icon
التغطية الحية

بالجرّافات.. إزالة بسطات الكتب تحت "جسر الرئيس" في دمشق | صور

2024.10.17 | 12:02 دمشق

بسطات كتب جسر الرئيس
إزالة بسطات الكتب تحت "جسر الرئيس" في العاصمة دمشق (متداول)
دمشق - خاص
+A
حجم الخط
-A

فوجئ أصحاب بسطات الكتب الشهيرة تحت "جسر الرئيس" وسط العاصمة دمشق بشاحنات وجرّافات وسيّارات، بدأت بالعمل على تخريب وإزالة البسطات بطريقة وُصفت بـ"الهمجية".

وأفادت مصادر لـ موقع تلفزيون سوريا، اليوم الخميس، بأنّ آليات "محافظة دمشق" باغتت البسطات، أمس الأربعاء، ومنحتهم مهلةً لعدة ساعات فقط من أجل الإخلاء.

وحاول أصحاب البسطات المطالبة بمهلة إضافية لليوم التالي على الأقل، حتّى يتمكّنوا من نقل ممتلكاتهم، إلّا أنّ مطالبهم قوبلت بالرفض، ما أدّى إلى مشاحنات بينهم وبين موظفي "محافظة دمشق".

أحد المتضررين وهو بائع كتب على إحدى البسطات، قال لـ موقع تلفزيون سوريا إنّ "أغلب البائعين لم يستطيعوا التصرف خلال المهلة القصيرة، فبدأت آليات المحافظة بالعمل وملأت الكتب الأرض بشكل مهين، داستها ومزّقتها عجلات الآليات، وصودر ما بقي منها"، مردفاً: "الكتب المصادرة تم وضعها بشاحنات نقل القمامة بمشهد يدمي القلب".

وتابع "كان مشهداً مؤلماً، والخسائر كانت ضخمة جداً.. لم نتوقّع يوماً أن تكون حملة الإزالة بهذا العنف، وكان من الممكن أن نصل إلى تسوية معيّنة أو أن نحصل على مهلة كافية لنقل الكتب بشكل طبيعي".

أحد طلاب كلية الحقوق الذي شهد الحملة، يرى أنّ "إزالة هذه البسطات عبارة عن إزالة ذكرى جميلة، فمثل هذه البسطات موجودة في أغلب دول العالم، وكانت حلاً للكثير من القرّاء في مواجهة غلاء الأسعار".

وأضاف لـ موقع تلفزيون سوريا أنّ "من تعامل مع الكتب بحملة المحافظة لا يدرك أو لا يريد أن يدرك أهمية الكتب التي تمزّقت أو صودرت، هناك كتب نادرة ونسخ وحيدة ليس لها مثيل، فالمكان كان مليئاً بالكنوز، لكن الثقافة والقراءة شيء بعيد كل البعد عن تفكير القائمين بهذه الحملة، لأنّ التعامل كان أشبه بمكافحة بسطات مهربات ومنوعات".

"المحافظة تراهم من كبار التجار"

هذه المرة هي الأعنف التي تحاول فيها "محافظة دمشق" إزالة بسطات الكتب من تحت "جسر الرئيس"، حيث تعرّض أصحاب البسطات، عام 2019، لتهديدات متتالية بالإخلاء، وقال حينذاك عضو المكتب التنفيذي في "المحافظة" لشؤون التخطيط والإحصاء فيصل سرور، إنّه "يمكن لأصحاب بسطات الكتب الانتقال إلى نفق العدوي أو نفق آخر قريب من ساحة العباسيين ومن دون دفع أي ضرائب، لكنهم رفضوا، وقبل الحرب عرضت عليهم نفق البيطرة مجاناً ورفضوا أيضاً".

وأضاف "سرور" -بحسب ما نقلت صحيفة "تشرين" المقرّبة من النظام- أنّ "جميع أصحاب بسطات الكتب وعددهم 11 فقط وأسماؤهم موثقة لدى المحافظة، حاصلون على قرار من المكتب التنفيذي بالنقل، لكن المحافظة غضّت البصر عن توسّعهم مؤخراً تحت جسر الرئيس، نظراً للظروف المعيشية الصعبة".

وفي العام 2018، كان هناك تصريح أثار الجدل لـ"سرور"، قال فيه إنّ "85% من أصحاب البسطات ليسوا فقراء، بل من التجار الكبار، ويشغّلون الفقراء على بسطاتهم".

"سبب الحملة هو مشروع تأهيل الجسر"

بحسب مصدر في "محافظة دمشق"، فإنّ قرار إزالة بسطات الكتب بحزم هذه المرّة سببه "البدء بتأهيل منطقة جسر الرئيس وتحويله إلى مكان حضاري بدلاً من المشهد الحالي والروائح الكريهة التي تصدر من أسفله"، مشيراً إلى أنّ "أصحاب البسطات أنذروا مراراً وتكراراً لكنهم لم ينفذوا الإخلاء".

وأضاف المصدر -فضّل عدم كشف اسمه" لـ موقع تلفزيون سوريا، أنّه "يمكن لأصحاب البسطات العودة بعد التأهيل لكن ضمن أكشاك خاصة مرخّصة وبشكل أكثر حضارية من الشكل الحالي وبمكان نظيف يليق بهم وبمهنتهم".

وفي نهاية العام الفائت، كشف مدير الدراسات الفنية في "محافظة دمشق" معمر الدكاك، أنّه مع بداية أو منتصف العام الجاري 2024، سيؤهَّل "جسر الرئيس" باعتباره نقطة حيوية في المدينة، إلى جانب حاجته إلى إعادة التأهيل والصيانة، خاصة المرافق العامة ودورات المياه.

وعن بسطات الكتب، قال "الدكاك" حينها لإذاعة "شام إف إم" المقرّبة من النظام، إنّه "حفاظاً على مهنة بيع الكتب والقراءة، ستُخصّص المحافظة مساحة في إحدى الزوايا تحت الجسر للبسطات على شكل طابقين أرضي وأول، مقابل استثمار مادي من أصحابها وبأسعار رمزية، كما ستستثمر الحديقة المقابلة للجسر بوضع شاشات لخدمة الطلاب، وتقديم خدمات ذكية".

وأشار "دكاك" إلى أنّ الكلفة المبدئية لهذا التأهيل تقدّر بنحو 6 مليارات ليرة سوريّة، مضيفاً أنّ "المشروع سيتضمن إعادة تأهيل كاملة تشمل الأرصفة والأطاريف وأعمال التزفيت، إضافة إلى وجود مرافق خدمية (حمامات) ومقاعد للجلوس ولوحات دلالة لتوزيع خطوط النقل وإنارة المكان وإصلاح الأجزاء التالفة".

ويرى كثير من الناشطين أنّ إزالة بسطات الكتب -التي نُقلت، عام 2003، من فوق "جسر الرئيس" عند جامعة دمشق إلى تحت الجسر- "لم يكن مجرّد قرار إداري، بل كان ضربة موجعة لاقتصاد عائلات كثيرة اعتمدت على هذه المهنة كمصدر رزق، كما أنّ العاصمة فقدت بذلك مصدراً مهماً للكتب وبأسعار معقولة، ما قد يؤثّر سلباً على فرص القراءة والتعلم لدى شريحة واسعة من المجتمع في دمشق".