icon
التغطية الحية

تصويت مبكر على مسودتين بشأن معبر باب الهوى والـ "أوتشا" لم تعد خطة بديلة للإغلاق

2022.07.06 | 21:14 دمشق

sd
سلسلة بشرية من عمال المجتمع المدني تدعو إلى الحفاظ على قرار المساعدات الإنسانية إلى محافظة إدلب
إدلب - فائز الدغيم
+A
حجم الخط
-A

لم يبق سوى ساعات قليلة لجلسة مجلس الأمن لتقرير مصير استمرار دخول المساعدات الإنسانية الأممية إلى مناطق المعارضة السورية عبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا عبر آلية المساعدات عبر الحدود.

وكشفت مصادر خاصة مطلعة لموقع تلفزيون سوريا أن جلسة لمجلس الأمن الدولي ستعقد يوم غد الخميس للتصويت على مسودتين مطروحتين على الطاولة:

  • الأولى: مسودة روسية يمدد التفويض ستة أشهر، من دون الكشف عن مزيد من التفاصيل مثل الشروط الممكن أن تفرضها موسكو مقابل التمديد 6 أشهر.
  • الثانية: مسودة نرويجية - إيرلندية لتمديد آلية المساعدات عبر الحدود لعام كامل.

ويتقاطع ما كشفه المصدر مع برنامج العمل المؤقت لمجلس الأمن يوم غد.

بل
برنامج العمل المؤقت لمجلس الأمن

لطالما هددت روسيا بإغلاق معبر باب الهوى وهو المعبر الأخير المتبقي لشمال غربي سوريا في آلية المساعدات عبر الحدود، واستطاعت روسيا خلال الأعوام السابقة تقليص عدد المعابر من أربعة إلى معبر واحد، وحاولت في العام الماضي إغلاق آخر تلك المعابر بذريعة انتهاكه "سيادة الحكومة في دمشق"، لكنها رضخت في النهاية لمشروع قرار ألماني بلجيكي معدل يقضي بإدخال المساعدات إلى مناطق المعارضة عبر آليتين، الأولى عبر الحدود كما كان عليه الحال منذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2156 لعام 2014، والثانية هي آلية إدخال المساعدات عبر خطوط النزاع من مناطق سيطرة نظام الأسد إلى مناطق سيطرة المعارضة.

لكن العلاقات المتوترة بين موسكو والغرب بعد الحرب الروسية الأوكرانية ألقت بظلالها على الملف السوري.

وسبق أن كتب آرون لاند الباحث في الشرق الأوسط في وكالة أبحاث الدفاع السويدية (FOI) في ستوكهولم، في مقال له على موقع "the new humanitarian"، وقال فيه : "في الواقع، للدبلوماسية الروسية مصلحة متناقضة في الإبقاء على نظام تقديم المساعدات عبر الحدود الذي تحب أن تعبر عن كرهها له، وذلك لأنها في كل مرة يقترب معه أجل ذلك التفويض على الانتهاء، تقوم موسكو بابتزاز منافسيها من خلاله لتحصل على ما تريده".

مجاعة في الشمال السوري وإغراق أوروبا بالمهاجرين

ويرى العديد من المحللين بأن روسيا تهدف لخلق أزمة إنسانية تدفع بالملايين إلى الهجرة من شمالي سوريا إلى أوروبا لإغراق الأخيرة بموجات كبيرة من المهاجرين غير الشرعيين وذلك رداً على وقوفهم ضدها في أوكرانيا، كما أنها تهدف لدعم نظام الأسد مادياً عبر الاستفادة من ملف المساعدات الإنسانية الأممية والعملة الصعبة التي ستقدم لتنفيذ المشاريع الأممية في سوريا، ومحاولة لرفع القيود التي يفرضها قانون قيصر على نظام الأسد من البوابة الإنسانية هذه المرة.

أصبح احتمال استخدام روسيا حق النقض الفيتو أمام أي مشروع لتمديد آلية إدخال المساعدات الإنسانية الأممية عبر معبر باب الهوى كبيراً، حتى المؤسسات الدولية تعلم ذلك جيداً ويبدو أنها أيقنت ذلك وقبلت ضمنياً به وتتماهى معه، فلم يشهد ملف المساعدات الإنسانية هذا العام الزخم الإعلامي والسياسي الذي شهده خلال العام السابق للحيلولة دون إغلاق المعبر.

