icon
التغطية الحية

جنسيات مزدوجة ومحاكم.. ماذا نعرف عن أعضاء "مجلس الشعب" المستبعدين والملاحقين؟

2024.11.06 | 07:01 دمشق

542
مَن هم النواب الذين أسقطت عضويتهم ورفعت حصانتهم في برلمان النظام السوري؟
إسطنبول - خالد حمزة
+A
حجم الخط
-A

في مشهد لم يعد مستغربا، أعلن برلمان النظام السوري خلال الأسابيع القليلة الماضية عن سلسلة قرارات شملت إسقاط عضوية بعض النواب ورفع الحصانة القضائية عن آخرين. 

وشملت قرارات إسقاط العضوية النواب "شادي دبسي"، و"محمد حمشو"، و"أنس محمد الخطيب" بسبب امتلاكهم جنسيات أجنبية، مما يخالف شروط العضوية الدستورية.

وذكرت وسائل إعلام مقربة من النظام أنّ شادي دبسي ومحمد حمشو يحملان الجنسية التركية بينما يحمل أنس محمد الخطيب الجنسية الأردنية.

وينص الدستور السوري في مادته 152، الذي أُقر عام 2012، على أنه "لا يجوز لمن يحمل جنسية أخرى، إضافة إلى الجنسية العربية السورية، أن يتولى مناصب رئيس الجمهورية أو نائبه أو رئيس مجلس الوزراء أو نوابه أو الوزراء أو عضوية مجلس الشعب أو عضوية المحكمة الدستورية العليا"، مما يعني مخالفة النواب الثلاثة لمادة صريحة في الدستور السوري.

وعادة، ما تقع مسؤولية التصريح عن وجود جنسية ثانية لدى المرشح على المرشح نفسه في المرتبة الأولى ولاحقا على الجهات المسؤولة عن تدقيق صحة الأوراق المقدمة. 

وضمن سلسلة القرارات المتتالية، أعلن برلمان النظام أيضاً رفع الحصانة عن نواب آخرين من أجل ملاحقتهم قضائيا، وهم "أيهم جريكوس" و"مدلول العزيز". 

وليست المرة الأولى التي يُرفع فيها الحصانة عن جريكوس والعزيز، فقد سبق للنظام في نهاية الدورة البرلمانية الماضية أن أسقط الحصانة عنهما إلى جانب ثلاثة نواب آخرين على خلفية اتهامات مشابهة تتعلق بالفساد وهدر المال العام، لكنهما تمكنا من العودة إلى البرلمان عبر الانتخابات الأخيرة.

وتزامنت هذه القرارات مع تصريحات القيادة المركزية لحزب البعث، التي ألزمت نواب الحزب بالموافقة على القرارات القضائية، سواء كانت تتعلق برفع الحصانة أو إسقاط العضوية.

في السطور التالية، نستعرض معلومات عن الشخصيات الخمس التي أعلن النظام إسقاط عضويتهم، وهم محمد حمشو، وشادي دبسي، وأنس محمد الخطيب، إضافة إلى من تم إسقاط الحصانة عنهما، وهما أيهم جريكوس ومدلول العزيز.

من هو محمد حمشو؟

محمد صابر حمشو، رجل أعمال سوري بارز، ولد عام 1966 في دمشق. يشغل حمشو مناصب مهمة في مجال الأعمال والسياسة في سوريا، ويعتبر أحد المقربين من الدوائر العليا للنظام السوري، خاصةً من جناح ماهر الأسد. 

وجمع حمشو مسيرة غنية ومعقدة تتداخل فيها المصالح الاقتصادية والسياسية والأمنية في سوريا، ففي البداية حصل محمد حمشو على شهادة جامعية في مجال الهندسة الإلكترونية، حيث بدأ حياته المهنية في شركة متخصصة بالحواسيب وأجهزة الاتصال، التي كان يمتلكها مضر حويجة، ابن اللواء إبراهيم حويجة، مدير إدارة المخابرات الجوية الأسبق. 

ومن خلال هذه العلاقة مع عائلة حويجة، تمكن حمشو من دخول مجال الأعمال بفضل المناقصات الحكومية وعقود التوريد، التي كانت تتم دون الحاجة إلى مناقصات، بفضل حماية اللواء حويجة.

