طالب مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، مجلس الأمن الدولي بـ "الوحدة من أجل سوريا وعدم نسيانها"، داعياً إلى "مساعدة السوريين على البدء في الخروج من الصراع المأساوي".
وفي إحاطة له أمام مجلس الأمن الدولي حول الشأن السياسي في سوريا، حذّر المبعوث الأممي من "مخاطر حدوث مزيد من التصعيد"، وحث المجلس على "الوحدة وإدراك الغاية لاحتواء تلك المخاطر، ودعم الأهداف الإنسانية، وتعزيز خطوات ملموسة على طريق التسوية".
واعتبر بيدرسن أن "مجموعة رهيبة من التحديات تواجه الشعب السوري"، مشيراً إلى أن السوريين أطلعوا فريقه بشكل مستفيض حول المستجدات السياسية والوضع الاجتماعي والاقتصادي والقضايا الإنسانية وقضايا الحماية، وحقوق المرأة، وإشراك الشباب في العملية السياسية، والحكم المحلي، ومبادرات التماسك الاجتماعي.
وشدد مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص إلى سوريا على أن "ما وحد كل هذه الأصوات هو الحاجة إلى رؤية تحرك عاجل لتنفيذ حل سياسي شامل يتماشى مع القرار 2254".
تمديد تفويض المساعدات "واجب أخلاقي"
وعن تمديد تفويض الأمم المتحدة لدخول المساعدات الإنسانية عبر الحدود، قال بيدرسن إن "المحاور الثلاثة للقرار 2585، المساعدات عبر الخطوط وعبر الحدود والتعافي المبكر، ضرورية جميعها حتى يتسنى تقديم المساعدة الإنسانية المنقذة للحياة والمبقية على الحياة إلى جميع أنحاء سوريا خلال العام الماضي".
وأضاف بيدرسن أنه "كما ذكر الأمين العام، فإن هذا واجب أخلاقي"، موضحاً أنه "في وقت الاضطرابات العالمية، فإن وحدة المجلس بشأن القضايا الإنسانية في سوريا تشير أيضاً إلى أن أصحاب المصلحة الرئيسيين في هذا الصراع يمكنهم النأي بالجوانب الرئيسية للقضية السورية عن خلافاتهم القائمة في أماكن أخرى من العالم، والتعاون معاً".
وأشار إلى أن ذلك "يمكن أن يشكل نواة للدبلوماسية البنّاءة بشأن سوريا التي طالما دعوت إليها، وسيكون ذلك ضرورياً جداً إذا أردنا المضي قدما على طريق تنفيذ ولايتي في تطبيق قرار مجلس الأمن 2254"، مشدداً على أن "التسوية السياسية للنزاع هي الطريقة المستدامة الوحيدة لإنهاء معاناة الشعب السوري".
وقف العنف والتركيز على العملية السياسية
وعن التصعيد العسكري في سوريا، قال بيدرسن إنه "لكي يتسنى التركيز على المسار السياسي للمضي قدماً، فمن الضروري احتواء التوترات ومخاطر التصعيد العسكري"، مشيراً إلى أنه "نحن نشهد عنفاً مستمراً ومتزايداً في عدد من بؤر التوتر".
وأوضح المبعوث الأممي أنه "كما أكد المتحدث باسم الأمين العام، فإن سوريا ليست بحاجة إلى مزيد من العمليات العسكرية، بل إلى حل سياسي ومزيد من المساعدات الإنسانية".
وشدد بيدرسن على أن "استهداف المدنيين والبنى التحتية محظور تماماً بموجب القانون الدولي الإنساني"، مضيفاً أنه "أذكركم بالموقف الثابت للأمم المتحدة بشأن احترام سيادة سوريا، ووحدتها وسلامة أراضيها واستقلالها".
وحذر من "خطر أن تؤدي أي خطوة غير محسوبة في أي من نقاط التوتر إلى صراع أوسع في وضع متقلب"، موضحاً أنه "كما رأينا مراراً وتكراراً، يمكن أن يتصاعد الصراع بسرعة في سوريا، وإذا حدث ذلك، فمن المؤكد أنه سيتبع نزوحاً جماعياً للمدنيين ومعاناة، مع احتمال حدوث عدم استقرار إقليمي أوسع".
وجدد المبعوث الأممي الدعوة لـ "وقف إطلاق النار في عموم البلاد، واتباع نهج تعاوني لمواجهة الجماعات الإرهابية المدرجة، والتركيز على دعم العملية السياسية".
