تحولات المعادلة السورية.. إرهاصات انسحاب إيران وانهيار محور المقاومة

2024.10.08 | 05:57 دمشق

5666666666666
+A
حجم الخط
-A

شهدت المنطقة تحولات جذرية في السنوات الأخيرة، لاسيما في الصراع السوري الذي امتد إلى أكثر من عقد من الزمان.

يعتبر الدور الإيراني في سوريا إحدى الركائز الأساسية لبقاء النظام السوري، حيث دعمت طهران نظام الأسد منذ بداية الحرب عبر ميليشياتها، خاصة حزب الله اللبناني.

ومع تصاعد الأحداث، بدأت تظهر تغيرات قد تؤثر على مستقبل هذا الوجود، أبرزها مقتل حسن نصر الله، زعيم حزب الله، وشائعات التفاوض على انسحاب إيراني محتمل من سوريا.

مقتل حسن نصر الله.. نقطة تحول

يُعد حسن نصر الله من أبرز قادة المحور الإيراني في المنطقة، ويعد اغتياله بمنزلة ضربة قوية لإيران ونفوذها في سوريا ولبنان.

ويُعزى نجاح حزب الله في ترسيخ الوجود الإيراني في سوريا إلى الدور الذي لعبه نصر الله في تقديم الدعم العسكري واللوجستي للنظام السوري. وإذا فقدت إيران شخصية رئيسية مثل نصر الله، فمن المحتمل أن يتراجع تأثير حزب الله في سوريا، وقد يتبعه انسحاب تدريجي أو تقليص لدور الحزب في العمليات القتالية داخل البلاد.

يمكن اعتبار مقتل نصر الله فرصة ذهبية لإضعاف الوجود الإيراني في سوريا بشكل حاسم، فالحضور الإيراني في سوريا هو عامل رئيسي في استمرار الصراع وعرقلة أي حلول سياسية حقيقية. ومع غياب نصر الله، قد تجد إيران نفسها في موقف دفاعي غير مسبوق، مما يفتح الباب أمام إعادة النظر في استراتيجيتها في سوريا والمنطقة.

إن انسحاب إيران سيعني نهاية أحد العوامل الرئيسية التي دعمت النظام السوري منذ بداية الصراع.

شائعات الانسحاب الإيراني.. حقيقة أم تكتيك؟

تتناول الشائعات الأخيرة احتمالية انسحاب إيران من سوريا، إما تحت ضغط داخلي أو خارجي، أو كنتيجة لاتفاقات إقليمية أو دولية غير معلنة. هذا التطور يثير العديد من التساؤلات حول مستقبل سوريا وتأثيره على موازين القوى في المنطقة.

في حال كانت هذه الشائعات صحيحة، فإن انسحاب إيران سيعني نهاية أحد العوامل الرئيسية التي دعمت النظام السوري منذ بداية الصراع. ومن وجهة نظر المعارضة، فإن هذا الانسحاب يمثل انتصاراً معنوياً وسياسياً كبيراً. كما أن رحيل القوات الإيرانية والميليشيات المرتبطة بها سيفتح الباب أمام إمكانية تقوية المعارضة المسلحة أو السياسية، وسيشكل فرصة لإعادة بناء التحالفات الدولية والإقليمية من أجل دعم عملية انتقالية في سوريا.

إلا أن الانسحاب الإيراني قد يكون تكتيكاً مؤقتاً يهدف إلى تهدئة الضغوط الخارجية أو لإعادة ترتيب الأوراق على الساحة السورية. إيران قد تكون على استعداد للتراجع قليلاً في الوقت الراهن، لكنها بالتأكيد لن تتخلى عن مصالحها الاستراتيجية في سوريا بهذه السهولة. لذلك، قد تكون التحركات الإيرانية جزءاً من خطة إيرانية أوسع نطاقاً للحفاظ على النفوذ بطرق أخرى، مثل دعم الفصائل المسلحة المتحالفة معها أو استخدام الدبلوماسية الاقتصادية.

يعبر مقتل حسن نصر الله وأثره على دور حزب الله في سوريا وما يتم تداوله من شائعات التفاوض لانسحاب إيران من سوريا في وقت قريب بمنزلة فرص تاريخية يمكن استغلالها لإضعاف النظام السوري ونفوذه الإقليمي.

التأثيرات الإقليمية

لا يمكن فهم مستقبل الوجود الإيراني في سوريا بمعزل عن التوازنات الإقليمية. فمقتل نصر الله وشائعات الانسحاب الإيراني سيكون لهما تداعيات على مختلف الأطراف، بما في ذلك إسرائيل، تركيا، وروسيا، وكذلك الدول الخليجية.

وإن تقليص النفوذ الإيراني في سوريا سيصب في مصلحة القوى الإقليمية التي تعارض تمدد إيران.

تركيا، على سبيل المثال، قد تستغل هذه الفجوة لتوسيع نفوذها في شمالي سوريا، بينما قد تشعر إسرائيل بالارتياح إذا ما تراجعت التهديدات القادمة من الحدود السورية.

من الناحية الأخرى، قد يفتح ضعف الدور الإيراني المجال أمام روسيا لتعزيز قبضتها على سوريا، وهو ما قد يشكل تحدياً جديداً. لكن في الوقت نفسه، قد يكون هناك فرصة للتفاوض مع الدول الخليجية ودول الغرب لإعادة ترتيب الأوراق في سوريا بعد تراجع الدور الإيراني.

يعبر مقتل حسن نصر الله وأثره على دور حزب الله في سوريا وما يتم تداوله من شائعات التفاوض لانسحاب إيران من سوريا في وقت قريب بمنزلة فرص تاريخية يمكن استغلالها لإضعاف النظام السوري ونفوذه الإقليمي. إلا أن هذا يتطلب توخي الحذر والتخطيط الاستراتيجي لاستغلال هذه التحولات بما يخدم مصالح الشعب السوري ويحقق تقدماً في تحقيق العدالة والانتقال السياسي. فبينما يبدو أن إيران قد تتعرض لضغوط كبيرة، إلا أن تراجعها لن يكون بسهولة، وستظل تبحث عن طرق للحفاظ على مصالحها في المنطقة. ومن هنا، يتوجب التحلي بالصبر والتخطيط الدقيق لتحويل هذه التحولات إلى مكاسب ملموسة.