وأسس "مجموعة حمشو الدولية" عام 1989، التي تشمل نحو 20 شركة فرعية تعمل في مجالات المقاولات والتعهدات السكنية والحكومية، مما يعكس نفوذه الواسع وقدرته على الاستمرار رغم التحديات والتغيرات السياسية.

ومع تطور علاقاته مع النظام، تعرف حمشو إلى ماهر الأسد عبر عمار ساعاتي، الأمر الذي عزز مكانته الاقتصادية والسياسية. 

ومن خلال هذه العلاقة الوثيقة، أسس أول مشروع تجاري له لصالح ماهر الأسد عبر شركة "براق" التي كانت تقدم خدمات اتصالات أرضية في سوريا، وتوزع أكشاك الاتصالات في المدن الرئيسية. 

وساعد هذا المشروع حمشو في بناء مجموعة من الشركات الاقتصادية الواسعة تحت اسم "مجموعة حمشو للاتصالات الدولية".

من بين الشركات البارزة التي أسسها أو رأسها، كانت شركة "براق للدعاية والإعلان"، وشركة "الشرق الأوسط" المتخصصة في تسويق تكنولوجيا المعلومات، وشركة "شام للدراسات الهندسية والتعهدات"، وشركة "جوبيتر" للمشاريع السياحية، وشركة "سورية الدولية" للإنتاج الفني. كما أصبح حمشو وكيلاً لشركة "الثريا" للاتصالات في سوريا، مما زاد من نفوذه في سوق الاتصالات.

وبالتوازي مع المشاريع السابقة، دخل حمشو مجال الإعلام من خلال تأسيسه لموقع "شام برس" الإخباري، كما كان شريكاً في قناة "الدنيا" التلفزيونية. ويعتبر حمشو من أبرز الوجوه الإعلامية للنظام السوري حيث استخدم نفوذه التجاري لدعم سياسات النظام والترويج لها عبر هذه المنصات.

شغل حمشو عضوية مجلس الشعب السوري مرتين، حيث مثل توجهات النظام السوري، واعتبر ما يوافق عليه حمشو بمثابة توجيه سياسي مقبول من قبل عائلة الأسد. 

عُرف عنه بصفته "بوصلة" في مجلس الشعب تعكس مواقف النظام، خصوصاً تلك المتعلقة بشؤون عائلة الأسد، وفق ما أشار إليه الصحفي السوري نضال معلوف.

إلى جانب ذلك، شغل حمشو مناصب حكومية عديدة منها أمين سر غرفة تجارة دمشق وأمين السر العام لاتحاد غرف التجارة السورية، ورئيس مجلس المعادن والصهر الذي أسس عام 2015.

ووفقاً لموقع "مع العدالة"، أظهرت تقارير أن حمشو دفع مبالغ لفصائل مثل جيش الإسلام وفيلق الرحمن في الغوطة الشرقية مقابل تسهيل استخراج معدات مصانع تابعة له من مناطق سيطرتها.

وأفاد الموقع أن حمشو نسق مع بعض هذه الفصائل لترتيب عمليات تهريب بضائع وتحركات تبيّن فيما بعد أنها كمائن معدة بالتعاون مع النظام، كما أقام حمشو علاقات مع شخصيات من المعارضة في القاهرة ودول عربية أخرى، حيث أدى دوراً خفياً في عدة مفاوضات، خصوصاً تلك التي جرت في منطقة عرسال اللبنانية، وذلك وفقا لما ورد في منصة الذاكرة السورية وموقع مع العدالة.

وضع محمد حمشو تحت العقوبات الأوروبية في 24 يونيو/حزيران 2011، بسبب تورطه في دعم النظام السوري اقتصاديا وتبييض الأموال.

ورفعت العقوبات عنه مؤقتاً في 2014، ولكن أُعيد فرضها في 2015. كما وضع تحت العقوبات الأميركية منذ 4 أغسطس/آب 2011. 

امتدت العقوبات الدولية لتشمل عائلته أيضاً، حيث شملت زوجته رانيا الدباس وأولاده الأربعة، في إطار عقوبات قانون "قيصر" الذي بدأ العمل به في 17 يونيو/حزيران 2020.

في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، استبعدت غرفة التجارة العربية الألمانية محمد حمشو من مجلس إدارتها نتيجة لعلاقته بالنظام السوري. بينما استمر بعضويته في مجلس رجال الأعمال السوري-الصيني.