"خطوة مقابل خطوة"
وفيما يتعلق بالوضع الاقتصادي في سوريا، قال بيدرسن "دعونا لا ننسى الأزمة الاقتصادية الحادة في سوريا، الناتجة عن أكثر من عقد من الحرب والصراع، والفساد وسوء الإدارة، والأزمة المالية اللبنانية، وفيروس كورونا والعقوبات، والآن الحرب في أوكرانيا".
وأضاف المبعوث الأممي أنه "في ضوء هذه الوقائع، اقترحت منذ فترة طويلة بأن نعمل خطوة مقابل خطوة، على سلسلة من إجراءات بناء الثقة، للتعامل مع العديد من الشواغل الأكثر إلحاحاً لدى السوريين، والتقدم نحو بيئة آمنة وهادئة ومحايدة وتنفيذ القرار 2254".
تهيئة ظروف عودة اللاجئين
وعن عودة اللاجئين السوريين، أشار بيدرسن إلى أن "تهيئة الظروف للعودة الآمنة والطوعية والكريمة للاجئين هي عنصر أساسي من عناصر القرار 2254".
وأضاف أن "العودة تتطلب مجموعة واسعة من الإجراءات لتهيئة هذه الظروف، ومعالجة العقبات العديدة التي تعترض عمليات العودة، من حيث الحالة الأمنية، وسبل العيش، وتوافر الخدمات الأساسية، والمسكن، والخدمة العسكرية، والحماية".
قضية المعتقلين هائلة الحجم
وفيما يتعلق بالمعتقلين السوريين، قال بيدرسن إنه "لطالما دعوت الأطراف إلى اتخاذ إجراءات أحادية الجانب على نطاق واسع بشأن القضايا المأساوية للمعتقلين والمختطفين والمفقودين، بما في ذلك في إطار بناء الثقة والمضي في مقاربة خطوة مقابل خطوة".
وأوضح المبعوث الأممي أن "قضية المعتقلين هائلة الحجم، وهي أحد الأركان الأساسية والمستمرة لمعاناة الشعب السوري"، مشيراً إلى أنه "نحن بحاجة للقيام بما هو أكثر من الإفراجات التي تتم على أساس 1 مقابل 1، التي نتجت عن مجموعة العمل الخاصة بالمعتقلين في إطار عملية أستانا".
ولفت بيدرسن إلى أنه "نواصل التأكيد على ما يحمله مرسوم العفو الذي أصدره بشار الأسد، وعلى أهمية تطبيقه بشكل شامل لتحقيق هذه الإمكانيات"، مؤكداً على أنه "لا يجب تفويت هذه الفرصة".
وأعرب عن "الأمل بأن نرى المزيد من الخطوات والمخاطبات الرسمية مع الحكومة السورية حول هذه المسألة ومسائل أخرى في مجالات إجراء بناء الثقة".
تواصل اجتماعات اللجنة الدستورية
وعن اجتماعات اللجنة الدستورية السورية، أكد بيدرسن أن "عقد اجتماعات اللجنة الدستورية بقيادة وملكية سورية متواصل"، مشيراً إلى أن "هذه الاجتماعات ستسهم، إذا ما تم انتهاجها بالطريقة الصحيحة، في تسوية سياسية لتنفيذ القرار 2254".
وأضاف المبعوث الأممي أنه "قدمتُ لكم إيجازاً آخر مرة خلال الجولة الثامنة للهيئة المصغرة التي اختتمت أعمالها في 3 من حزيران الماضي، التي اتفق فيها الرئيسان المشاركان على أن تنعقد الجولة التاسعة في جنيف في 25 من تموز الجاري".
وأعرب بيدرسن عن "تقديره لأعضاء اللجنة لأسلوب الحوار داخل القاعة وطبيعته الموضوعية"، لافتاً إلى أنه "كنت صريحاً معهم أيضاً حول التحديات الحقيقية التي تواجه عمل اللجنة، وتتعلق ببطء وتيرة العمل، وعدم قدرة الأعضاء على تحديد أوجه اتفاق أولية، حتى عندما كان يبدو التوافق ممكناً داخل القاعة".
وختم المبعوث الأممي إحاطته بالقول إنه "حذّرت من مخاطر حدوث المزيد من التصعيد، وأحثكم جميعاً على الاتحاد ووحدة الهدف لتحجيم تلك المخاطر، ودعم الأهداف الإنسانية وتعزيز خطوات ملموسة على طريق تحقيق التسوية"، مؤكداً على أن "رسالتي بسيطة: لا تنسوا سوريا. اتحدوا حول سوريا. ساعدوا السوريين على البدء في الخروج من هذا الصراع المأساوي".