icon
التغطية الحية

بتمويل إماراتي.. غرفة اقتصاد القصر تستحوذ على قطاع الطاقة الكهروضوئية في سوريا

2024.10.17 | 06:10 دمشق

الزامل يتفقد أعمال الإصلاح في محطة تحويل دير علي - 14 حزيران 2023 (وزارة الكهرباء)
محطة دير علي في ريف دمشق (وزارة الكهرباء التابعة للنظام السوري)
دمشق - محمد كساح
+A
حجم الخط
-A

أفادت مصادر لـ موقع تلفزيون سوريا بأنّ شبكة مرتبطة بالقصر الرئاسي التابع للنظام السوري، استحوذت على قطاع الطاقة الكهروضوئية في سوريا وذلك عبر شركة إماراتية.

وقالت المصادر إنّ النظام السوري توجّه نحو عالم الأعمال، وذلك ضمن مساع للاستحواذ على القطاع الخاص من جهة، وتأسيس مجموعة من الشركات تحت إشراف القصر الرئاسي بعيداً عن تعقيدات العلاقة المركّبة مع رجال الأعمال السوريين من جهة أخرى.

وشركة "إنفينيتي سكاي لايت (Infinity Skylight)" المموّلة إماراتياً بدأت، أواخر العام 2021، بإدارة محطة كهروضوئية في ريف دمشق، وذلك عقب إعلان النظام السوري بأنّ الإمارات وافقت على بناء محطة طاقة شمسية بقدرة 300 ميغاواط في الجنوب السوري.

وسبق أن كشف الرئيس السابق لـ حكومة النظام السوري حسين عرنوس، خلال زيارته لمحطة الكهرباء في "دير علي"، مؤخّراً، عن توقيع مذكّرة تفاهم بين "المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء" وشركة "إنفينيتي سكاي لايت"، بهدف إنشاء محطة كهروضوئية بتمويل من الإمارات.

ما قصة الشركة؟

تأسست شركة "إنفينيتي سكاي لايت" في تموز 2021، حين أصدرت "وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك" في حكومة النظام، القرار "رقم 1852"، صادقت من خلاله على النظام الأساسي للشركة.

وفي 20 نيسان 2022، صادقت الوزارة على تعديل النظام الأساسي للشركة، بالقرار "رقم 1109"، إذ تم التعديل وفقاً لأحكام قانون الشركات الصادر بـ"المرسوم التشريعي رقم 29 لعام 2011"، وعلى أساسه جرى تعديل غاية الشركة.

ووفق التعديل، يحق للشركة استيراد وتصدير المواد المسموح بها، وتجارة اللواقط الشمسية وأجهزة الإنارة والطاقة البديلة، وكلّ الأجهزة الكهربائية ومستلزماتها وتجهيزاتها وقطع تبديلها وصيانتها، وأجهزة الإنارة والطاقة البديلة، والاستثمار وإدارة الاستثمار في مجال توليد الكهرباء بالطاقة الكهربائية،وطاقة الرياح".

كذلك يحق للشركة "تقديم استشارات مالية، عدا الوساطة، وإدارية ودراسات جدوى اقتصادية، ودراسات تحويل الصناعات التي تعمل بالغاز أو الفيول أو الكهرباء التقليدية إلى صناعات بيئية بطاقة الرياح أو الطاقة الشمسية، وإنارة الطرق الدولية وربط المدن السورية بشبكة إنارة تعمل على الطاقة المتجددة، وتقديم دراسات حول المدن البيئية، ودخول المناقصات والمزايدات، وتمثيل الشركات والوكالات العربية والمحلية والأجنبية".

توجّه جديد للنظام السوري

يؤكّد مدير البرنامج السوري في "مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية" كرم شعار، أنّ مالك شركة "إنفينيتي سكاي لايت" الحقيقي هو رئيس النظام السوري بشار الأسد تحديداً.

ويقول لـ موقع تلفزيون سوريا، إنّ "القصة باتت واضحة ومكشوفة، وتؤكّدها شبكة العلاقات التي تربط الشركة ببشار الأسد والتي تبعد عنه نقطة واحدة فقط وهي (يسار إبراهيم) الموظف في القصر الرئاسي".

ولا يمكن اعتبار يسار إبراهيم رجل أعمال حقيقياً، إذ تقتصر كل الشركات التي يديرها على الداخل السوري وتخضع لإشراف مباشر من أسماء الأسد، بخلاف رجال أعمال آخرين مثل محمد حمشو الذي يعمل مع ماهر الأسد، لكنّه بالتوازي يدير نشاطات اقتصادية في الخارج لصالحه الخاص.

وبحسب ترخيص الشركة في الجريدة الرسمية الذي نشره "شعار" على "فيس بوك"، تتكوّن الشركة من ثلاثة مؤسسين هم: علي نجيب إبراهيم (سوري مواليد 1991)، راميا حمدان ديب (سورية مواليد 1981)، رزان نزار حميرة (سورية مواليد 1999).