من هو شادي دبسي؟

شادي فؤاد دبسي، طبيب بشري ومتخصص في مجال الجراحة التجميلية، يمتلك عيادة في منطقة الموكامبو بمدينة حلب. 

سبق لشادي دبسي أن كان عضوا في مجلس الشعب التابع للنظام عن دورة عام 2020، ممثلا عن دائرة مدينة حلب في قطاع العمال والفلاحين (أ) ضمن قائمة "حلب الأصالة".

خلال تلك الدورة، شاركه في القائمة عدد من المرشحين، من بينهم مرشحة مستقلة اتهمت القائمة بالخيانة بعد شطب اسمها دون إبلاغها، إذ جرى الاستعاضة عنها بحسام قاطرجي بعد ادعاء القائمة بانسحابها، وهو ما نفته المرشحة المستقلة عبر منشور على صفحتها في فيسبوك.

في دورة مجلس الشعب لعام 2024، أعاد دبسي ترشحه ضمن قائمة "حلب الشهباء" عن دائرة مدينة حلب الفئة (ب)، والتي ضمت عددا من الأسماء الأخرى، منها حسن شعبان بري، ومحمد عامر الحموي، وزياد الحريري، وجورج بخاش، وماريا مانوك، وحسين أحمد خربطلي. ونجح دبسي في تحقيق الفوز ليشغل مقعدا في المجلس مرة أخرى.

وقبل أيام، وافق "مجلس الشعب" خلال جلسته الخامسة في الدورة العادية الأولى من الدور التشريعي الرابع، وبأغلبية مطلقة، على اقتراح فقدان شادي دبسي لعضويته.

واستند القرار إلى تقرير صادر عن المكتب المختص في المجلس، حيث جاء نتيجة لإثبات حمل دبسي لجنسية أخرى (التركية) إلى جانب جنسيته السورية، وهو ما يشكل إخلالًا بأحد شروط الترشيح.

وتبين أن دبسي حصل على الجنسية التركية عام 2023، وكان حينها يشغل مقعده في مجلس الشعب ضمن الدورة التشريعية السابقة.

من هو أنس محمد الخطيب؟

أنس الخطيب، الذي وصل إلى البرلمان عن محافظة دمشق في الفئة (ب)، يشغل أيضا منصب مدير المشاريع الصحية في الاتحاد العام لنقابات العمال، إلى جانب منصبه كمدير مؤسسة الرعاية الصحية العمالية. كما يُعرف الخطيب بتخصصه في أمراض الأنف والأذن والحنجرة.

وصوّت برلمان النظام السوري، يوم الأحد 3 تشرين الثاني، بالأغلبية على إسقاط عضوية النائب أنس محمد الخطيب. القرار جاء بحجة حمله جنسيةً ثانية، في حين أكدت وسائل إعلام مقربة من النظام السوري أن الخطيب يحمل الجنسية الأردنية.

من هو أيهم نجدت جريكوس؟

أيهم نجدت جريكوس، شخصية بارزة في النظام السوري وعضو "مجلس الشعب" عن حزب البعث، وُلد في صلنفة بمحافظة اللاذقية عام 1975.

بدأ جريكوس مسيرته السياسية منذ فترة طويلة، شاغلاً مواقع في النظام، حيث تنقل بين المناصب من عضوية مجلس محافظة اللاذقية إلى عضوية مجلس الشعب منذ 2012 وحتى اليوم، كما كان من مؤسسي جمعية "اللاذقية قلب واحد".

عرف عن جريكوس دوره الأمني في بداية الثورة السورية عام 2011، حيث كان من أوائل المشاركين في قمع المتظاهرين في مناطق صلنفة والحفة، وبرز دوره الأمني بتوليه مسؤولية تسليح أقاربه وعناصر موالية للنظام بالتعاون مع أجهزة المخابرات السورية، ليصبح لاحقاً مسؤولاً عن لجان الدفاع الوطني في منطقة الحفة.

ومكنته علاقاته الوثيقة بشخصيات نافذة في النظام، مثل عماد الأسد، من تحقيق نفوذ واسع في اللاذقية، ما سمح له بالدخول في أعمال غير مشروعة وتأسيس شركات، أبرزها "شركة الغلال الوفيرة للبيتون"، التي أسسها مع ابن خاله أمير إسماعيل، وهو قائد إحدى الميليشيات في القرداحة.

