ملخص:
- انخفاض كبير في الإقبال الداخلي على السياحة في سوريا
- ارتفاع الأسعار وانخفاض قيمة الليرة دفعت السوريين إلى إلغاء فكرة السياحة في البحر.
تشهد مراكز الاصطياف والترفيه الساحلية في سوريا انخفاضاً كبيراً في الإقبال الداخلي على السياحة خلال الموسم الحالي، نتيجة غلاء الأسعار والأزمة الاقتصادية في البلاد.
ويقول عاملون على قطاع السياحة في مدينة اللاذقية إن "موسم السياحة مضروب هذه السنة".
وبحسب مؤجري شاليهات وسائقي التكسي و"سرافيس" وأصحاب مطاعم ومنتزهات بالمدينة، فإن الإقبال الداخلي على السياحة انخفض بنسبة 80 بالمئة في هذا الموسم، وفق تقديرهم.
ويعزوا العاملون ذلك إلى ارتفاع الأسعار "المرعب" في أماكن الاصطياف، إضافة إلى انتشار الدعايات "السلبية" حول الخدمات والأسعار ساهم في ضرب السياحة.
يقول فرحان، شاب سوري في الـ 27 من عمره متزوج حديثاً، إنه وزوجته قصدا شاليهات الشاطئ الأزرق، لكنهما صدما من ارتفاع أجرة الشاليه المخدم بالكهرباء 24 ساعة، والذي وصل إلى 700 ألف ليرة (نحو 60 دولاراً أميركياً) لقاء قضاء ليلة واحدة.
دعاية سلبية سببها الغلاء
يضيف الشاب السوري، كما أن أسعار المنتجات في منطقة "الشاطئ الأزرق" باتت "غير منطقية"، وهي ضعف الأسعار في العاصمة دمشق.
ويوضح فرحان، بضرب أمثلة ويقول، مثلاً قطعة البسكويت التي تباع بدمشق بـ 2000 ليرة تباع في الشاطئ الأزرق بـ 4000 آلاف، مشيراً إلى ضعف الرقابة وعدم وجود دوريات حماية مستهلك أو الجمارك.
بدوره، عامر، شب سوري آخر رفض الكشف عن اسمه الكامل أيضاً، لم يستطع إكمال إجازته التي قرر قضاءها، برفقة زوجته وطفلته عمرها 10 سنوات، في الساحل.
ويقول عامر، في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا"، قررت أن أمضي أسبوعا على الشاطئ الساحلي، ولكن لم أستطع إكمال ثلاثة أيام، بسبب غلاء الأسعار.
ويضيف عامر، أن المصروف اليومي يتراوح ما بين 500 إلى 600 ألف ليرة بين طعام وشراب وتنقلات ووسائل ترفيه بسيطة كركب قارب أو اللعب بالدراجات وأجرة كراسي ومظلة على الشاطئ.
ولا تشمل هذه المصروفات أجرة الشاليه اليومية والتي تبلغ أجرته 500 ألف ليرة، وفقاً لعامر، الذي يكلف يوم السياحة الواحد مليون ليرة بينما يتقاضى راتب مليوني ليرة في الشهر.
ويقول عامر، اضطررت إلى قطع الإجازة والعودة إلى دمشق لأن المبلغ الذي أدخرته طوال السنة لهذه الإجازة لم يكفِ إلا لثلاثة أيام.
عامر وفرحان، حذرا أقاربهم وأصدقاءهم من "التهور" والذهاب إلى اللاذقية من دون الأخذ بعين الاعتبار أن الإنفاق اليومي مع المنامة قد يتجاوز المليون ليرة تبعاً لعدد الأشخاص، مشيرين إلى أن الغالبية ممن حولهم لغوا الفكرة نهائياً واستبدلوا رحلة اللاذقية باستئجار مزرعة أو الذهاب للمسابح.
الطعام مكلف جداً
أحد أصحاب المطاعم، ممن التقاهم موقع "تلفزيون سوريا"، ومطعمه غير مصنف بنجمة قرب الشاطئ الأزرق، يقول إن الموسم هذا العام "مضروب" على حد تعبيره.
ويؤكد صاحب المطعم، أن الإقبال في الأعوام السابقة كان أعلى بنسبة 80 إلى 100%، ويعزو ذلك إلى ارتفاع الأسعار التي باتت ترهق كاهل ميسوري الحال وليس الفقراء فقط.
ويضيف، أن كلفة وجبة الغداء لأسرة مكونة من أربعة أشخاص تتراوح ما بين 200 إلى 250 ألف ليرة وقد يزداد السعر في حال كان الغداء سمكاً، هذا علاوة على الفطور والعشاء.
