وسط غلاء وارتفاع غير مسبوق في الأسعار، أقبل رمضان جديد على مئات آلاف النازحين والمهجرين في إدلب شمال غربي سوريا، بعيداً عن مدنهم وقراهم بعدما أجبروا على مغادرتها قسراً تحت وطأة هجمات قوات النظام وحليفتها روسيا وإيران.
حلّ شهر الصوم الـ14 على مئات آلاف المهجرين السوريين من جراء الحرب التي يشنها النظام منذ عام 2011، فمنهم من نزح داخل البلاد وآخرون لجؤوا إلى بلدان مجاورة وإلى أوروبا ودول أخرى.
خيمة باردة في الشتاء وحارة في الصيف
محمد فيصل ضرير وأب لخمسة أولاد، يقطن مع عائلته في خيمة بدائية بمخيم الأندلس في قرية زردنا شمالي إدلب، والتي نزح إليها من محافظة حلب المجاورة مرغماً بفعل هجمات قوات النظام الكثيفة.
وقال فيصل إن "الظروف المعيشية في المخيمات سيئة للغاية، ولا أستطيع تلبية احتياجات أطفالي كما أن المخيمات باردة جداً في الشتاء وحارّة جداً في الصيف".
وأضاف فيصل لوكالة الأناضول، أنه لا يستطيع إعداد وجبة الإفطار بسبب الفقر، مؤكداً أن "معظم الأشخاص الذين يعيشون في المخيم هم من النساء الوحيدات والأيتام والمعوقين، الجميع هنا يعاني كثيراً".
وتابع: "رغم أن شهر رمضان يجب أن يكون ميموناً ومثمراً ومفعماً بالعبادة والسعادة، إلا أننا نقضيه في كابوس لأنني لا أستطيع حتى إطعام أطفالي".
"لا نرى اللحم إلا في عيد الأضحى"
بدوره، قال أحمد إسماعيل وهو من سكان مخيم الأندلس أيضاً، إنه حضر بعض الأشياء المتواضعة لاستقبال رمضان، بسبب غلاء أسعار المواد الغذائية غير المتناسب مع الدخل اليومي.
وأضاف: "كنا نشتري الدجاج للأطفال كل أسبوع، أما الآن فلا نستطيع شراءه، حتى إننا لا نرى اللحوم إلا في عيد الأضحى".
خيم مهترئة وانقطاع المساعدات الإنسانية
من جانبه، أكد عبد العزيز خلف أحد سكان المخيم، أن المساعدات الإنسانية لم تصل إلى مخيمهم منذ 8 أشهر.
وأوضح خلف أن مخيم الأندلس يفتقر إلى جميع الخدمات الأساسية وخاصة المياه، مضيفاً: "الخيام مهترئة، والمواد التموينية لا تأتي، والظروف المعيشية سيئة".
ومعرباً عن العجز الذي يقبع فيه سكان المخيم، قال: "حقيقة لا نعرف ماذا نفعل؟!".
أما رمضان الذي فضل عدم الكشف عن لقب عائلته، قال إنه يقطن مع أطفاله التسعة في خيمة واحدة، مؤيدا كلام جاره عبد العزيز بأزمة المياه في المخيم.
وشدد أن الغلاء الكبير غير المسبوق هو ما يميز بين رمضان الحالي عن شهر الصوم في العام الماضي، مؤكداً افتقار سكان المخيم لأبسط الاحتياجات الأساسية من مسكن صالح للعيش إلى المواد الغذائية الضرورية لإدامة حياة الإنسان.
ويعيش مئات الآلاف من النازحين والمهجرين من قبل النظام السوري في مخيمات بإدلب وشمالي سوريا، وسط ظروف معيشية صعبة، وتزداد معاناتهم سنوياً في الشتاء وعند هطول الثلوج، في ظل شح الوقود وغلاء الأسعار، وانعدام مقومات الحياة.
وتشهد مناطق شمال غربي سوريا، عجزاً هائلاً في عمليات الاستجابة الإنسانية، الأمر الذي يظهر النتائج الكارثية المتوقعة على المدنيين عموماً، والنازحين ضمن المخيمات بشكل خاص خلال فصل الشتاء الحالي.
وبين 2017 و2020، بلغ عدد الفارّين من هجمات النظام السوري نحو مليوني مدني نزحوا إلى الأماكن القريبة من الحدود التركية.