يتعرض مواطنون في العاصمة دمشق وريفها لطلب مراجعة فرع الأمن الجنائي بتهمة تسلم حوالات خارجية، وآخرون يودعون في السجن بتهمة العمل في الصرافة غير المرخصة في محاولة من النظام السوري للاستيلاء على النسبة الأكبر من حوالات العيد عبر تلاعب "المصرف المركزي" بسعر الصرف.
ومع بداية شهر رمضان كان سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي يقارب الـ 15 ألف ليرة لكل دولار، ومن ثم بدأ ينخفض وصولاً إلى 13800 ليرة لكل دولار أميركي، وذلك من جراء تلاعب النظام السوري بسعر الصرف الحكومي وتخفيضه ليصبح مقارباً لسعر السوق السوداء.
وعليه، شهدت الليرة السورية تحسناً في قيمتها مقابل الدولار الأميركي خلال شهر رمضان، لكن في المقابل يرى خبراء اقتصاديون، أنَّ تحسن قيمة الليرة مقابل الدولار الأميركي مؤقت، مع توقع انخفاض قيمتها بعد العيد من جراء انخفاض عرض الدولار.
وبينما يتراوح سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي 13850 ليرة لكل دولار في السوق السوداء، يبلغ سعر صرف الليرة وفقاً لما حدده البنك المركزي 13400 ليرة لكل دولار أميركي.
منال، سيدة خمسينية تعيش في دمشق قالت: "إنّها تسلمت حوالتين خلال شهر رمضان من ابنها المقيم في إحدى الدول الأوروبية"، مشيرةً في حديثها لـ موقع تلفزيون سوريا إلى أنَّ ذلك عرضها لمراجعة فرع الأمن الجنائي للاستفسار عن سبب التحويل ومن حوَّل لها المال.
وأوضحت منال، أنها تسلمت الحوالتين عبر السوق السوداء لعدم قدرة ابنها على إرسال المال بالطرق القانونية، وتفادياً لخسارتها ما يقارب الـ 400 ليرة في كل دولار أميركي.
وأضافت، أن فرع الأمن الجنائي بدمشق استفسر منها عن سبب التحويل وطريقته وعن كيفية تسلمها المبلغ المرسل وإن كان الاستلام تم بالدولار أم بالليرة السورية.
وما حدث مع منال تكرر مع عدة أشخاص وفق رصد موقع تلفزيون سوريا، إذ تتعرض عائلات تعاني فقراً مدقعاً لطلب مراجعة فرع الأمن الجنائي بسبب تسلمها للحوالات المالية التي تساعدها على العيش في ظل فشل حكومة النظام السوري في تحسين حياة الناس في مناطق سيطرته.
وتعليقاً على ذلك، قال محامٍ مقيم بدمشق، "إنَّ مرسوم التعامل بغير الليرة السورية لا يجرم تسلم الحوالة الخارجية"، مؤكداً في حديثٍ لـ موقع تلفزيون سوريا، أنَّ من يستلم حوالة لمصلحته الشخصية ولمرة واحدة لا مسؤولية جزائية عليه، وأن تصرّف النظام بطلب مراجعة الأمن الجنائي بتهمة استلام حوالة غير قانوني وانتهاك للخصوصية.
وأوضح المحامي الذي فضل عدم الكشف عن امسه خوفا من الملاحقة الأمينة، أنَّ من يستلم حوالات بشكل دائم ومن ثم يسلمها لآخرين مقابل ربح مادي يقع تحت مسؤولية جزائية بتهمة العمل في الصرافة من دون ترخيص.
وتعيش كثير من العائلات السورية على الحوالات الخارجية التي يصل 80 بالمئة منها عبر السوق السوداء نظراً لفارق السعر مع سعر صرف "البنك المركزي" التابع للنظام، وفقاً لخبراء اقتصاد في مناطق النظام.
كما ارتفعت وتيرة الحوالات المالية إلى سوريا قبيل أيام من حلول عيد الفطر بنسبة 30 بالمئة مقارنة بالتحويلات المسجلة مطلع شهر رمضان، بالتزامن مع نشاط عمليات التحويل بين المحافظات داخل البلاد، وفق موقع "أثر برس" المحلي.
وأضاف الموقع، نقلاً عن شركات صرافة أنَّ سبب زيادة التحويلات من المغتربين في الخارج لأهاليهم، يعود إلى قرب موعد حلول عيد الفطر، مشيراً إلى أن أكثر التحويلات تكون من لبنان والإمارات والعراق، بمبالغ تتجاوز الـ 3-4 ملايين للشخص الواحد.
تهمة صرافة غير مرخصة
على صعيد موازٍ، تعرض أشخاص آخرون للتوقيف بتهمة العمل في الصرافة غير المرخصة، وذلك من خلال الحملات الأمنية التي يقوم بها النظام السوري على الشركات التي تعمل في السوق السوداء، وفقاً لما قاله لموقع تلفزيون سوريا عدة أشخاص يعملون في تسليم حوالات خارجية للسوريين.
وقال عبد الله، وهو اسم مستعار لشخص يعمل في تسليم حوالات للسوريين بالدولار لـ موقع تلفزيون سوريا "إنَّ صرافي السوق السوداء يعملون بحذر شديد خلال شهر رمضان وفترة العيد خوفاً من تعرضهم للاعتقال"، مؤكداً في حديثه تعرض عدة أشخاص للتوقيف خلال رمضان الحالي.
وعن ذلك، دعا الدكتور في كلية الاقتصاد بجامعة حلب، حسن حزوري، إلى إلغاء قوانين تجريم التعامل بغير الليرة السورية والترخيص لأكبر عدد من الشركات ومكاتب الصرافة تحت رقابة المصرف المركزي مع إصدار نشرة يومية حقيقية وفق قانون العرض والطلب.
وقال في حديثٍ لموقع محلي إنّ هناك مافيا مستفيدة من بقاء القوانين السائدة خدمة لمصالحها.