أشار عدة مسؤولين في حكومة النظام، إلى إمكانية تطبيق مبدأ اللامركزية في الإدارة، بالتزامن مع مشاركتهم في انتخابات الإدارة المحلية، التي يشكك الكثير من السوريين بنزاهتها، في حين يصفها رئيس وزراء النظام حسين عرنوس بـ"العرس الانتخابي".
واعتبر حسين عرنوس، أن هذه الانتخابات مرحلة لنقل "العديد من الصلاحيات المركزية إلى الإدارة المحلية وبالتالي الحكومة ذاهبة إلى اللامركزية الإدارية"، بحسب لقاء مع قناة "الإخبارية السورية" المقربة من النظام السوري، أمس الأحد.
وفي نفس اليوم، وبلقاء مع نفس القناة، أشار وزير الإدارة المحلية والبيئة حسين مخلوف، إلى أن الخطة الوطنية للامركزية الإدارية قيد الإعداد، وستشهد المرحلة المقبلة من دورة المجالس المحلية الجديدة انتقال اختصاصات من قطاعات عديدة إلى مجالس الإدارة المحلية.
النظام متجه نحو اللامركزية.. لكن "الرئيس" وراء كل شيء
في سياق أوسع قليلاً، تتزامن هذه التصريحات مع تقارب بين النظام السوري و"الإدارة الذاتية"، وتداول أنباء عن لقاءات سياسية بين الطرفين منذ تموز الماضي، بسبب إعلان تركيا نيتها تنفيذ عملية عسكرية في منطقتي تل رفعت ومنبج الخاضعتين لسيطرة "الإدارة الذاتية".
ورغم نفي "الإدارة الذاتية" لهذه الأنباء، إلا أن تصريحات النظام السوري الأخيرة تبدو مثل رسائل مغازلة لـ"الإدارة الذاتية"، التي تتبنى فكرة اللامركزية، وهذا الطرح تحديداً لطالما كان مسألة خلافية بين الطرفين.
ويمكن ملاحظة التناقض بين تصريحات النظام عن توجهه إلى اللامركزية وأفعاله على أرض الواقع، من داخل مراكز الاقتراع نفسها، إذ غالباً ما انتهت تصريحات المسؤولين بالإشارة إلى أن كل ما نراه يجري بتوجيهات وإصرار من "السيد رئيس الجمهورية".
اللامركزية على الورق.. وفي الواقع قبضة من حديد
كما أن فكرة اللامركزية ليست جديدة في طرح النظام نفسه، فهي موجودة على الورق منذ عام 2015، حين أصدر بشار الأسد مرسوماً تشريعياً كقانون للإدارة المحلية، يهدف إلى تطبيق "لامركزية السلطات والمسؤوليات وتركيزها في أيدي فئات الشعب".
بل إن وزير الإدارة المحلية والبيئة، أشار إلى وجود قانون أقدم منذ عام 1971 (القانون رقم 15)، يتعلق بتطبيق اللامركزية، يقضي بنقل جزء من اختصاصات المركز إلى المحليات، بحسب تعبير الوزير.
لا تقتصر تناقضات النظام على التصريحات فقط، فإذا أخذنا وزارة الصحة كمثال عملي على أرض الواقع، سنجد أنها تصر على إخضاع المستشفيات العامة في مناطق سيطرة النظام لـ"سياسة الاستجرار المركزي"، والتي تسمح لها بالانفراد بتوفير جميع احتياجات المشافي في القطاع الصحي من خلال مناقصات مركزية، وهو ما يسبب بفقدان معظم المستلزمات الأساسية من المشافي، مثل المعقمات والمشارط ومواد التخدير وحتى الكفوف الطبية وغيرها، بسبب اضطرار هذه المشافي لانتظار المناقصة المركزية.