شهدت أسعار مواد التنظيف ارتفاعاً كبيراً في مناطق سيطرة النظام السوري، وباتت تشكّل عبئاً جديداً على العائلات السوريّة، إذ أخذت حيّزاً كبيراً من مجمل التكاليف المترتّبة على العائلات شهرياً.
وبحسب مقارنة أجرتها صحيفة "الوطن" المقرّبة من النظام، لأسعار مواد التنظيف ذات الجودة المتوسطة والصناعة الوطنية، تبيّن أن سعر سلة المنظّفات الشهرية التي تكفي لعائلة مكوّنة من 5 أشخاص وصل إلى 500 ألف ليرة سوريّة بعد أن كان بـ300 ألف ليرة، في شهر آب الفائت، أي زادت بنسبة تجاوزت 60%.
وفي تصريح للصحيفة، أعاد رئيس لجنة المنظفات في غرفة صناعة دمشق التابعة للنظام، محمود المفتي، أسباب ارتفاع أسعار المنظفات إلى عدة عوامل منها:
- ارتفاع سعر المازوت الصناعي من 5600 ليرة و11800 ليرة إلى 13100 ليرة.
- ارتفاع سعر طن الفيول إلى 8.5 ملايين ليرة.
- ارتفاع سعر الكهرباء من 550 ليرة إلى 750 ليرة للكيلو واط ساعي.
وهذا الارتفاع -وفق "المفتي"- أثّر في إنتاج المنظّفات وعبوات البلاستيك ونفقات العمل، مردفاً: "كما دخلت في السابق معظم المواد الأولية إلى منصة تمويل المستوردات، حيث تصل فترة التمويل إلى 90 يوماً أي إن دورة الإنتاج الشهرية ازدادت بموجب ذلك، إضافة إلى ارتفاع سعر الصرف من 7000 ليرة خلال فترة رمضان وعيد الفطر وصولاً إلى نحو 11000 ليرة اليوم".
وأشار إلى أنّ انخفاض القدرة الشرائية بسبب هذه الارتفاعات السعرية يؤدّي إلى انخفاض الإنتاج وزيادة الكلفة، معتبراً أن "سعر المنظفات اليوم أقل منها خلال فترة ما قبل الحرب، قياساً بسعر الصرف، ولكن انخفاض قيمة الليرة السورية يجعل الأسعار تبدو مرتفعة".
صناعيو المنظّفات "خاسرون"
يرى "المفتي" أنّ صناعيي المنظفات خاسرون اليوم، فإذا لم يشغّل الصناعي معمله على مدار الـ24 ساعة ويصدّر نسبة من إنتاجه يعتبر خاسراً.
وتابع: "لا يمكن اليوم تدوير عجلة الإنتاج بسرعة كبيرة، لأنّ ذلك يتطلب زيادة في القطع أجنبي وهذا الأمر غير متوفر، لذا يتم العمل ضمن الحدود المقبولة وبما لا يسبّب إرهاقاً للمصرف المركزي الذي طلب من الصناعيين العمل بالحدود المقبولة كي لا يزيد الطلب على القطع الأجنبي وتزيد الفجوة.
اقرأ أيضاً.. الهوة بين الأجور والأسعار تهدد حياة السوريين و"أعصابهم"
وأشار إلى انحسار تصدير المنظّفات إلى الدول الخارجية نتيجة ارتفاع التكاليف مقارنة مع الأسعار العالمية، فقد كانت الأسواق التصديرية كثيرة منها لبنان والعراق إضافة إلى دول مجلس التعاون الخليجي، التي اتجهت نحو الأسواق الأخرى القريبة منها، بسبب ارتفاع تكاليف النقل مقارنة مع دول الجوار، فمثلاً تبلغ كلفة "الشحنة" بوزن 25 طناً من الأردن إلى السعودية نحو 600 دولار، بينما تصل كلفة الشحنة ذاتها من سوريا إلى 5000 دولار، ما يشكّل عائقاً كبيراً أمام الصناعي السوري في عملية النقل.
وحول لجوء الكثير من المواطنين إلى شراء المنظفات المجهولة الماركة والمصدر بسبب انخفاض أسعارها، كشف "المفتي" أنّ اللجنة طالبت خلال الفترة السابقة بتعديل المواصفات القياسية بما يتوافق مع دول الجوار لإعطاء منتجات بجودة أفضل وكفاءة جيّدة وبسعر أقل.
كذلك طالبت اللجنة بتصنيف المنظفات لإرضاء جميع الشرائح ضمن مواصفات صحيحة، لضمان عدم اللجوء إلى الباعة والحرفيين الذين لا يعملون ضمن الرقابة، آملاً التجاوب مع هذه المطالب من "هيئة المواصفات والمقاييس".
ارتفاع الأسعار في سوريا
تشهد الأسواق السورية في مناطق سيطرة النظام انفلاتاً بين ساعة وأخرى، من جراء فوضى التسعير المتبعة من قبل التجّار الساعين إلى تحقيق أرباحٍ كبيرة من جيب المواطن، فضلاً عن تغاضي حكومة النظام عن مخالفات البيع بأسعار زائدة عن السعر المحدّد في نشرات التموين.
ويعاني الأهالي في مناطق سيطرة النظام السوري من ضعف في القدرة الشرائية، في ظل ندرة فرص العمل وانخفاض الرواتب، إذ لا يتجاوز الحد الأدنى للرواتب 92 ألف ليرة سورية (نحو 14 دولاراً أميركياً)، في حين بلغ متوسّط المعاشات 150 ألف ليرة.
يشار إلى أنّ رئيس النظام السوري بشار الأسد أصدر، منتصف شهر آب الفائت، مرسوماً جديداً يقضي بزيادة الرواتب وبنسبة 100%، لكنّه تزامن -كالعادة- مع ارتفاع كبير في أسعار المواد والسلع الأساسية والضرورية كالمازوت والبنزين والغاز والكهرباء والاتصالات، إضافةً إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمنظّفات.