يركز ترامب في سياسته الخارجية على ما يزعم أنه "إحلال السلام" باعتبار أن فترته لم تشهد نشوب أي حرب، مع تشديده على أهمية الملف الاقتصادي والهجرة.

وخلال فترة حكمه السابقة، قدم ترامب لإسرائيل ما لم يقدمه أي رئيس أميركي سابق، إذ نقل السفارة الأميركية إلى القدس، كما اعترف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية المحتلة.

ويرى عبد الرحمن السراج الباحث في الشأن الأميركي أن الإدارة الأميركية الجديدة مهما كانت جمهورية أو ديمقراطية لن تبدي اهتماماً بالملف السوري من منطلق إنساني، بل سيكون المنطلق الأساسي إما لتخفيف عبء ملف المهاجرين عالمياً وبالتالي المطالبة بضمانات إنسانية ولو شكلية، أو الضغط على إيران وعزلها وإعادة النظام إلى الحضن العربي.

وقال السراح في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، من المتوقع أن يستمر التطبيع مع النظام السوري ولكن وفقاً لمسارين مختلفين: منطلق الديمقراطيين سيكون لخدمة حلفائهم في أوروبا الذين يسعون لحل ملف الهجرة واللجوء، ومنطلق الجمهوريين سيكون لخدمة دول المنطقة التي تسعى إلى إعادة نظام الأسد إلى المنظومة العربية وعزله عن إيران ولو جزئياً وهي نقطة يبدو أن النظام لا يمانعها في هذه المرحلة.

ولفت إلى أن ترامب توجه نحو تخفيف الأعباء الخارجية على الولايات المتحدة ما قد يعني خفض الوجود العسكري في سوريا أو إنهاءه (على عكس هاريس)، لكن ترامب منفتح على جميع الخيارات وقد يغير رأيه بشأن ذلك. وتجدر الإشارة إلى أن اليمين الأميركي وبعض حلفاء ترامب غير مؤيدين لقسد من منطلق توجهها اليساري أو الشيوعي، وهو ما قد يصب في صالح تركيا.

ويعتقد الباحث السوري أن هناك نقطتي اشتراك ونقطة اختلاف في سياسة المرشحين تجاه الشرق الأوسط. المشتركان هما: التمسك بالوضع الراهن دون رغبة في التغيير في المنطقة وهذا يشمل كل الدول بما فيها الكيان الإسرائيلي، والتحالف مع إسرائيل ككيان بغض النظر عن شكل الحكومة أو ميولها. أما نقطة الاختلاف فترامب منفتح على التحالف مع دول الخليج ومصر وتركيا بعكس هاريس والديمقراطيين الذين هم أقل انفتاحاً على الفكرة.

وبيّن أنه "من المرجح أن الضغوط على المشروع الإيراني إقليمياً بغض النظر عن المرشح الفائز، مع إمكانية تعزيز قنوات الاتصال مع الأجنحة الأقل تمسكاً بهذا المشروع في الحكومة الإيرانية. الحكومة الديمقراطية لن تُسلّم إيران صفقة نووية جديدة مجاناً، وهذه طبيعة الدبلوماسية الأميركية".