ويُلاحظ -وفق الشعار- أن المؤسسين الثلاثة مجرّد رجال أعمال وهميين، ليست لهم قيمة، موضحاً أنّ الثلاثة تربطهم علاقة قوية بيسار إبراهيم، موظف القصر المقرّب من أسماء الأسد.

وحول انطلاق الشركة، يشير "شعار" إلى وجود معدات خاصة بها، وهي حالياً مشغّلة لمحطة "دير علي"، وهناك صور لموظفين يرتدون ملابس خاصة بالشركة، ما يؤكّد انطلاقها بشكل فعلي، لكنه يستبعد في المقابل نجاحها في بناء محطة كهروضوئية، مرجّحاً أن يستولي بشار الأسد على مبلغ التمويل لصالحه الخاص، رغم أنّ المشروع ممول من الإمارات.

ويضيف كرم شعار، أنّ "بشار الأسد يتجه إلى تأسيس مجموعة من شركات الواجهة يستطيع من خلالها السيطرة على مفاصل الاقتصاد، فهو لم يعد في حاجة إلى علاقات مركّبة ومعقّدة مع رجال أعمال المحسوبية، كون هذه العلاقات غير مضمونة النتائج".

"القصر الرئاسي يشرف على الاقتصاد"

منذ العام 2022، بات تنفيذ المشاريع الكبيرة تحت إشراف "الغرفة الاقتصادية" في القصر الرئاسي، والتي تشرف عليها أسماء الأسد، وهذه الغرفة، تُسهّل حصول هذه المشاريع على التراخيص والتسهيلات اللازمة لأخذ الشكل القانوني ومباشرة عملها المتمثل في  الاستحواذ على مشاريع من المؤسسات الحكومية تحت مبدأ التشاركية، بحسب ما قال الباحث ومدير منصة "اقتصادي" يونس الكريم.

وأضاف "الكريم" لـ موقع تلفزيون سوريا، أنّ "معظم المشاريع تتم دون إعلانات ومزادات واضحة، بل بالتوافق عن طريق التراضي، أي أنّ هناك شخصيات متنفذة تقف خلفها"، موضحاً أنّ "الحديث عن مشاريع البنى التحتية زاد مؤخراً بالتوازي مع إلغاء فكرة إعادة الإعمار في المرحلة الراهنة، ما يعني أن هذه المشاريع باتت البديل المؤقت".

ولم تنفّذ مشاريع الطاقة المزمع إنشاؤها بشكل حقيقي حتى الآن، بل لا يعدو الأمر مجرد عن دراسات أُعدّت من خلال "الغرفة الاقتصادية" للقصر الرئاسي، بإشراف مباشر من يسار إبراهيم.

وهناك عائقان يقفان أمام تنفيذ المشاريع، أحدهما "قانون قيصر"، الذي يفرض قيوداً على إعادة الاعمار تحت أي مسمى، والثاني هو الحصول على تمويل حقيقي، باعتبار أنّ وعود التمويل لم يتم الالتزام بها، وإن كان هناك تسريبات من قبل النظام بأنّ نقطة انطلاق هذه المشاريع لن تكون ريف دمشق بل طرطوس أو جبلة، وفقا لـ"الكريم".

"مساعي الأسد  للاستحواذ على القطاع الخاص"

علاقة القصر الرئاسي بمشروع الإمارات لبناء محطة الطاقة الشمسية من خلال شركة "إنفينيتي سكاي لايت" وملكية بشار الأسد للشركة المذكورة، تؤكّد فرضية باتت مطروحة بكثرة، وهي وجود مساعٍ لاستحواذ "الأسد" على القطاع الخاص.

ويتفق يونس الكريم مع هذه الفرضية، التي يعتبرها باتت بمنزلة أمر واقع، إذ لم تعد هناك إمكانية متاحة للقطاع الخاص للعمل من دون تشاركية مع مؤسسات النظام، خاصة بعد استحواذ حلفاء النظام (روسيا وإيران)، على أهم القطاعات والموارد والمصانع في سوريا.

ويعتبر "الكريم" أنّ "القطاع الخاص هو المنفذ الوحيد لأمراء الحرب وحلفاء النظام لإجراء عمليات غسيل الأموال الموسّعة، والتي تعد المخدّرات المصدر الأساسي لها، إضافة إلى أموال تجارة الأسلحة".

في ظل استحواذ القصر الرئاسي على مشاريع القطاع الخاص، يستبعد "الكريم" أنّ نشهد انحسار طبقة رجال الأعمال الجدد التي قامت على أنقاض الإمبراطورية الاقتصادية لـ رامي مخلوف، مؤكّداً أن تصفية (براء قاطرجي) على سبيل المثال، لا تتشابه مع إبعاد "مخلوف" عن الشأن الاقتصادي، لأنّ النظام يشترط على رجال الأعمال الجدد عدم الانخراط في الشأن العسكري الذي يخص إيران بوتيرة تتجاوز الخطوط الحمراء، بل على العكس، ستبقى الطبقة الاقتصادية التي شكّلتها أسماء الأسد قوية ومؤثرة بسبب بنيتها الفردية، كما تسعى أسماء إلى إدراج هذه الطبقة كشركاء في تمويل أي حل سياسي.