ولفت صاحب المطعم إلى أن هناك انخفاضا في الإقبال على شراء السمك لأن سعر الكيلوغرام الواحد من سمك "الأجاج" الأكثر شهرة وطلباً في المواسم السياحية وصل إلى 115 أو 120 ألف ليرة، علماً ان الكيلوغرام يكفي لشخص واحد.
وسائل الترفيه مكلفة
وخلال جولة في الأماكن الترفيهية في الساحل يُسمع صوت مؤجري الدراجات الهوائية والكهربائية وهم يستجدون الزبائن، فالإقبال بات شبه معدوم على حد تعبير بعضهم.
ويقول أحد أصحاب محال تأجير الدراجات الهوائية، إن الإقبال منخفض جداً لأن رواد المكان باتوا يقتصرون نشاطاتهم على السباحة فقط تجنباً لأي مصاريف أخرى، ويشير إلى أن أجرة "الدباب" تصل إلى 30 ألف ليرة كل ربع ساعة.
ويضيف مشيراً بيده إلى القطار الملون الذي يشتهر به الشاطئ "انظر كم شخص في القطار بالكاد يصل عددهم إلى 10، في العام الماضي، كانت الناس تنتظر طوابير لخوض تجربة القطار.
ويذهب صاحب الدراجات الهوائية إلى القول إنه لم يكن يتوقع أن تنخفض السياحة في هذا الموسم إلى هذا الحد.
على مسافة ليس بعيدة من الدراجات الهوائية يجلس أبو عدي على كرسي وأمامه طاولة تحت لافتة مكتوب عليها شاليهات للإيجار، وهو يحتسي مشروب "المتة" وينتظر الزبائن.
يقول أبو عدي، إن الناس تهرب من الأسعار، معظمهم لا يستطيع دفع 500 أو 700 ألف ليرة لقاء ليلة واحدة.
ويضيف يعرض الزبون دفع 150 أو 200 ألف ليرة، ولكن مستحيل أن يقبل أحد بهذه السعر في منطقة الشاطئ الأزرق، مشيراً إلى أن "أحلى" شاليه في رأس البسيط شمالي اللاذقية لا تتجاوز أجرته اليومية الـ 250 ألف ليرة.
الاستغناء عن السياحة
يقول أبو عدي، إن عدداً كبيراً من زبائنه القدامى ألغوا نشاط الاصطياف في اللاذقية هذا العام نهائياً بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية.
ويضيف، لقد اتصلت بزبائن دائمين لدي من أطباء ومهندسين ومحامين وتجار، والغريب أنهم أكدوا عدم قدرتهم على الاصطياف هذا العام نتيجة تدهور أوضاعهم الاقتصادية.
وينقل رد أحد زبائنه القدامى على اتصاله الذي قال، إنه سيشتري لوحي طاقة شمسية وسيسجل ابنته في مدرسة خاصة أفضل من إنفاق الملايين خلال أيام.
في محطة الحافلات (كراج البولمان) تسمع سائقي التكسي والسرافيس وهم يصيحون "على الشاطئ على الشاطئ"، وتتراوح التسعيرة ما بين 50 إلى 70 ألف ليرة للسرفيس وما بين 20 إلى 30 ألف ليرة لتكسي الأجرة.
يؤكد أحد سائقي السرافيس إنه لا ينقل من الكراج إلى الشاطئ حالياً سوى طلب أو طلبين في اليوم، بينما في العام السابق كان عدد الطلبات لا ينقص عن 10 طلبات يومياً.
ويشير إلى أن عمله عادةً يكون بالاتفاق مع الزبائن على التنقلات خلال إجازتهم، حيث يبقى معهم وينقلهم حيثما يريدون مقابل مبلغ يومي يتفق عليه تبعاً للمكان المقصود، لكن هذا العام "لم يتصل بي منذ بداية الموسم إلى اليوم سوى 3 زبائن".
يذكر أن السوريين يعانون من ظروف اقتصادية متدهورة ازدادت صعوبة خلال الشهر الماضي حيث وصل سعر صرف الدولار الأميركي الواحد إلى نحو ـ14 ألف ليرة سورية، انخفض هذا الأسبوع إلى أقل من 12 ألف ليرة.
انخفاض سعر الليرة صاحبه ارتفاع حاد بالأسعار وغلاء المعيشة، نتيجة التضخم، الذي انعكس على عادات السوريين في حياتهم وأسلوب إنفاقهم، ودفع ملايين منهم إلى حافة الفقر.