يعيش نحو مليون ونصف مليون سوري في مصر حالة من الترقب والقلق، بعد الانخفاض التاريخي لقيمة الجنيه أمام الدولار الأميركي والذي وصل إلى 50 جنيها في البنوك المصرية بعد رفع سعر الفائدة في البلاد.
كما تزداد الأعباء الاقتصادية على السوريين، أسوة بالمصريين، في ظل الارتفاع المستمر بالأسعار منذ بداية العام الجاري، وجاء ذلك بعد ثبات سعر الجنيه في البنوك وارتفاعه في السوق السوداء ليصل إلى 70 جنيها نهاية كانون الثاني/ يناير الماضي.
وكان الفارق الكبير بين سعر البنك والسوق السوداء قد أدى إلى احتكار التجار السوريين المواد الموجودة لديهم، ورفع أسعار بعضها بسبب عدم القدرة على الاستيراد، مما زاد من صعوبة الظروف الاقتصادية على السوريين بالتزامن مع تجهيزات رمضان.
انخفاض قيمة الجنيه
تراجع سعر الجنيه المصري أمام الدولار يوم الأربعاء الماضي ليصل إلى 50 جنيها بعد أن كان نحو 31 جنيها بعد قرار البنك المركزي المصري رفع أسعار الفائدة.
أعلن المركزي، في بيان رسمي صباح الأربعاء، أن لجنة السياسة النقدية قررت رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك بواقع 600 نقطة أساس إلى 27.25 بالمئة، 28.25 بالمئة و27.75 بالمئة، على الترتيب.
كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 600 نقطة أساس ليصل إلى 27.75 بالمئة.
وقالت لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي المصري إنها قررت تسريع عملية التشديد النقدي، من أجل تسريع مسار تراجع التضخم وضمان انخفاض التضخم الأساسي.
وقال بيان البنك المركزي، إن القضاء على السوق الموازية للصرف الأجنبي سيؤدي إلى خفض التوقعات التضخمية وكبح جماح التضخم، في مصر.
وأشار البنك إلى توفير التمويل اللازم لدعم سيولة النقد الأجنبي لتنفيذ إجراءات برنامج الإصلاح.
وأكد البنك عقب اجتماع الأربعاء، الالتزام بمواصلة جهود التحول نحو إطار مرن لاستهداف التضخم كمرتكز أسمى للسياسة النقدية، مع السماح لسعر الصرف أن يتحدد وفقاً لآليات السوق.
اختلاف آراء السوريين حول القرار.
اختلفت وجهات نظر السوريين المقيمين في مصر حول القرار بين القلق والراحة، حيث شعر بعضهم بالقلق من جراء ما يحصل وما تحمله الأيام المقبلة من تغييرات سواء القلق من ارتفاع الأسعار، أو الخوف من عدم القدرة على تأمين متطلبات الحياة.
بينما يرى البعض الآخر أن ثبات العملة سيؤدي إلى رؤية أوضح للأيام القادمة، وحالة من الاستقرار.
تتزامن هذه الخطوة المالية مع اقتراب حلول شهر رمضان مبارك، الذي ينفق فيه السكان في البلدان المسلمة أكثر من غيره من الشهور.
سلام قنطار (44 عاما)، سورية تقيم في القاهرة، تقول أشعر بالقلق من زيادة الأسعار في الأيام القادمة، حيث إننا بالكاد نستطيع الآن تأمين قوت يومنا، الزيادة شبه يومية ولا يوجد ثبات لغاية الآن.
ووفقاً لسلام، فإن سعر كيلو الأرز وصل إلى 36 جنيها، بينما وصل كيلو الدجاج إلى 250 جنيها، وكيلو اللحم إلى 450 جنيها.
كما تضاعفت أسعار المواد التي يستهلكها السوريون بشكل خاص ولا يستطيعون الاستغناء عنها مثل زيت الزيتون الذي وصل سعر اللتر منه إلى 500 جنيه، بينما وصل سعر الزجاجة الصغيرة من دبس الرمان إلى 180 جنيها.
بدوره محمود عبد الهادي (50 عاما) سوري وأب لديه 3 أولاد يقول، أعمل محاسباً في أحد المطاعم، كما يعمل اثنان من أولادي أيضا في المطاعم، وبالكاد نستطيع توفير متطلبات الحياة.
يضيف محمود، في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا"، نحاول التوفير من خلال الاستغناء عن الكثير من المواد الأولية التي نستخدمها في الأكل والشرب، بالإضافة للملبس.
أما سالم الأحمد (39 عاما)، سوري يقيم في منطقة "ستة أكتوبر" بالقاهرة، يقول إن الأوضاع مهما كانت صعبة، إلا أننا على الأقل نعيش بأمان، ونستطيع العمل براحة وكرامة، ويرى سالم أن الأيام القادمة ستكون أفضل، حيث سيمتنع التجار عن احتكار المواد ويمتثلون لأسعار السوق بعد توحيد سعر الصرف.
ضعف المساعدات المادية المقدمة
تزامنت زيادة الأسعار، مع ضعف المساعدة المالية المقدمة من المفوضية، حيث قلصت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين من عدد اللاجئين الذين تشملهم المساعدات، مما زاد من أعباء السوريين.
ريم سباعي، سورية مقيمة في حي المعادي وأم معيلة لطفلين في المدارس تقول، كنت أحصل على مساعدات غذائية على شكل "كرت غذائي"، ولكن قطعوا عني المساعدات بحجة نقص التمويل.
وزدات الأعباء على ريم، التي تعمل مترجمة في أحد مراكز الترجمة، حيث راتبها بالكاد يكفي لدفع إيجار المنزل ومصاريف مدارس الأطفال، وتقتصد في المصروف لمحاولة تدبير أمورها لباقي الشهر.
ولا يحصل السوريون على مواد مدعومة مثل المصريين (التموين) مما يجعل تكاليف معيشتهم أعلى على الرغم من ثبات الأجور في القطاع الخاص.
بدوره حسن قلعي، سوري مقيم في حي العبور، يقول لموقع"تلفزيون سوريا" أعيش مع زوجتي وأطفالي ووالدي ووالدتي، وكانت المفوضية تقدم لنا ثمن العلاج، وراتبا شهريا، ولكن منذ فترة، قطعت المفوضية عن والدي ووالدتي ثمن العلاج الذي قد يصل إلى أكثر من 2000 جنيه، مما زاد من أعبائي.
وعلى الرغم من أن السوري يعامل كالمصري في العلاج والتعليم، إلا أنه لا يحصل على تأمين صحي في حالة التعب، وبما أن أعمال السوريين كلها في القطاع الخاص، لايمكنهم أيضا الحصول على رواتب تقاعدية.