ويرى أحد المطلعين على ملف المساعدات عبر الحدود أن هيئة تحرير الشام عندما وافقت على تأمين شحنات المساعدات الإنسانية الأممية التي دخلت من مناطق النظام إلى الشمال السوري عبر آلية المساعدات عبر الخطوط مقابل كسب شرعية وموثوقية دولية؛ جاءت بخلاف ما كان يظنه المفاوضون مع روسيا، وهؤلاء توقعوا أن ترفض هيئة تحرير الشام دخول وتأمين القوافل، لكنها عندما فعلت عكس المتوقع لم يعد هنالك إمكانية أمام المفاوضين الأميركيين والأوروبيين لمواجهة موسكو التي ستعتبر أن دخول المساعدات عبر الخطوط ممكن ولم يتعرض لأي إشكالية.

لا جهود مسبقة للتعامل مع الفيتو الروسي المحتمل

أكد عدد من المختصين في العمل الإنساني لموقع تلفزيون سوريا أنه في السابق كانت هناك العديد من الحلول يمكن العمل عليها في حال أغلقت روسيا معبر باب الهوى بوجه المساعدات الإنسانية الأممية أبرزها:

  • عودة المنظمات الإنسانية العاملة في المنطقة إلى ما قبل قرار 2165/2014 من خلال العمل بشكل خارج نطاق آلية التفويض.
  • تحويل التمويل الخاص بوكالات الأمم المتحدة، إلى منظمات دولية غير حكومية، تقوم بتوزيع الدعم المقدم إلى الجهات المحلية (منظمات المجتمع المدني، جمعيات،... إلخ).
  • بإمكان أي دولة عضو في مجلس الأمن الدولي، الدعوة إلى اجتماع استثنائي للجمعية العامة للأمم المتحدة والتصويت على القرار الدولي لإدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود، وذلك خارج نطاق مجلس الأمن وبذلك يتم ضمان عدم استخدام حق النقض "الفيتو".
  • إنشاء صندوق للتمويل الإنساني خاص بسوريا، بدلاً من صندوق التمويل الإنساني الخاص بالأمم المتحدة، وإنشاء كتل تنسيق رئيسية موزعة على مناطق سوريا الخارجة عن سيطرة النظام السوري.
  • إنشاء تحالف من المنظمات الإنسانية الدولية غير الأممية يعمل على إيصال المساعدات عبر الحدود دون مظلة أممية.

لا خطة بديلة لدى الأوتشا

وأكد مصدر خاص لموقع تلفزيون سوريا أن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "الأوتشا" لم يعد خطة لتسيير الأعمال الإنسانية في الفترة الانتقالية في حال عدم تجديد قرار عبور المساعدات الإنسانية عبر الحدود لضمان استمرار وصول المساعدات الإنسانية لمنطقة شمال غربي سوريا.

وبحسب المصدر فإن الأوتشا اجتمعت برؤساء مكاتب وكالات الأمم المتحدة في مدينة غازي عنتاب التركية خلال الشهر الماضي، وأبلغتهم بعدم وجود فترة انتقالية لتنسيق وصول المساعدات الإنسانية وبالتالي فإن عمل البعثة الأممية ومكاتبها في غازي عنتاب ستتوقف فور صدور القرار بعدم التجديد لعبور المساعدات الإنسانية عبر الحدود، وبالتالي تعليق كل العقود و المنح مع المنظمات الإنسانية غير الحكومية المنفذة للمشاريع المتعاقدة مع الأمم المتحدة، وانتقال عمل تلك الوكالات للعمل في دمشق.

قرار الأوتشا المفاجئ قبل شهر من التصويت على القرار في مجلس الأمن لم يُعلَن، وبقي ضمن الغرف المغلقة بينها وبين شركائها، وشكل صدمة للمنظمات المحلية الشريكة لوكالات الأمم المتحدة.

