قال رئيس النظام السوري بشار الأسد إن "حزب البعث العربي الاشتراكي" يسير باتجاه مرحلة انتقالية في تاريخه "وقد تكون مرحلة مفصلية".
جاء ذلك في كلمة ألقاها رئيس النظام خلال ترؤّسه دورة اجتماعات اللجنة المركزية للحزب، أمس السبت، عُقدت لمناقشة جدول أعمال المقترح بشأن انتخابات ممثلي الحزب أعضاء لجنة مركزية جديدة، وبدورها ستنتخب قيادة مركزية جديدة أيضا لـ"حزب البعث".
وبحسب وكالة أنباء النظام السوري "سانا"، طرح بشار الأسد -خلاله كلمته- أسئلة للحوار أمام أعضاء اللجنة المركزية حول "أهمية السير في طريق الانتخابات، وسلبيات التجربة الماضية، وكيفية تكريس إيجابية الانتخابات، وما هي المعايير والآليات الأفضل؟".
وقال: "كنا نلتقي بشباب عندهم رد فعل من الحزب ويقولون أنا أبي بعثي لكنني لن أنتسب وأنه كان من المفترض أن تتبدل فروع الحزب ولا يجب أن يكون أعضاء الفروع أصلاء، ولذلك كان هنالك طروحات متناقضة وبالتالي ماذا كانت تريد الأغلبية؟"
وأضاف: "نحن نسير باتجاه مرحلة انتقالية في تاريخ الحزب، وقد تكون مرحلة مفصلية. نحن نفترض أن الواقع يشابه ما يحصل في الأزمات الكبيرة فيتم تعطيل الدستور وتعيين حكومة مؤقتة لحين إيجاد دستور، وهي مراحل مرت فيها سوريا سابقا".
وتابع: "انطلاقاً من الواقع نحن في مرحلة انتقالية معطلين فيها كل أنظمة الحزب ريثما نصل إلى مؤتمر مع نظام جديد ومنظومة متكاملة قوية، وعلى الأقل في الإجراءات يجب تقديم شيء جديد... كان هناك رغبة شديدة أن يكون هناك تبديل وهناك رغبة عارمة في بعض الأماكن بسبب اختلافات بين القواعد والفرع، ولكن تدفع ثمنه كل الفروع، وأحيانا نضطر للتعامل مع ذلك مثلما فعلنا في المصالحات، هي غير قانونية لكن اضطررنا عليها".
وتضمّنت طروحاته، تساؤلات "حول تحديد الهدف بين اختيار الأفضل أو التمثيل الأوسع للحزبيين، وعن الحاجة للجنة حزبية مستقلة للإشراف على الانتخابات وكيفية تحصين الانتخابات من التدخلات، وهل ثمة مال سياسي يدخل على خط انتخابات الحزب أم أنّ المشكلة في نطاق المحسوبيات؟".
"البعث أقدم الأحزاب المستمرة في الوطن العربي"!
وزعم رئيس النظام أن "هذا الاجتماع مهم جداً بما سيصدر عنه بعد إقرار المقترحات المقدمة إليه من تغيير وتجديد في منظومة العمل ليس الحزبي وحده، بل لاحقاً في المجتمع والدولة، لافتاً إلى أن الانتخابات قد تكون خطوة ليست كبيرة في هذا المسار، لكنها ضرورية ومهمة لحزب من أقدم الأحزاب المستمرة حتى اليوم في الوطن العربي".
وأضاف أن الانتخابات "ستعبر عن أشكال العلاقة بين البعثيين أنفسهم من جهة، وبينهم وبين المجتمع من جهة ثانية، فما تفرزه من إيجابيات سيكون مفيداً، وما تفرزه من سلبيات لن نخشاه بل سيكون مفيداً أيضاً لما فيه من تنبيه، ولما في الحزب من قدرة على معالجة الأخطاء وتجاوزها"، بحسب تعبيره.
وأكّد على ما وصفه بـ"توسيع المشاركة في انتخابات القيادات لأنها ترفع من مستوى القواعد وتحمّلها مسؤولية الانتخاب ونتائجه أيضاً وتضعها أمام تحدٍ يجب أن تقبله وتنهض بتبعاته، وتجاوز مشكلات التدخلات والتكتلات السلبية المطروحة سابقاً، بما يرفع مستوى الوعي والأداء والالتزام".