في مايو/أيار الماضي، عيّن جريكوس ضمن القيادة المركزية لحزب البعث، في انتخابات قالت مصادر خاصة لتلفزيون سوريا إنها كانت محسومة مسبقاً، حيث أكد شهود أن النتائج كانت متفقاً عليها مسبقاً بين المرشحين المدعومين.

وفي تطور جديد، وافق مجلس الشعب السوري في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 على رفع الحصانة عن أيهم جريكوس والنائب مدلول العزيز، لتمكين القضاء من استدعائهما والنظر في القضايا المثارة حولهما والمتعلقة باتهامات بالفساد وهدر المال العام. 

وجاء هذا القرار بعد يوم من توجيهات القيادة المركزية لحزب البعث، التي أعلنت أن على النواب البعثيين الالتزام بالتصويت لصالح القرارات القضائية، سواء كانت متعلقة برفع الحصانة أو إسقاط عضوية أحد النواب.

ويعتبر هذا التصويت خطوة قد تسمح بمحاكمته، حيث إن الحصانة يمكن أن تعود في حال لم تثبت الاتهامات أمام القضاء.

ورغم هذه التهم المتزايدة، فإن عودة جريكوس إلى مجلس الشعب بعد انتخابات 2020 وإعادة انتخابه في 2024 تؤكد على الدعم الواضح الذي يتمتع به من النظام، ما يشكك بمصداقية الإجراءات القانونية التي تستهدفه.

من هو مدلول العزيز؟

مدلول العزيز، عضو "مجلس الشعب" للدورة التشريعية الثالثة (2020-2024) عن محافظة دير الزور، شخصية مثيرة للجدل ارتبطت بتاريخ مليء بالتقلبات والمصالح المتشابكة.

ينحدر العزيز من عشيرة العبيدات ضمن قبيلة البكارة، وكان أحد قادة "جبهة النصرة" في دير الزور بين عامي 2012 و2015، وفقا لتقاطع عدد من المصادر الإعلامية.

ومع سيطرة "داعش" على دير الزور، فرّ العزيز إلى دمشق وأجرى مصالحة مع المخابرات الجوية التابعة للنظام، ليعود بعدها ويؤسس ميليشيا عشائرية مدعومة من النظام، تضم عددا من أفراد عشيرته وعناصر سابقة من "النصرة" الذين أجرى لهم تسوية مع النظام.

وأطلق على حواجزه في دير الزور وريفها اسم "حواجز أبو ذباح"، التي اشتهرت بابتزاز المواطنين وابتزاز المطلوبين أمنيا وتجارة العملات المزورة.

استفاد العزيز من نفوذه وثروته التي جمعها عبر الابتزاز والأعمال غير المشروعة لدخول "مجلس الشعب"، عبر شراء الأصوات ودعم من ميليشيات إيرانية وشخصيات نافذة مثل نواف البشير، شيخ قبيلة البكارة، و"الحاج علي" قائد ميليشيات الحرس الثوري الإيراني في المنطقة.

ومؤخرا، اندلع خلاف علني بين العزيز ونواف البشير بسبب محاولات البشير تقديم مرشح بديل من قبيلة البكارة لمجلس الشعب، مما أدى إلى تراشق بالتهديدات بينهما رغم الوساطات العشائرية.

يدير العزيز أيضا نادي "الفتوة"، وقد أثار الجدل مرارا بتسببه في أحداث شغب رياضية، حُرم بسببها من النشاط الرياضي وغُرّم بمليوني ليرة. 

كما دخل مجال الأعمال بتأسيسه شركة "شام العزيز" لاستيراد وتوزيع مواد البناء والمشتقات، ما يعكس استغلاله لثروته ونفوذه المتنامي.

في الآونة الأخيرة، تورط العزيز في موجة شراء العقارات التي تجتاح دير الزور وريفها، بالتعاون مع فراس العراقية، قائد ميليشيا الدفاع الوطني.

وتسجل هذه العقارات بأسماء وسطاء لتجنب الكشف عن المشترين الفعليين، وتفيد تقارير إعلامية بأن هذه المشتريات تجرى لصالح ميليشيا "الحرس الثوري الإيراني"، تحت إشراف المركز الثقافي الإيراني ومنظمة "جهاد البناء" الإيرانية، مع تخويف الأهالي بإشاعات عن مصادرة أملاكهم.