الإيقاف المفاجئ للمشاريع سيهدد الاحتياجات الإنسانية العاجلة للنازحين والمجتمعات المضيفة، ويخلق كارثة إنسانية وفوضى على مستوى تقديم الخدمة في جميع القطاعات، فالأوتشا هي المسؤولة عن تقسيم الاحتياجات وتقديم الخدمات إلى قطاعات وكلاسترات يبلغ عددها 13 كلاستر (تجمع)، تنسق وتنظم عمل المنظمات الإنسانية لضمال وصول المساعدات الإنسانية لجميع مستحقيها في مختلف المجالات.

وقال مارك كاتس نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية، في مقال على موقع "the new humanitarian": في العام الماضي إن ما معدله 800 شاحنة تابعة للأمم المتحدة - تحمل الأغذية والأدوية والمأوى وغيرها من المساعدات المنقذة للحياة - عبرت كل شهر من تركيا إلى شمال غربي سوريا.

كاتس الذي يعمل منذ ثلاثة عقود في مناطق الصراع، بما في ذلك أفغانستان والبوسنة وإثيوبيا والعراق وميانمار والصومال والسودان والضفة الغربية وغزة، والذي يشرف حالياً على عملية المساعدات عبر الحدود؛ وصف الوضع في شمال غربي سوريا بأنه "من أكثر الحالات الإنسانية اليائسة التي رأيتها على الإطلاق".

فريق منسقو استجابة سوريا المعني بالشأن الإنساني أحصى المساعدات الواردة عبر الحدود، وتصنف بحسب عدد الشاحنات الواردة على الشكل التالي:

المساعدات الغذائية: 11.464 شاحنة (73%)

المساعدات الخاصة بالمخيمات:  1884 (12%)

المساعدات الخاصة بمواد النظافة: 787 (5%)

المساعدات الخاصة بباقي المشاريع: 628 (4%)

المساعدات الخاصة بمشاريع المياه والإصحاح: 551 (3.5%)

المساعدات الطبية:  393 شاحنة (2.5%)

محمد حلاج مدير الفريق أكد وحذّر من أن جميع هذه المساعدات ستتوقف بشكل آني فور إغلاق المعبر.

وحذر فريق منسقو استجابة سوريا من مغبة إغلاق مكاتب للأمم المتحدة في تركيا ونقلها إلى مكان آخر، وطالب بإخراج الملف الإنساني السوري من مظلة مجلس الأمن وتحويله إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة للتخلص من الابتزاز الروسي

 

 

صندوق التمويل الإنساني الخاص بسوريا هو الآخر يضخ سنوياً قرابة 300 مليون دولار في قطاعات الأمن الغذائي والحماية والصحة والمياه والتعليم وغيرها، وهذا الصندوق سيتوقف بشكل نهائي فور صدور قرار عدم تجديد التفويض لعبور المساعدات عبر الحدود، وسيحدث كارثة إنسانية كبيرة في مختلف القطاعات، فالصندوق كان يقدم التمويل المباشر للحالات الطارئة عند حدوث موجات نزوح مفاجأة أو كوارث إنسانية أخرى.

حالة الفوضى التي سيسببها الإغلاق المفاجئ لمكاتب الأوتشا في غازي عنتاب التركية يحتاج لأكثر من عام من العمل والجهد حتى يتم تنظيم العمل والقطاعات وتقييم الاحتياجات في شمال غربي سوريا، وسيواجه صعوبات كبيرة في التواصل بين المنظمات العاملة في شمال غربي سوريا والمكتب الإقليمي للأوتشا في عمان، وقد تجبر بعض المنظمات الإنسانية على افتتاح مكاتب لها في دمشق ونقل أجزاء من نشاطها إلى مناطق نظام الأسد.

وختم كاتس مقاله بالقول: يعيش نحو 1.7 مليون شخص في مخيمات أو مواقع أخرى للنازحين في شمال غربي سوريا، حيث غالباً ما تكون الظروف مروعة. ارتفعت أسعار المواد الغذائية والضروريات الأخرى بشكل حاد، مما جعل الحياة أكثر صعوبة بالنسبة للفئات الأكثر ضعفاً. والوضع يزداد سوءاً. في الوقت الذي يحتاج فيه المزيد والمزيد من الناس إلى مساعدتنا في سوريا، تضطر الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية التي نعمل معها إلى خفض برامج المساعدات. وذلك لأن أسعار الغذاء العالمية آخذة في الارتفاع نتيجة للحرب في أوكرانيا والمانحون يواجهون أزمات جديدة".