وأشار إلى تشكيل لجنة من غير المرشحين "تشرف على هذه الانتخابات بهدف حماية القواعد من تدخل القيادات، وحماية القيادات من الاتهام بالتدخل، إذ إن هذه اللجنة لا تصدر عن قلّة الثقة بالقيادات المتسلسلة وإنما لتعزيز نزاهة الانتخابات وصولاً إلى هدف وطني كبير ينطلق من الالتزام والوعي والتربية بما يمكّن العمل الحزبي ومؤسساته لاحقاً من تقديم أوراق عمل وحوارات وأفكار تخدم الدولة والمجتمع والحزب"، على حد زعمه.
"المحسوبيات" و"المال السياسي"
عن المحسوبيات، قال بشار الأسد إنّها "علاقة قوية بين أفراد المجتمع على مستوى متنوّع، وهي تعبير عن حالة صحية وجميلة وإيجابية، لكن عند إدخال هذه العلاقات في المؤسسات، يمكن أن تتحوّل إلى حالة سلبية وذلك بفعل الأنظمة الداخلية".
وأشار إلى إلى "أهمية وضع إجراءات ومعايير دقيقة هادفة ومدروسة لـ تحويل الحالة السلبية داخل المؤسسات إلى حالة إيجابية من خلال الفرز بين الجانب الاجتماعي والجانب المؤسسي"، مشيراً أيضاً إلى "أهمية التطور المستمر والتعلّم من الأخطاء".
أمّا عن المال السياسي فقد اعتبره "عنوان ضخم وكبير، مثل اللوبيات اليهودية في أميركا التي تدفع المال من أجل مصلحة إسرائيل والصهيونية، وهو مقونن في أميركا"، مردفاً: "ما يحصل في حزب البعث ليس مالاً سياسياً، كأن يدفع الشخص أموالاً من أجل مجيء شخص".
وأوضح: "المال السياسي يكون من أجل هدف سياسي كبير، لذلك لا داعي لتضخيمه، هو محسوبيات تؤدّي ربما إلى فساد، أو هو فساد فقط ولا علاقة له بالمحسوبيات، يعني أموال مقابل مصالح شخصية".
وأكّد أنّ "اللجنة المركزية لا تستطيع أن تمنع هذا الموضوع وهذا المال مال الفساد يمكن أن يوجد في كثير من الانتخابات في العالم، ضبطه بحاجة إلى آليات أُخرى"، مردفاً: "لا يمكن أن نعرف مَن الذي دفع أموال في مكان ما بطريقة ما أو قدّم هدايا من أجل نتيجة محدّدة، خاصة أن من سينتخب سيُنتخب بالاقتراع السري، لا أحد يعرف من صوت لمن صوت ولماذا صوت، في كل العالم هذا الكلام قد يكون غير ممكن".
- اقرأ أيضاً.. الديكتاتورية والفساد في سوريا.. مَن صَنَع مَن؟
وأضاف أنّ "الحديث عن المال السياسي والمحسوبيات فيه نوع من الرومانسية والمثالية التي تخرج عن المنطق في أغلب دول العالم، عندما يكون هناك مال واضح ومعروف لماذا، يمكن أن نتحدث في هذا الموضوع، اليوم ما يمنع تدخل المال في الانتخابات هو التربية، وما يمنع المحسوبيات هو الوعي الوطني، لا شيء أكثر من ذلك"، وفقاً لتعبيره.
-
اجتماعات "اللجنة المركزية لـ حزب البعث"
يشار إلى أن الاجتماع الذي أُعلن عنه، الأسبوع الفائت، انعقد بهدف مناقشة جدول أعمال المقترح المقدم حول التحضير لإجراء الانتخابات الخاصة لاختيار ممثلي "حزب البعث"، إلى اجتماع اللجنة المركزية الموسّع المقبل.
وخلال الاجتماع الموسّع المقبل "سيُنتخب أعضاء لجنة مركزية جديدة، والتي بدورها ستنتخب قيادة مركزية جديدة لحزب البعث"، حيث من المتوقّع أن "تشهد المرحلة المقبلة تغيّراً كبيراً في ملامح القيادة الحزبية الحالية".