شردت محافظة دمشق آلاف العائلات عبر إزالة البسطات في جسر الرئيس وشارع الثورة والصالحية، وحوَّلت أصحابها إلى عاطلين عن العمل وسط تردي الوضع المعيشي والاقتصادي، عدا انخفاض سعر صرف الليرة مقابل الدولار الأميركي وانعكاساته سلباً على مختلف أسعار السلع الغذائية.
وفي جولة لموقع تلفزيون سوريا بدت شوارع العاصمة دمشق (جسر الرئيس وشارع الثورة والصالحية وغيرها) خالية من كل البسطات التي اعتاد السوريون على رؤيتها دوماً وهي في حالة ازدياد وتوسع جراء بحث أغلب السوريين عن فرصة عمل تؤمن لهم دخلاً ولو بالحد الأدنى.
عائلات في دمشق تخسر مصدر رزقها
وقال رجل خمسيني وهو يسير على جسر الرئيس يدعى أبا عصام للموقع تعليقاً على إزالة البسطات "مابيقدرو غير على هي الناس المتعيشة"، مضيفاً باستهجان بكرى بترجع متل ما كانت وأحسن.
ويوم أمس الثلاثاء بدأت محافظة دمشق بحملة لإزالة البسطات والتعديات على الأملاك العامة في عدة أحياء في المدينة بحجة تسببها بالازدحام والمضايقات لحركة المشاة ومرور السيارات ومختلف الآليات، ما يتطلب إجراءات رادعة بعد ازدياد نسبتها خلال الفترة الأخيرة.
في المقابل يخشى مئات العاملين على هذه البسطات من فقدانهم لمعدات بسطاتهم التي صادرتها المحافظة بحجة أنها مخالفة بعد تنظيم ضبوط بحقهم.
ويقول صالح أحمد، 56 عاماً، وهو صاحب بسطة مواد غذائية لموقع تلفزيون سوريا في حي البرامكة "إن سيارات المحافظة حملّت معدات البسطات ونظمت ضبوط بحقنا على أمل إعادتها لنا فيما بعد"، مشيراً أن ذلك صعب الحدوث خصوصاً في ظل وجود تجارب سابقة لأصحاب بسطات تعرضوا لذات الحالة.
ويوضح الرجل الخمسيني أنه في حال عادت هذه البسطات "سنضطر لإعادة تجهيز قواعد البسطة ومستلزماتها الأخرى من جديد"، وفي حال كان القرار نهائياً نكون "خسرنا عملنا وبتنا مشردين وعائلاتنا".
وإلى جانب عائلة أحمد، خسرت عائلات أخرى مصدر دخلها الوحيد وسط أزمة معيشية واقتصادية، فضلاً عن وقوع أكثر من 90% من السوريين تحت خط الفقر، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، والسبب في ذلك استفاقت محافظة دمشق على استفحال هذه الظاهرة بشكل كبير شوه المشهد الحضاري للمدينة.
بينما يرى أحد أصحاب البسطات المزالة، في شارع الثورة ويدعى وليد، أنه لم يبق لدى محافظة دمشق من مشكلات إلا البسطات وأصحابها، متسائلاً أليس الأحرى بالمحافظة إيجاد البديل لنا قبل تشريدنا؟ ويقول لموقع تلفزيون سوريا "محافظة حلَّت مشكلة البسطات وخلقت مشكلات أخرى ليس لنا فقط، إنما لأغلب السوريين الذين يتسوقون من هذه البسطات التي تبيع بأسعار تناسب قدرتهم الشرائية".
في سوريا.. قرارات عشوائية ضحيتها الفقراء
عدا ذلك، تنتشر في معظم دول العالم أسواق شعبية يومية أو أسبوعية ثابتة ومتنقلة تحت إشراف السلطات المحلية، إلا في سوريا ما تزال القرارات العشوائية والفوضى سيدة الموقف ويذهب ضحيتها الفقراء وذوو الدخل المحدود.
وكان مدير دوائر الخدمات في محافظة دمشق بشار عبيدة قال في تصريحات صحفية إن الحملة لن تنتهي إلا بتلاشي هذه المخالفات، مشيراً إلى أن المحافظة تُجهز عددا من الساحات لوضع البسطات فيها ضمن طلبات يمكن تقديمها على أن يتابع الموضوع خلال الفترة القادمة وتخصص هذه الساحات بشكل مقونن لمختلف البسطات كحلول بديلة.
من جهته، بيَّن محافظ دمشق المهندس طارق كريشاتي، في تصريح صحفي أن مديرية الأملاك تحضر 11 ساحة تفاعلية لنقل كل البسطات المرخصة إليها مع تخصيص باركود رقمي لكل رخصة سواء أكانت لمحال أم لمواقف سيارات أم لأكشاك.
ولايقتصر موضوع إزالة التعديات على البسطات، بل يصل إلى الأكشاك، إذ قال نائب محافظ دمشق المهندس علي المبيض في تصريحات صحفية لموقع محلي "ستتم إزالة كل الأكشاك الموجودة في مدينة دمشق، ووضعها بمناطق محددة وتخصص فقط لأسر الشهداء".
وتشير تقارير اقتصادية إلى أن ظاهرة البسطات في دمشق ازدادت بنسبة 6 أضعاف عما كانت عليه قبل الحرب (بلغ عدها 20 ألف بسطة) بسبب الانهيار الاقتصادي وارتفاع نسبة العاطلين من العمل إلى حدود 60 في المئة.