درعا.. ميدان مفتوح للاغتيالات والكبتاغون تحت سطوة نظام عاجز

2024.09.13 | 06:55 دمشق

2333333333333335
+A
حجم الخط
-A

محافظة درعا، التي تقع في أقصى الجنوب السوري، وبعد تعرض أهلها وسكانها طوال سنوات لمجازر دامية، باتت كما نعلم تخضع لسيطرة نظام الأسد المجرم بعد استعادة سلطاته الأمنية والعسكرية عليها نتيجة فرض روسيا، وبرعاية منها في عام 2018، اتفاقًا للتسوية مشكوكاً في أهدافه وتفاصيله.

كانت غاياته ووسائل تطبيقه محل شك منذ بدايات صياغته وإخراجه إلى النور. ورغم أن البعض قد علقوا آمالًا على التسويات المزعومة، إلا أن الأحداث الأمنية المتلاحقة والجرائم وانتشار السلاح وتجارة وتهريب الكبتاغون، إلى جانب الحوادث الدموية المستمرة في كل مناطق وبلدات درعا، كشفت بوضوح زيف هذه التسويات، على الرغم من مرور ست سنوات عجاف على فرضها.

تسويات تمثيلية فاشلة

منذ بداية عقدها، كان أهالي درعا وفصائلهم بمختلف مكوناتهم يشككون في الاتفاقيات والتسويات المتعددة التي أُبرمت في المحافظة. يعتبرونها تمثيلية هزلية وعقيمة، لم تأت بجديد يُذكر. فرغم مرور الأشهر والسنوات على التسوية الأولى، لم يلتزم نظام الأسد بأيّ من بنود الاتفاقات التي وُصل إليها مع أعيان ووجهاء المحافظة ولجانها المركزية بإشراف روسي في عام 2018.

ومن بين هذه البنود، كان النظام ملزمًا بإطلاق سراح المعتقلين والمغيبين قسريًا، وسحب جيشه من المدن والشوارع، والتعهد بعدم مداهمة أو اجتياح أي بلدة أو حي عسكريًا. إلا أن النظام، وكعادته، استمر في سياسات الإجرام والخطف والقتل، وزاد من الاعتقالات الواسعة خاصة على الحواجز والطرق بين المدن والبلدات، إضافة إلى حصار مداهمة وقصف العديد من المناطق التي توجد فيها مجموعات مسلحة مناوئة له.

جمر تحت الرماد

كما أثبتت أحداث وتطورات السنوات القليلة الماضية، يواجه النظام السوري صعوبات كبيرة في فرض سيطرته الميدانية والأمنية التامة على درعا وأريافها، على عكس ما آلت إليه مناطق مثل حمص والغوطة الشرقية. يعود النظام جزئيًا إلى درعا بمساعدة أميركية روسية وبمباركة خاصة من تل أبيب، وذلك نتيجة لتخاذل بعض الدول الإقليمية التي لها مصلحة في موقع درعا الجغرافي الاستراتيجي.

ورغم إعلان النظام سيطرته على درعا في يوليو 2018، ما تزال قواته الأمنية وحواجزه تتعرض بشكل دائم لهجمات واستهدافات، ويتساقط العشرات من ضباطه وعناصره بين قتيل وجريح نتيجة تصاعد عمليات الاغتيال التي ينفذها أشخاص يُقال عنهم إنهم مجهولون.

ولعبت الظروف الاجتماعية المعقدة والمسائل الأمنية، بالإضافة إلى فشل التسويات، دورًا محوريًا في تسهيل تصنيع وتجارة المخدرات، خاصة الكبتاغون. غياب السلطة الأمنية الواحدة، وتعدد النفوذ بين روسيا وإيران وحزب الله والنظام وميليشياته، إلى جانب بعض المجموعات المعارضة السابقة التي تحولت إلى مصالح مالية ضيقة، أسهم في تفاقم الوضع الأمني. كما تورطت بعض الشخصيات والفصائل المعارضة في عمليات التهريب والمتاجرة بالمخدرات، وهذا ما يرغب فيه النظام.

استمرارية الانفلات الأمني

حالة الانفلات الأمني المستمرة في درعا وأريافها، وارتفاع وتيرة الاغتيالات والاعتقالات التعسفية التي تستهدف ناشطين ثوريين وعناصر معارضة سابقة، تشير إلى أن النظام هو المستفيد الأول من هذه الفوضى. يأمل النظام في فرض قبضته الأمنية على المحافظة عبر هذه الوسائل القمعية، ولكن يبدو أن هذه الإجراءات أدت إلى نتائج عكسية، حيث زاد يأس المجتمع المحلي من إمكانية التغيير، وازداد إيمان أهالي درعا بعدم قدرة النظام على تحقيق الاستقرار.

ومنذ عام 2018، لم تمنع التسويات والمصالحات الشكلية من انتشار السلاح والفلتان الأمني. تمثل ذلك في الاغتيالات والتفجيرات التي أسفرت عن مقتل وجرح العديد من المدنيين والعسكريين من مختلف الأطراف. من الواضح أن النظام ليس لديه الرغبة أو الوسائل الحقيقية لاتخاذ خطوات عملية تضمن عودة الهدوء والاستقرار للجنوب السوري.

وتظل محافظة درعا والقنيطرة، ومعهما السويداء، مناطق متأزمة وجغرافيا صراع دموي ملتهب. سيكون مصير هذه المنطقة مرهونًا بالتفاهمات الإقليمية والدولية، وليس بمشيئة النظام السوري. وفي ظل هذه التطورات، يبقى السؤال مطروحًا: إلى أين يتجه الوضع الأمني المضطرب في الجنوب السوري؟